DELMON POST LOGO

المزعل في "سقف البنفسج": لمجتمع منافس ينبغي تطوير التعليم ونشر الديمقراطية ومكافحة الفساد

د. الموسوي: فلسطين ليست على الأجندة العربية!

ناقش فريق سقف البنفسج التابع لجمعية البحرين الاجتماعية والثقافية في لقاء عُقد في مقهى 7 تي أمس (الإثنين) كتاب "النقد الذاتي بعد الهزيمة" للدكتور صادق جلال العظم، تحت إشراف الدكتورة شرف المزعل ورئاسة الأستاذة نوال السيد.

وينطلق الدكتور العظم في دراسته من رجاء «أن يكون التفكير العربي الواعي قد وصل إلى مرحلة تجاوز فيها اعتبار النقد مجرد عملية تجريح أو تعداد لعيوب ومثالب ونقائض لا تنتهي».

وعالج الكاتب مسائل متعددة لاستخلاص العبر من هزيمة 1967 منطلقًا من المسألة الأولى التي تتعلق الأساليب المختلفة التي حاول بها الكثيرون التنصل من مسؤولية الهزيمة، وإلقاء تبعتها على الغير، أو على ظروف خارجة عن إرادتهم أو أكبر منهم.

ويتطرق الدكتور العظم لبحث هذه الأساليب وتفنيدها بغرض كشف أي اتجاه يخفف من مسؤولية الأوضاع العربية باصطناع الأوهام وخداع النفس والبحث عن المحاذير غير الحقيقية، باعتبار ذلك من شأنه عدم إدراك حقيقة المرض، ومن ثم عدم تشخيصه تشخيصًا سليمًا يتيح فرص العلاج وعدم تكرار ما حدث مرة أخرى.

ونظم الكاتب هذه الأساليب في وصف حرب يونيو مع "إسرائيل" بأنها عدوان، وعدوان اعتمد على عنصر الغدر والمفاجأة.

ويدعو العظم إلى الوقوف وتمحص هذه الأوصاف ومطابقتها للواقع، فقيام "إسرائيل" أصلًا كان عدوانًا على الأراضي العربية والسيادة الفلسطينية، وهذا العدوان قائم منذ زمن طويل، وهو لم تتغير طبيعته؛ لأن "إسرائيل" لا تزال قائمة، والعرب في حالة حرب دائمة مع إسرائيل منذ عام 1948، وهذه الحالة أيضًا لم تتغير لأن أسبابها لا تزال موجودة؛ لذا هذا التصور الواهم للحرب يغفل أبسط مبادئ الحرب الحديثة وهو الاعتماد على الهجوم المفاجئ.  

وأردف الدكتور العظم للأساليب السابقة إزاحة المسؤولية جملةً وتفصيلًا وإسقاطها على الاستعمار، ويتساءل العظم: "ألم يكن العرب واعين تمام الوعي أن (إسرائيل) مرتبطة ارتباطًا عضويًا ووثيقًا بالاستعمار؟ ألم تفصح الولايات المتحدة ـ بما لا يدع مجالاً للشك ـ عن نواياها نحو العرب ومدى استعدادها لدعم (إسرائيل) والمحافظة عليها؟ فكيف تلام الذئاب إن هي تصرفت تصرف الذئاب؟"، كما يتساءل.

ولعلاج عوارض هزيمة 1967، يضيف الكاتب التعليل الشائع جدًا الذي يُنسب الهزائم العربية في وجه "إسرائيل" إلى سيطرة الصهيونية الدولية على العالم بأسره عبر قاعدة "تضخيم قوة العدو".

المناقشات

من جانبها، اعتبرت المزعل أنَّ الدكتور العظم أحد الكُتَّاب القلائل الذي طلب النقد الذاتي بعد هزيمة 1967 فأجاده، والكثير اعتقد بإطروحاته وفي المقابل تمَّ انتقاده بشكل عكسي نظرًا إلى صراحته، وسردت المزعل بإيجاز تاريخ إنشاء الدول العربية بعد اتفاقية سايكس بيكو، مسلطةً الضوء على أمنية العرب إنشاء مملكة عربية تضم مصر والعراق وسوريا والأردن والحجاز جنبًا إلى جنب مع تأييد الضباط الأحرار في مصر والمهدويين في السودان والسنوسي في ليبيا، واليمن الذي كان آنذاك جزء منه يعاني من الاستعمار البريطاني والجزء الآخر من الدولة العثمانية، لكن جاءت كارثة هزيمة 1967 لتقضي على كل تلك الأحلام.

ولفتت المزعل إلى عوامل أخرى للهزيمة منها تجنيد جنود أميين وغير مدربين وغير كفوئين في القتال، والشعارات أكبر من الواقع.

هذا، وتداخل نادر عبدالإمام بالإشارة إلى أنَّ "حرب 1967 حطمت كل الآمال بعد أن كانت الثقة أكبر من اللازم بالجيش المصري والإعلام المصري وتحديدًا أحمد السعيد في (صوت العرب)".

وشرح نادر مصطلح "الفهلوة" بأن تكون "قابلًا لكل الاستعمالات وهو ما لا يكون؛ فالقائد الضرورة لا يعي كل شيء، كما من الضروري الابتعاد عن نمط التفكير السائد بدراسة الوضع الحقيقي واتباع أفضل البدائل وعدم الاعتماد على  المعجزات، وعدم التفكير في (العمل ما لدينا والباقي على الله) بعمل التكليف فقط".

بدوره، قال يوسف الشيخ إن الهزيمة حسب العظم جاءت "بسبب انهزام الناس، والمجتمعات بسبب الانسداد الثقافي والعلمي والاقتصادي، والواقع لم يتغير لحد الآن؛ لا ديمقراطية ولا إستراتيجية".

أما عبد النبي حسين فلفت إلى أن العظم "اتخذ من الاشتراكية العلمية مبدأ ومعيارًا لتحليلاته"، وأشار إلى أنَّ المجتمع العربي "متخلف ويؤمن بقيادة عبدالناصر وهو منشغل في حرب اليمن والتهديد الداخلي والحياة الداخلية الصعبة، بينما المجتمع الإسرائيلي متقدم لديه خطة وإستراتيجية"، حسب مداخلته.

هذا، وأكد محمود الموسوي أنَّ "كل حاكم عربي لديه أجنداته الخاصة ولا يريد خسارة الحكم بسبب فلسطين، ولن تتحرر هذه البلد إلا بيد أهلها".

وقال عبدالشهيد احمد إنه من غير المسموح للعرب الاستقلال السياسي و الاقتصادي، والعلاقة مع أوروبا مصلحية، مستشهدًا بالسابع من أكتوبر حين هبت كل الدول الأوروبية وأميركا لنجدة "إسرائيل"، حاثًا على ضرورة الأخذ بالتحول الحقيقي بوجود الديمقراطية.

فيما فرَّق الدكتور نعمان الموسوي بين النكبة والهزيمة، "فالنكبة هي بسبب عوامل غير بشرية مثل الإعصار أو الزلزال، عكس الهزيمة التي عادة ما تكون من أسباب ذاتية وليست موضوعية بالضرورة وهو تحليل معتمد على نظرية الاشتراكية العلمية في تحليل التاريخ"، مستدركًا: "لكن من المهم أن نعرف أنه لا يكفي أن تنتصر، بل أن تقضي على المقاوم أو بقايا المهزومين وهذا لم يحدث، والدليل أحداث 7 اكتوبر خير برهان عليها".

وواصل: "هزيمة 1967 حدثت بسبب بنية اجتماعية عربية ضعيفة، فكان عبدالناصر المقاوم للاستعمار بحركته القومية العربية ردَّ فعل ضد الاستعمار غير أنَّ الدعائم العربية لم تفلح في مساعدة مصر وناصر في المواجهة؛ لأن المجتمع العربي فاسد وبدون ديمقراطية، بالاضافة إلى تفكك الدعامة العربية".

واختُتِم النقاش بتساؤل: "ما العمل؟"، ليتفق المتداخلون على أهمية تطوير التعليم النظري والعملي والمهارات ونشر الديمقراطية في الوطن العربي وتعبئة الناس نحو العلم وعدم الاعتماد على الما ورائيات لتسيير الدول العربية.