تعزيز وتطوير المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار بتطوير التجارب الديمقراطية في بلدان المنطقة ينعكس إيجاباً على أوضاع المرأة
يمنع قانون الجمعيات الأهلية مؤسسات العمل الأهلي بمن فيها النسائية من العمل في السياسية ويسمح للمجلس الأعلى للمرأة
اوجزت الباحثة فوزية مطر في ختام ورقتها المقدمة في المنتدى الفكري التاسع لجمعية المنبر التقديم بعدد من الاستنتاجات تحققت على ارض الواقع وساهمت في تقدم أوضاع المرأة ونيل حقوقها وتعزيز مشاركتها في التنمية المستدامة بالمجتمع البحريني ،وهي استنتاجات مترابطة قد يفضي أحدها للآخر، اوجزتها في التالي:
- الراصد للبنود التي تحفظت عليها مملكة البحرين في اتفاقية السيداو، وكذلك لمواد وبنود بعض القوانين المحلية التي تطالب الحركة النسائية بتعديلها سيلمس أنها ذات علاقة بموقف المؤسسة الدينية وتحفظها على هذا أو ذاك من تلك المواد والبنود.
- منذ بدايات القرن العشرين أخذت البحرين بأسس بناء الدولة المدنية وتميزت بذلك خليجياً، وبرغم إنشاء القضاء المدني منذ أواخر العشرينيات الماضية ظلت جوانب في القضاء والتشريع تتداخل فيها الصلاحيات بين الدولة والمؤسسة الدينية خاصة فيما يتعلق بأوضاع المرأة وحقوقها. وبتقديرنا لن تنصف المرأة قانوناً ولن تسن وتعدل بنود القوانين المجحفة بحقها في ظل التداخل المذكور. وعليه فالمطلوب عدم إطلاق يد المؤسسة الدينية في الشأن القانوني وتعزيز دور القوانين المدنية فيما يخص قضايا المرأة وحقوقها.
- سن قوانين أو تعديل قوانين بما ينصف المرأة البحرينية ويعزز حقوقها ذو علاقة بالعاملين الاقتصادي والجيوسياسي، وذلك لارتباط البنية الاقتصادية والمالية في مملكة البحرين بالحيز الجغرافي الخليجي الذي يضمها.
- دور المرأة الذي حقق قفزات ملموسة مؤخراً في كافة المجتمعات الخليجية يمدنا بالأمل بحاجة هذه المجتمعات للمضي قدماً في تعزيز الدولة المدنية وترسيخ أركانها بسن القوانين المنصفة للمرأة.
- ملف حقوق المرأة وسن قوانين منصفة لها وتعديل أخرى شأن خليجيٌ عام حان الوقت ليوضع على جدول عمل مجلس التعاون الخليجي.
- الأهمية القصوى والدور الحاسم للإرادة العليا والقرار الرسمي من صاحب القرار، ولنا في ذلك مثلٌ فيما جنته المرأة البحرينية من حقوق مع انطلاق المشروع الإصلاحي لجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة. ومثلٌ آخر فيما تجنيه المرأة السعودية في السنوات الأخيرة من حقوق وتبلغه من إنجازات.
- تعزيز وتطوير المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار بتطوير التجارب الديمقراطية في بلدان المنطقة، ينعكس إيجاباً على أوضاع المرأة ويعزز حقوقها.
- تعزيز الثقة وسبل التعاون والتكامل بين الجهود النسائية الرسمية والأهلية وتطوير التنسيق بينهما.
وتناولت فوزية مطر في ورقتها التي كانت بعنوان (المرأة البحرينية في المرحلة الراهنة (مطلع الألفية الثالثة) الإنجازات والتحديات ، الى
أوضاع المرأة البحرينية خلال المرحلة الراهنة (الربع الأول من القرن الأول من الألفية الثالثة). والاهتمام بهذه المرحلة نابع من عمق المتغيرات الإيجابية التي طالت أوضاع المرأة البحرينية والقفزات التي حققتها خلال هذه الفترة القصيرة والإرادة الرسمية في التوجه نحو ذلك، بحيث يمكننا اعتبارها إحدى أهم المحطات في نهوض المرأة البحرينية.
تلقي الورقة بداية وبشكل سريع ومختصر نظرة تاريخية خاطفة على أوضاع المرأة البحرينية خلال القرن العشرين من حيث الواقع، النهوض، الإنجازات والمعوقات، فتتناول الموروث الثقافي ودوره في تكريس تخلف المرأة، وموقع المرأة في الأسرة والمجتمع. ثم الانتقال لمجالات نهوض المرأة والعوامل المعززة والمعيقة في ذلك، واستعراض سريع لدور الحركة النسائية في النهوض بالمرأة والمطالبة بحقوقها خلال المرحلة المذكورة.
وركزت الدراسة التي تتكون من 13 الف كلمة على أوضاع المرأة البحرينية في المرحلة الراهنة، مطلع الألفية الثالثة، وتناولت التالي:
- ما تحقق على الصعيد الرسمي ويشمل: الحقوق السياسية ومراكز اتخاذ القرار، معاهدات ومواثيق دولية لحقوق الانسان انضمت لها وصدقت عليها مملكة البحرين، القوانين والتشريعات والأوامر الملكية واللوائح والقرارات الرسمية الصادرة المعززة لحقوق المرأة، تأسيس المجلس الأعلى للمرأة والدور الذي يؤديه.
- نهوض المرأة البحرينية واتساع دورها التنموي في المجتمع ويركز على: اتساع تعليم المرأة، عمل المرأة وتعاظم دورها في التنمية الاقتصادية.
- المؤسسات النسائية الأهلية ودورها (الاتحاد النسائي البحريني والجمعيات النسائية).
- التحديات والمعوقات الماثلة وسبل تجاوزها وتشمل: القصور في الوعي الأسري والمجتمعي بكيان المرأة الإنساني وحقوقها، استكمال المظلة القانونية لحماية حقوق المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين، عمل المرأة، تعليم المرأة، واقع مؤسسات العمل النسائي الأهلية والعلاقة بين المجلس الأعلى للمرأة والاتحاد النسائي البحريني.
وشملت الدارسة نظرة تاريخية على أوضاع المرأة البحرينية خلال القرن العشرين من حيث الموروث الثقافي ودوره في تخلف المرأة منذ عصور الإسلام الأولى ودور الدين في تلك العملية ، وموقع المرأة في الأسرة والمجتمع وارتهانها للأعراف والتقاليد المجتمعية وتضافرت في تكريسها حزمة من الموروثات الثقافية الدينية والقبلية ،والذي أدى الى تكريس دونية المرأة ، وعزل الأنثى من حيث تقييد حركتها ، وممارسة العنف ضد المرأة ، مرورا بمحطات نهوض المرأة البحرينية خلال القرن العشرين.
اذ خصصت الورقة وضع المرأة في فترة الثلاثينات والاربعينات منذ بدء التعليم ودورها في فترة الخمسينات ، والخمسينيات (بدايات الحركة النسائية البحرينية) ، ومرحلة الستينيات والسبعينيات (المرأة البحرينية في قلب الحراك والعمل السياسي).وعشية السبعينيات ومع تبلور التوجهات نحو إعلان استقلال البحرين وتنامي الحركة السياسية، إلى جانب انفتاح أفق الحراك المجتمعي العام باتجاه تأطير نفسه في مؤسسات أهلية متنوعة بعد السماح الرسمي بذلك، وتأسست العديد من الجمعيات نسائية الجديدة،وفي الثمانينيات والتسعينيات (الحركة النسائية تنشط في المطالبة بحقوق المرأة) .
وقالت في ورقتها بان المرأة جنت ثمار نصالاتها مع دخول الألفية الثالثة، فمع تولي جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم وطرح المشروع الاصلاحي اتضح التوجه الرسمي نحو دعم نهوض المرأة البحرينية ونيل حقوقها تناغماً مع المسيرة الطويلة التي قطعتها الحركة النسائية خلال أربعة عقود ، وحصلت على الكثير من الحقوق السياسية ومراكز اتخاذ القرار.
بل ونالت المرأة البحرينية حقها السياسي في الانتخاب والترشح للانتخابات النيابية والبلدية وشهد عام 2004 تعيين أول وزيرة في تاريخ البحرين، وفي 2006 عينت أول قاضية بحرينية.
وأظهرت احصائيات 2019 أن نسبة تولي المرأة للمناصب القيادية في الأجهزة الرسمية للدولة بلغت 45% وفي المناصب الإدارية المتوسطة 59%. وبلغت نسبة النساء العاملات في السلك الديبلوماسي 32% من اجمالي العاملين في وزارة الخارجية.
وتنامى عمل المرأة في القطاع العام والخاص ووصلت مشاركتها في بعض القطاعت 39%، وسنت الدولة العديد من القوانين لحماية بشكل عام والمرأة العاملة ، ومثلت الاناث ما نسبته 52 % من اجمال الطلبة الابتدائي و50 % بالاعدادي و60 % بالثانوي و64 % من الخريجيين ، وشملتها في الإسكان والضمان الاجتماعي وسنت قانون الاسرة.
توجت الدولة دعم المرأة بتاسيس المجلس الأعلى للمرأة عام 2001، والذي حقق العديد من المطالب التي كانت الجمعيات النسائية تطالب بها منذ عقود.
وفي حين حرم القانون القطاع الأهلي النسائي من النشاط السياسي، تمكن المجلس الأعلى للمرأة بصفته الرسمية وصلاحياته أن يخوض مجال المشاركة السياسية للمرأة فيضع وينفذ برامج التدريب والتمكين السياسي لمترشحات الدورات الانتخابية للمجلس النيابي والمجالس البلدية.
ومع بدء الانفراج السياسي تمت الموافقة على تأسيس الاتحاد النسائي البحريني ومجموعة من الجمعيات النسائية الجديدة وكانت العلاقة بين المجلس الأعلى للمرأة والاتحاد النسائي البحريني علاقة تنسيق وتعاون.
وأشارت الى بعض المعوقات لاتزال موضع جدل ونضال لتحقيق العديد من الإنجازات للمرأة منها تحفظات الحكومة على اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة ، وكذلك التحفظات في اتفاقية البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة ، والمطالبة بتعديلات على قانون الجنسية لسنة 1963 ( حيث
لا تتمتع المرأة البحرينية بالحق نفسه الذي يحوزه الرجل بنقل جنسيته لأطفاله وزوجته تلقائياً ).
، وبعض المثالب على قانون الأسرة ، ومع قانون الحماية من العنف الأسري التي تم سنه عام 2015 ، لاتزال المرأة تعاني من العنف الاسري ، وبعض المثالب في قانون العقوبات خصوصا المادة 244 (تنص على عقوبة السجن المؤبد لأي شخص يعتدي جنسيا ً على المرأة دون رضاها. وتكون العقوبة الإعدام أو السجن مدى الحياة إذا كان سن الضحية أقل من 16 عاماً، إلا أنّ المادة 353 من قانون العقوبات البحريني رقم 16 لسنة 2017، تعفي الجاني من العقوبة في جرائم الاغتصاب أو الاعتداء الجنسي أو الأفعال المخلة بالآداب من الملاحقة الجنائية إذا تزوجت الضحية الجاني.) ، والانتقادات التي رفعها المجتمع المدني ضد قانونا الجمعيات الأهلية ومباشرة الحقوق السياسية (
(يمنع قانون الجمعيات الأهلية مؤسسات العمل الأهلي بمن فيها النسائية من العمل في السياسية، مما يعيق مشاركة فاعلة للمرأة في العملية السياسية. وحول مباشرة الحقوق السياسية فقد صدر قانون رقم (25) لسنة 2018 بتعديل المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 2002 بشأن مباشرة الحقوق السياسية. وجاء في المادة 1 من القانون انه يستبدل بنص الفقرة الثانية من المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 2002 بشأن مباشرة الحقوق السياسية النص الآتي: بند (3) يمنع من الترشح لمجلس النواب قيادات وأعضاء الجمعيات السياسية الفعليين المنحلة بحكم نهائي لارتكابها مخالفة جسيمة لأحكام دستور المملكة أو أي قانون من قوانينها.).
ونص القانون رقم (36) لسنة 2018 على تعديل المادة (43) من قانون الجمعيات والأندية الاجتماعية والثقافية والهيئات الخاصة العاملة في ميدان الشباب والرياضة والمؤسسات الخاصة، الصادر بالمرسوم بقانون رقم (21) لسنة 1989، باشتراط أن يكون عضو مجلس الإدارة متمتعًا بكافة حقوقه المدنية والسياسية.
بل وخلال السنوات الأخيرة أصدرت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية تعميمات موجهة لمؤسسات العمل الأهلي بمن فيها النسائية تتضمن جوانب تضييق أخرى على عملها، ونذكر من تلك الجوانب:
- اخضاع مترشحي الجمعيات الأهلية لمناصبها الإدارية للتدقيق الأمني.
- تسليم جميع المنظمات الأهلية كافة المستندات المطلوبة لعقد اجتماع الجمعية العمومية العادية قبل مدة من الموعد المحدد.
- التزام الجمعيات بالرجوع الى الوزارة في كافة العروض التي تقدم اليها من السفارات أو البعثات الأجنبية.
- إعلام الوزارة بشأن أي تغييرات في البيانات الخاصة بالجمعيات الأهلية.
- التزام المؤسسات الأهلية بالإفادة بعنوان المقر وطبيعة العمل وعدم جمع الأموال من دون ترخيص.
- ضرورة حصول الجمعيات الأهلية على ترخيص كتابي من الوزارة قبل جمع المال أو الحصول عليه من أي شخص داخل البلاد. وفي تلك التضييقات ما يتعارض مع المادتين 2 و 22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي وقعت عليه مملكة البحرين.
لذا ترفع مؤسسات المجتمع المدني الأهلية بمن فيها النسائية المطالب التالية:
- إلغاء المادة 18 من قانون الجمعيات الأهلية 1989 التي تنص على منع مؤسسات المجتمع المدني من العمل في السياسية، وذلك من أجل السماح للمرأة بالمشاركة بأدوار فاعلة في العملية السياسية.
- الغاء التعديل الذي نص عليه قانون رقم (25) لسنة 2018 على المادة الثالثة من المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 2002 بشأن مباشرة الحقوق السياسية البند (3) الذي منع قيادات أعضاء الجمعيات السياسية الفعليين المنحلة بحكم نهائي بمن فيهم النساء من الترشح لعضوية مجلس النواب والمجالس البلدية.
- الغاء التعديل الذي نص عليه القانون رقم (36) لسنة 2018 بتعديل المادة (43) من قانون الجمعيات والأندية الاجتماعية والثقافية والهيئات الخاصة العاملة في ميدان الشباب والرياضة والمؤسسات الخاصة، الصادر بالمرسوم بقانون رقم (21) لسنة 1989، بحيث تشترط في عضو مجلس إدارة مؤسسات المجتمع الأهلية أن يكون متمتعًا بكافة حقوقه المدنية والسياسية. وذلك يحرم الناشطات من أعضاء الجمعيات السياسية المنحلة من العمل في إدارة تلك المؤسسات الأهلية.
- المطالبة بالتوقف عن التضييق على عمل المنظمات الأهلية بمن فيها النسائية من قبل الوزارة المعنية.
وعن نظام الحصص النسائية(الكوتا) قالت مطر ، تظهر الإحصاءات الرسمية لسنة 2020 ضآلة موقع المرأة في السلطة التشريعية والقضائية والمناصب العليا، فنسبة النساء في السلطة التشريعية بغرفتيها 19%، ونسبة القاضيات 12%، والوزيرات 4%، ووكيلات وزارة 8%.
ولا تزال الآراء متباينة في مجتمعنا حول تطبيق نظام الحصص النسائية "الكوتا" في مراكز اتخاذ القرار خاصة على صعيد الانتخابات النيابية والبلدية. فالمجلس الأعلى للمرأة لا يدعم تطبيق "الكوتا" النسائية، حيث أكد متحدثون بأعمال المؤتمر الدولي حول "دور المشاركة السياسية للمرأة في تحقيق العدالة التنموية الذي نظمه المجلس الأعلى للمرأة في نوفمبر 2018 أن "مملكة البحرين ليست بحاجة إلى اتخاذ تدابير خاصة "كوتا" لضمان تمثيل النساء البحرينيات في المناصب العليا وهياكل صنع القرار".
بالمقابل يطالب الاتحاد النسائي بتطبيق نظام الحصص النسائية "الكوتا" والتمييز الإيجابي للمرأة داعياً لاتخاذ "التدابير الخاصة المؤقتة بهدف تعزيز مشاركة المرأة في الحياة العامة، ولا سيما في الانتخابات البرلمانية، وانتخابات الهيئات التشريعية الأخرى، والتعيينات في كافة المناصب بمملكة البحرين. إنّ هذه التدابير الإيجابية المؤقتة أو ما يُسمى "بالكوتا" تضمن تحقيق المساواة المجتمعية بين الجنسين من أجل غدٍ مُستدام".