DELMON POST LOGO

المطيري في منتدى الفكر 9 : المرأة في الكويت هي ضحية للمجتمع والدولة والقانون

لا يحصل أبناء الكويتية على جنسية والدتهم ولا على ارثها في حالة امتلاكها عقارًا عند وفاتها

"يحتاج الحراك النسوي في الكويت لاستيعاب هموم و معاناة الغالبية الساحقة من النساء في الكويت باختلاف طبقاتهن الاقتصادية وانتماءاتهن الاجتماعية ويتبناها في طرحه، وتوحيد صفوفه في عمل حزبي منظم يواجه به السلطة الذكورية الممتدة على أصعدة مختلفة، النساء في الكويت ينتمين لمختلف الطبقات والانتماءات الاجتماعية ولكن لا توجد من هي مستثناة من التمييز الحاصل، وكلما نزلنا إلى أسفل الهرم الطبقي نرى أن المشاكل قد تضاعفت، فتجد من تطالب بحق المرأة في تولي المناصب وتمكينها من المشاركة في المعترك السياسي، وفي جهة أخرى من تطالب بحقها في الحياة إذ أنها تفتقر لأبسط مقوماتها لكونها من طبقة متدنية بشكل عام وامرأة بشكل خاص، وما بين هذه وتلك الكثير من النساء باختلاف انتمائهن وهمومهن، إلا أن سببها مشترك وهو كونهن نساء يعشن في مجتمع تطغى عليه هيمنة الرجل، ولا ننسى من هن خارج الصراع، المبعدات عنه قسرًا من يعشن على هامش الحياة، سجينات المنازل أو بالأحرى سجينات السلطة الذكورية والأعراف المتخلفة."
هذا ما استنتجته ورقة الدكتورة شوق المطيري في منتدى الدورة التاسعة لمنتدى جمعسة المنبر التقدمي الفكري السنوي والتي كانت بعنوان "ابرز القضايا التي تواجهها المرأة في الكويت ".
وأشارت في ورقتها الى نبذة تاريخية عن المرأة في الكويت وقالت ، مع إنشاء مجلس المعارف سنة 1936 وبدء التعليم النظامي للمرأة في الكويت سنة 1937 كانت بداية انخراط النساء في الفضاء العام، بعد أن كان التعليم مقتصرًا على الذكور في المدارس النظامية، وكانت أول بعثة دراسية للطالبات سنة 1956 إلى القاهرة، ومع انفتاح الطالبات على المجتمعات العربية والغربية والثقافات الأخرى من خلال التعليم والابتعاث وتزامنه مع حركات التحرر الوطني وصعود المد القومي آنذاك تشكل بعض الوعي لدى النساء وترتب عليه ظهور مجموعات نسائية تطالب بالانخراط في الحياة العامة بشكل أكثر فاعلية مما كان عليه من خلال المطالبة بإنشاء جمعيات ونواد نسائية وقد حدثت حالات فردية وعفوية للتمرد على بعض الأعراف والتقاليد وكان من بينها حرق العباءة من قبل بعض الطالبات المبتعثات.
كانت مرحلة بعد الاستقلال ووضع دستور للبلاد وصدور قانون جمعيات النفع العام نقطة بداية تشكل الجمعيات النسائية في الكويت، ففي عام 1963 تشكلت الجمعية الثقافية النسائية التي كانت تمثل بشكل رئيسي نساء عوائل التجار وتهتم بالعمل الخيري والقضايا العربية وفي قضية تعليم المرأة، وبالعام نفسه انشأت جمعية النهضة العربية النسائية التي كانت تعكس رؤى واهتمامات نساء الطبقة المتوسطة المعنية بقضايا المرأة والأسرة، ولعل أبرز ما ساهمت تلك الجمعية في إنجازه هو مشروع قانون المساواة في الحقوق عام 1973، الذي يطالب بشكل رئيسي بالحقوق السياسية للمرأة وبتقييد تعدد الزوجات، بيد أن التواصل والتعاون ما بين الجمعيتين لم يكن على المستوى المطلوب، وعانت جمعية النهضة من صعوبات ذاتية، مما جعل الحكومة تبادر إلى محاولة دمج الكيانين وتشكيل الاتحاد النسائي الكويتي عام 1974 لكن بقيا مفصولين من الناحية التنظيمية، وبعد ذلك تشكل نادي الفتاة الكويتي عام 1976، وجرى حل الاتحاد النسائي بعد ثلاث سنوات من تأسيسه وتم حل جمعية النهضة في الثمانينات، وفي تلك الفترة الزمنية وكنتيجة لصعود المد الإسلامي في المنطقة ظهرت جمعيات مثل: بيادر السلام وجمعية الرعاية الإسلامية ويمكننا القول أن في هذه المرحلة الزمنية (السبعينات إلى التسعينات) برزت الأصوات المنادية بحقوق المرأة السياسية والمطالبة بتعديل قانون الانتخاب وكانت رغبة السلطة حينها التي عبرت عنها كلمة ولي العهد الشيخ سعد المؤيدة لحقوق المرأة السياسية في الكويت بصيص أمل للكويتيات، وتعالت الأصوات مجددًا وتحديدًا بعد الغزو العراقي حيث برز دور المرأة الكويتية بشكل خاص، وفي الوقت ذاته رغبة السلطة بإعطاء النساء حقهن السياسي وهذا ما تمثل بإصدار أمير الكويت مرسومًا أعطى النساء حقهن في الاقتراع و الترشح لكنه قوبل بالرفض من قبل مجلس الأمة ومحاولات عدة أخرى جميعها أسقطت لأسباب ذاتية وموضوعية مختلفة، منها طبيعة المجتمع، والأغلبية المحافظة في البرلمان والاختلافات بين الأوساط النسائية نفسها، بل أن البعض منهن رأى بأنه من المبكر المطالبة بحقوق المرأة السياسية آنذاك، ولكن وبالرغم من العوائق إلا أنه كانت هناك محاولات نسائية مستمرة للدفع باتجاه نيلهن حقوقهن السياسية مثال على ذلك: إضراب موظفات عن العمل في التسعينات، وإنشاء النساء مكاتب اقتراع افتراضية في انتخابات 2003 سمحت للنساء بالإدلاء بأصواتهن، واعتصام ناشطات في بداية الألفية الثانية، حتى تحقق ذلك المطلب في 17 مايو 2005 وفي إطار حملة مجتمعية للمطالبة بحق المرأة السياسي الذي كان نتاج حراك مجتمعي إنخرطت فيه مجموعة من القوى الوطنية ممثلة في: الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية - قائمة الوسط الديمقراطي (جامعة الكويت) - قائمة الوحدة الطلابية ـ للطلبة المبتعثين في الولايات المتحدة الأمريكية - المنبر الديمقراطي الكويتي - التحالف الوطني الديمقراطي.
ولقد كان الدور الأبرز في قيادة هذا الحراك هو للمجاميع والأفراد البرجوازيين من القوى الوطنية، حيث أبدوا اهتمامًا خاصًا في تصدر القضية وتدويلها خارجيًا، والجدير بالذكر أنه كان هناك ضغوطات أمريكية على السلطة في الكويت وهو ما دفع بعض النواب الإسلاميين برفض ومهاجمة الحملة متعذرين برفضهم التدخلات الخارجية ومعارضتهم لها ما هي إلا معارضة لتغريب المجتمع، وشارك في هذا الحراك شخصيات نسائية منفردة من التيارات الإسلامية السنية والشيعية مثل: الدكتورة عروب الرفاعي من الحركة الدستورية الإسلامية (الاخوان المسلمين) والأستاذة خديجة المحميد (من تيار إسلام سياسي شيعي)، توسع حراك المطالبة في حق المرأة السياسي ليصل إلى فئات أوسع ولكن حلقة التنسيق لم تتعدى المجاميع والأفراد البرجوازية من القوى الوطنية، ومن بعد إقرار حقوق المرأة السياسية اتجهت المجاميع البرجوازية لمسألة تمكين المرأة من المناصب القيادية على حساب القضايا الاجتماعية الأخرى، واستمر نشاطهم بشكل آخر تمثل في استغلال النفوذ والعلاقات لتمكين قلة من النساء من مناصب قيادية حكومية، بالرغم من نيل المرأة حقوقها السياسية إلا أن النساء لم يوفقن بالوصول للبرلمان في الانتخابات النيابية في العامين 2006 و 2008 وفي نظامين انتخابيين مختلفين، وبعد مرور 5 سنوات من إقرار حقوق المرأة السياسية تصل أربع نساء الى مجلس الأمة في الانتخابات الثالثة عشر في البلاد، والجدير بالذكر أنه ما زال التمثيل النسائي في الانتخابات النيابية وبعد مرور أكثر من عقد على تغيير قانون الانتخاب ضعيفًا مقارنة بالنواب الرجال، ولعل ذلك يرجع أولاً إلى طبيعة المجتمع ذي الطابع الأبوي الذي يعطي الأفضلية للرجل على المرأة في كل المجالات، وهيمنة الطبقة الاجتماعية والاقتصادية البرجوازية على مخرجات الانتخابات وعدم وجود حد أعلى للانفاق على الحملات الانتخابية مما يقلل من حظوظ الكثيرين، وانعدام الحياة الحزبية المنظمة ما يعزز من الالتفاف حول القبيلة والطائفة وحظوظ المرأة قليلة في هذه الكيانات التي في معظم الأحيان ما تعارض خروج المرأة في الفضاءات العامة لأسباب اجتماعية و دينية، والنظام الانتخابي الحالي الذي يعطي أفضلية للأفراد ذوي المعارف والعلاقات الاجتماعية الممتدة إذ أن المرأة كانت وما زالت إلى حد ما معزولة في المجتمع، ولا ننسى ضعف الخبرة النسائية في معترك السياسة إذ أنها كانت مجالاً حكرًا للرجال لأكثر من ستين عامًا، وأيضًا يمكننا إضافة ضعف التعاون والتنسيق ما بين الجماعات النسائية المختلفة المتواجدة في الفضاءات العامة والناشطة في المجال السياسي، ذلك أن غالبيتها جماعات نخبوية ذات طابع طبقي برجوازي لا تمثل أغلبية النساء في المجتمع باختلاف طبقاتهن وتنوع همومهن واهتماماتهن.
أبرز قضايا المرأة الكويتية:
يمكننا القول أن المرأة في الكويت هي ضحية للمجتمع والدولة والقانون، ففي حين تعتقد المرأة أنها على قدر متساوٍ من المواطنة مع الرجل بناء على الدستور الذي أوضح ذلك في العديد من مواده ولعل أبرزها المادة 29 التي تنص بشكل صريح وواضح على أن "الناس سواسية في الكرامة الإنسانية وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين" إلا أنها تجد نفسها مواطنة من درجة أدنى في العديد من القوانين والمعاملات اليومية، على سبيل المثال: المادة الثانية من قانون الجنسية التي تحرم المواطنة من تمرير جنسيتها لأبنائها إسوة بالمواطن الرجل، حيث لا يحصل أبناء الكويتية على جنسية والدتهم، ولا على ارثها في حالة امتلاكها عقارًا عند وفاتها، ويكون بقاؤهم في البلد مرتبطًا بتجديد إقامتهم، ولعل ذلك أبرز ما يؤرق المواطنة الكويتية المتزوجة من غير كويتي، وهذا ما يجعل المرأة الكويتية مقيدة بخياراتها فيما يتعلق باختيار شريك الحياة، وعليها التنازل عن بعض الحقوق على عكس الرجل الكويتي الذي باستطاعته تمرير جنسيته لأبنائه وزوجته في حال زواجه من غير كويتية.
من ناحية أخرى وعلى فرض تساوي المرأة والرجل أمام القانون بشكل مجرد، نجد أن المرأة الكويتية لا أهلية لها في بعض المواد في قوانين مثل قانون الجزاء، وقانون الأحوال الشخصية، إذ أن قانون الجزاء الكويتي في مادته 182 يسقط عقوبة خاطف المرأة في حال زواجه منها زواجًا شرعيًا بشرط موافقة وليها متجاهلاً وضع المرأة النفسي ورغبتها الشخصية نازعًا عنها أهليتها وحقها في الموافقة على هذا الارتباط من عدمه، أما في المادة 153 من قانون الجزاء التي تعاقب الرجل مدة لا تتجاوز السنتين في حال قتله لزوجته أو ابنته أو أمه أو أخته إذا ما فاجئها في حال تلبسها بالزنا، المادة التي تنافي الدين والمنطق ولا تتماشى مع الزمان والمكان إذ أنها مستندة على فكرة متخلفة في الأساس تعطي اعتبارًا غير مبرر لمشاعر الرجل وغضبه على حساب أمن وحياة المرأة.
أما عندما يكون الحديث عن قانون الأحوال الشخصية تجد المرأة نفسها في حيرة من أمرها فهل هي مواطنة كاملة الأهلية القانونية في نظر الدولة ومؤسساتها أم أنها تابع لرجل ولي عليها؟  فعلى سبيل المثال المرأة التي وصلت للوزارة و القضاء في الكويت لا تستطيع تزويج نفسها من غير موافقة وليها ولا تحصل على الوصاية على أبنائها في حال وفاة زوجها.
ليست القوانين والتشريعات فقط من يظلم المرأة في بعض الأحيان، إنما النظرة المجتمعية الدونية للمرأة، التي تعطي الحق للرجل في الهيمنة والوصاية عليها والأعراف السائدة ذات الطابع الذكوري التي هي أشبه بقوانين غير مكتوبة لها ذات القوة والأثر في ظلم المرأة والتضييق عليها في شتى مجالات الحياة، وتعاني كل امرأة منها باختلاف طبقتها وانتمائها الاجتماعي، هذه الأعراف هي التي تمنع المرأة من التمتع بولاية صحية كاملة على جسدها وهي من تمنع المرأة المطلقة أو الأرملة من إيجاد سكن مناسب، إذ أن المجتمع لا يعتبرها هي وأبناءها أسرة بدون رجل، وهي التي تسلب حق المرأة في حال تقدمها ببلاغ ضد عنف مما يجعل المطالبة بحقوق سياسية وقانونية ترفًا مقابل أمننا والحفاظ على حياتنا كنساء.
و مع أن الكويت طرف في العديد من المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان إلا أن في الكويت ما يقارب 200 ألف شخص من الكويتيين البدون يعيشون على هامش الحياة دون أدنى حقوق وبالأخص النساء منهن اللاتي يعانين من ظلم مضاعف كونهن نساء وبدون، ويتجلى التمييز بينهن في الرواتب وإجازات الوضع والأمومة مقارنة بالمواطنة الكويتية وهذا ما ينطبق على المرأة العاملة الوافدة في الكويت.
 تحديات تحول دون تكوين تيار نسائي منظم:
بعد أن أصبحت المرأة وزيرة في الدولة ونائبة في البرلمان، شهدت فترة الحراك في الكويت المطالب بإسقاط رئيس الوزراء بروز المرأة كمعارضة سياسية وناشطة في مجال حقوق الإنسان بوجوه مكشوفة وأسماء معروفة، وكان لهن حضور في الاعتصامات والندوات وفي الفضاء العام.
ومع انفتاح المجتمع على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة برزت المرأة بشكل كبير في مجالات عديدة، وأصبح حضورها ملحوظًا في الفضاءات العامة، وتفاعلها مع قضايا المجتمع المختلفة وقضايا النساء بشكل خاص من خلال المشاركة في الاعتصامات والوقفات المطلبية والاحتجاجية، وتنظيم الحملات الإلكترونية التي تطالب بوقف العنف ضد المرأة وأخذ بلاغاتها بجدية والمطالبة بتفعيل دور إيواء للمعنفات، والتصدي لهجوم التيار الديني على المرأة و مستحقاتها، لكن ومع ذلك ما زالت المرأة تفتقر لوجود حركة نسائية منظمة تمثل هموم وقضايا النساء في الكويت، ولعل أبرز ما يحول دون تشكل ذلك هو الطابع البرجوازي الذي يطغى على الجمعيات والشخصيات النسائية الأبرز في المجتمع إذ يحملن هموم وقضايا مختلفة وإن تقاطعت قضاياهن مع الكثير من النساء، إلا أن أغلب نساء الطبقة العاملة والفئات الاجتماعية المهمشة تركن دون تمثيل منظم يهتم بشؤونهن وقضاياهن، وجراء كون الكثير من نساء هذه الطبقة ينتمين إلى قبائل أو عوائل محافظة ومتزمتة دينيًا يكون الظهور العلني سواء في مواقع التواصل الاجتماعي بأسماء معروفة وهويات واضحة أو الانخراط في الحياة السياسية والانضمام لحركات نسائية ليس بالأمر السهل، بل بإمكانه أن يكلف المرأة منهن حياتها، فتختار مضطرة أن تكون مشاركتها محدودة وأحيانا بأسماء مستعارة، وهذا ما يجعل مشاكل أغلبية النساء غير معلومة وخفية عن المجتمع، فهي في الغالب تظل حبيسة البيوت معهن، فلا تتبناها الحركات البرجوازية وتعجز صاحباتها عن إيصالها، مما يجعل البعض يظن بأنها مجرد أوهام ومبالغات، وتجلت حاجة النساء لشخصية عامة تشبههن وتمثل قضاياهن في الدعم النسائي لإحدى مرشحات الانتخابات السابقة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي و الحضور الشخصي الكبير لندوتها الانتخابية والنتائج الغير متوقعة في صناديق الاقتراع كونها مرشحة في أحد الدوائر الذي يطغى عليها الطابع القبلي وفرص النساء ضئيلة فيها إلى حد ما وذلك لما لمسنه منها من تشابه، فلقد كانت مرشحة تطرح خطابا سياسيًا متقدمًا، وكانت تظهر بنقابها باسم قبيلتها المعروف في الكويت ممثلة بنات جلدتها من النساء وهن السواد الأعظم في المجتمع الذي لقى ضالته بمرشحة تشبهه في الشكل والهموم واعتبرتها مجاميع النساء من بيئة محافظة مرشحة جادة تشاركهم معاناتهن وتوصل آرائهن كمرشحة جادة بخطاب سياسي وطني جامع.