DELMON POST LOGO

هل يؤثر أبناء الحاكم العربي على قرارات وسياسة الحكم في بلاده ؟

كتب – محمد الغسرة

صلة القرابة إجبارية، ولها آثار اجتماعية ايجابية في كثير من الاحيان، لكن لها آثار سلبية أحيانا على أصحاب القرار السياسي في اغلب الدول العربية، خصوصاً الأبناء إذا ما كبروا تحت مظلة إستمرار آبائهم في الحكم لمدة طويلة وأصبحت لهم آراء يستطيعون من خلالها توجيه السياسة أو إستغلال سلطتهم للتأثير على القرارت السياسية أو الإقتصادية لخدمة مصالحهم الخاصة.

نحن مع عدد من الأمثلة التي قد يكون لها تاثيرات سيئة أو سلبية على السياسة في الحكم في عدد من الدول العربية .

أولاً ليبيا : استطاع عدد من ضباط الجيش بقيادة العقيد معمر القذافي عمل إنقلاب على الحكم الملكي في والسيطرة على الحكم عام 1969، وكانت ردة فعل الشعب ايجابية لما بذله الحكم الجديد على الشعب من تحديث، وكان للقذافي سبعة أولاد هم محمد، سيف الإسلام ، الساعدي، المعتصم بالله، سيف العرب، هانيبال، خميس، تدخلوا جميعاً في السياسة وحصلوا على مراكز ومصالح متعددة بالدولة بعد ان تخلص القذافي من رفاق السلاح في مجلس قيادة الثورة، وكان مصيره معروف.

ثانيا العراق: حيث  استطاع صدام حسين التآمر على رئيسة وولي نعمته الرئيس أحمد حسن البكر وأبعده عن السلطة في إنقلاب أبيض ارغم البكر على التنازل، وبدأ صدام الاستفراد بالحكم، و عندما كبر أبناءه الثلاثة، وخصوصاً عدي وقصي ، باشرا في التدخل السافر في الحكم والتأثير السلبي على مصير العراق، بل مارسا الموبقات في حق المواطنين العراقيين ،،، ولم يسلم الشعب العراقي منهم الا بعد مقتلهم واعدام أبيهم.

ثالثاً مصر : تولى حسني مبارك  الحكم بعد مقتل الرئيس محمد انور السادات على ايدي الجماعات الاسلامية بعملية اغتيال قادها خالد الاسلامبولي ورفاقه في العرض العسكري بمناسبة انتصار 6 اكتوبر 1981، وكان السادات قد أبعد جميع منافسيه (وبعضهم من اليسار) في مجلس قيادة الثورة بقيادة  نائبه علي صبري عام 1971 في ما عرف بثورة التصحيح 15 مايو ، فاتحاً المجال لضباطٍ وقيادات من خارج تنظيم الضباط الاحرار الذين قادوا ثورة 23 يوليو 1952 للصعود والتنافس على الحكم والقيادة، وكان بينهم مبارك الذي عين نائبا للرئيس ثم تولى الحكم بعد اغتيال السادات .

بدأ حسني مبارك في تحسين الإقتصاد وتنفس الشعب المصري الصعداء في الفترة الأولى من حكمه، لكن بعد أن كبر أبناءه جمال وعلاء ، بدءا التدخل في السياسة وفي سياسة الحزب الوطني الحاكم، ثم في الاقتصاد والتجارة والمال حتى اصبحا من كبار ملاك الأسهم والسندات والشركات ، وأثرا في السياسة بشكل مباشر لدرجة أن مبارك كان ينوي توريث إبنه جمال في سدة الحكم ... لولا وقوع الثورة في 25 ديسمبر 2010 ضمن مسارات الرببع العربي التي اطاحت بحكمه الذي إستمر حوالي لثلاثة عقود  متواصلة من الحكم.

رابعاً سوريا: ، بعد تسلم حافظ الأسد الحكم في إنقلاب عسكري بعثي خالص على رفيق دربه الرئيس صلاح جديد  عام 1970، والاحتفاظ بالحكم الفردي المطلق ، في البداية كان يعمل ضمن الأطر التنظيمية الحزبية، لكنه انفرد بالحكم عندما تمكن من احكام قبضته على الجيش والمؤسسات، واهما الشعب بأن الحكم لا يزال لحزب البعث ،،، وعندما كبر الأولاد وهم باسل الأسد، بشار الأسد، مجد الأسد وماهر الأسد .

كان دور باسل الأسد مهول في سوريا، لايقل سطوة وتأثيرا عما يفعله عدي في العراق، من انفلات كبير وتدخل وسطوة في المجتمع السوري، لكن باسل مات في حادث سير في ظروف غامضة ، وكان من المفترض أن يخلف ابيه (وراثة) في الحكم  والحزب طبعاً، فتم إستبداله باخيه الأصغر بشار الاسد الذي كان يعمل طبيب أسنان في بريطانيا ، ورغم أن عمره كان أقل من العمر القانوني لقيادة الدولة ، الا أن الدولة العميقة قامت بتغيير الدستور ليصبح حاكماً مطلقا على سوريا.

خامسا تونس: ربما كان  من حسن حظ التونسيين أن الرئيس الحبيب بورقيبة الذي استمر في الحكم اكثر من اربعة عقود لم ينجب أبناء، وعلى ذات المنوال لم ينجب خليفته زين العابدين بن علي أبناء أيضاً بل أن ثورة الياسمين التي اطاحت به عام 2011 لم تمهله لاعداد الخليفة المفترض .

الخلاصة .. هل يضغط أبناء الرؤساء بشكل مباشر  أو من خلال أمهاتهم على القادة والحكام من اجل اعطاء أحقية وأولوية لابناء الحكام التصرف كيفما يشاؤون؟ وهل يمارس الأبناء هذه الادوار الحاسمة في حياة ومستقبل شعوب بلدانهم دون موافقة آبائهم،  ويقومون بالعديد من التصرفات التي تؤثر سلباً على الحكم ؟ وهل تلك الميزة يمتاز بها الحكام العرب دون غيرهم ام يشاركهم حكام اخرون في بلدان اخرى. وهل هي جينات عربية خالصة ومتجذرة في بيوتات الحكام العرب ام هو عباره عن سلوك مصطنع شهوة للتسلط والاستفراد بالحكم لم يستطع أحد كبته؟