DELMON POST LOGO

ماذا تعرف عن ترمسعيا التي أحرقها الصهاينة؟

بقلم محمد حسن العرادي - البحرين

ترمسعيا (Turmus Aya) بلدة فلسطينية تقع في منتصف المسافة الفاصلة بين مدينة رام الله (مقر السلطة الفلسطينية) ومدينة نابلس جبل النار ، ويصل عدد سكانها إلى أكثر من 10 آلاف مواطن فلسطيني، يقيم حوالي 40 % منهم في المهجر بسبب الإرهاب والمضايقات المستمرة التي يمارسها الاحتلال ضد أهالي البلدة في مسعى واضح لاخلائها من سكانها وبناء المستوطنات الصهيونية مكانها.

وتقدر مساحة ترمسعيا بحوالي 18 كم2 (18 الف دونم) الأمر الذي يجعلها مطمعاً إستيطانيا مُغرياً للصهاينة، لذلك يستمرون في مهاجمتها ويمارسون ضد أهاليها جميع أصناف وأشكال الارهاب والتنكيل العنصري، وتشتهر بلدة ترمسعيا بالسهول الخضراء والجبال المرتفعة خاصة وأنها تقع على إرتفاع 720 متراً عن سطح البحر، ما يجعل طقسها متميزاً ومرغوباً للسكن ومُغرياً لكيان الاحتلال، كما يوجد فيها نبع ماءٍ عذبٍ يُسمى نبع ترمسعيا، الأمر الذي عزز العمل في الزراعة وخصوصا مزارع وحقول الزيتون التي تتميز بها الأرض الفلسطينية.

وقد تكرر أسم بلدة ترمسعيا الفلسطينية كثيراً على مواقع الأخبار والقنوات الإعلامية بسبب تعرضها لهجوم إرهابي كبير    

يوم الأربعاء الموافق 21 يونيو 2023 مجزة ترمسعيا استشهد على إثرها أحد شباب البلدة، حين هاجمها حوالى 400 إرهابي من قطعان المستوطنون الصهاينة من جانب المنطقة الشمالية الشرقية القريبة المتاخمة لمستوطنة شيلو المقامة على أراضي البلدة، وأضرموا النار في عدد كبير من المنازل والمركبات الخاصة بالمواطنين الفلسطينيين.

وقد أشار السيد لافي أديب رئيس بلدية قرية ترمسعيا بأن عدد المنازل التي تضررت تجاوز 35 منزلاً فلسطينيا، ونقلت وكالات الأنباء والمواقع الاعلامية الكثير من الصور والفيديوهات التي توثق ترويع الأهالي والاعتداء عليهم بكل وحشية وإرهاب رسمي منظم تحت حماية الشرطة والجيش الصهيوني، كما قام المعتدون بحرق أكثر من 50 سيارة عائدة لأهالي ترمسعيا، ولم يتورعوا عن إشعال النار في المحاصيل والأراضي الزراعية.

يحدث كل هذا تحت سمع وبصر العالم ومنظماته الأممية والدولية، التي تحاول أن تتملص من المسؤولية من خلال إصدار بعض التقارير التي توثق هذه الجرائم الصهيونية بالصوت والصورة، بعد أن كشفت وسائل الاعلام العربية والعالمية حجم الجريمة النكراء التي ارتكبها الصهاينة، فلم يعد بإمكان الامم المتحدة إنكار أو تجاهل ماحدث، لذلك إضطرت لإصدار تقارير اممية توثق ماحدث من باب ذر الرماد في العيون، دون أن تُحرك ساكناً أو تكلف نفسها حتى بوضع كيان الاحتلال على قوائم العار والإرهاب العالمية أو احالة القضية للمحكمة الجنائية الدولية رغم إستمرار الجرائم الصهيونية طوال 75 عاماً.

إن ما يحدث على أراضي ترمسعيا من مجازر صهيونية ما هو الا مثال حي الوحشية التي يمارسها نظام الفصل العنصري من حقد وكراهية ضد أبناء فلسطين في سائر المدن والقرى والبلدات الفلسطينية الصامدة، وقد آن لنا نحن العرب والمسلمين أن نُجيب على التساؤلات التي يطرحها الفلسطينيون عن دورنا في الدفاع عن المقدسات الاسلامية والمسيحية التي ينتهكها الصهاينة، فضلاً عن الحُرمات والأعراض التي يستبيحونها بكل حقد وضغينة.

واذا كانت بعض الدول العربية قد وقعت في شراك التطبيع نتيجة الضغوط والابتزازات التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية ضدها، فإن ذلك لا يعني أن تستسلم الشعوب العربية لهذه الضغوط والابتزاز، بل هي مطالبة بإبقاء القضية الفلسطينية حية في عقول وقلوب الأجيال العربية الجديدة، والالتزام بدورها في دعم الفلسطينيين ونصرتهم بكل الوسائل.  

فاذا كنت أخي العربي لم تسمع بما حدث في بلدة ترمسعيا من جرائم، ما عليك سوى البحث والمتابعة في وسائل التواصل الاجتماعية للاطلاع على الخديعة الكبرى التي يحاول البعض تسويقها علينا تحت مسميات السلام والاتفاقات الابراهيمية وصفقة القرن الخائبة، علماً بأن الجهل بما يحدث لا يعفينا من المسؤولية، خاصة مع وجود كل هذه التغطيات الاعلامية التي تنقل الاعتداءات الصهيونية يومياً، فتعالوا نُعيد اكتشاف دورنا في دعم إخواننا الفلسطينيين بعيداً عن المُطبعين والمُكبلين بالاتفاقيات السياسية    

إننا في الوقت الذي نُدين الصمت الدولي الذي تعودنا وقوفه صامتاً ومكتوف الأيدي حيال هذا الإجرام الصهيوني، نتساءل عن الفعل العربي الغائب الأكبر وخاصة من قبل تلك الدول العربية التي أقامت علاقات تطبيع دبلوماسبة واقتصادية مع هذا الكيان المحتل دون أن تحقق أي انجاز ملموس طوال السنوات الماضية، أو تحصل على أية مطالب مهمة مقابل هذا التطبيع المجاني.

وأخيراً نقول للجميع بأن هذا الاحتلال المتعجرف لايستحق سوى القطيعة الكاملة والإدانة والمواجهة في كافة المحافل الدولية حتى ينتهي بإعتباره آخر نظام أبارتهايد عنصري في العالم، وللشعب الفلسطيني البطل الصامد في أرضه نقول بأننا معهم في السراء والضراء، واثقون بأن فلسطين ستعود محررة لأهلها من البحر إلى النهر، ولابد لنا أن نرفع شعار أوقفوا المجازر والاعتداءات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني الشقيق.