DELMON POST LOGO

أحسنوا الاختيار .. وكونوا أصحاب القرار

بقلم محمد حسن العرادي
خلال الفترة 12-19 نوفمبر 2022 ستجري الانتخابات النيابية العامة لتحديد أعضاء مجلس النواب البحريني في الفصل التشريعي السادس (2022 - 2026)، وقد جرت العادة على أن تتم هذه الانتخابات وفق مزاج طائفي فئوي يتخندق من خلاله الناخبين لاختيار النائب الذي يمثل طائفتهم او فئتهم في كل دائرة دون الالتزام بالمعايير الوطنية التي تكرس التمثيل الحقيقي لكل الوطن وليس الى بعضه فقط أيا كان هذا البعض.
لقد ساهم ذلك في فرز وتوزيع النواب حسب الموازيين والترتيبات الطائفية طوال الفصول التشريعية الماضية، وعلى مدى عشرون سنة أسفرت نتائج هذه الانتخابات عن إيصال كثير من النواب - دون المستوى المطلوب - بسبب هذه الاصطفافات الطائفية والفئوية التي لا تخدم الوطن، ولم ينفعنا كمواطنين القرابة من هذا النائب، أو الانتماء الطائفي لذلك النائب، أو التواصل ومعرفة وصداقة النواب الذين تبخر أغلبهم وأصبح أثراً بعد عين، وربما لم يصل بعضهم ليكونوا أثراً أصلاً.
لذلك حان الوقت لإعادة الاعتبار لمجلس النواب من خلال وقف الاختيار بناء على الانتماءات والاعتبارات الطائفية، والابتعاد عن الانحيازيات الانتخابية بناء على الصداقات والمعرفة الشخصية ودرجة القرابة، ما نحتاجه الآن هو تغليب الروح الوطنية عند الاختيار بعيداً عن معيار  القرب والبعد من هذا المرشح أو ذاك.
تفحصوا جيداً في أجندات المرشحين، وإبحثوا في مواقفهم طوال فترة حياتهم، استعرضوا طريقة تعاملهم في المواقع التي شغلوها والاختيارات التي وقفوا إلى جانبها، فإذا وجدتم في أي من ذلك تغليباً للنظرة الطائفية أو العرقية او الفئوية، أو سمعتم عن انحياز إلى عرق أو لون او جنس، فابتعدوا عنهم، وتبرأوا منهم تماماً، لا تلتفتوا إلى درجة القرابة والصداقة، أو الانتماء المذهبي، فذلك أول الوهن.
خمسة فصول تشريعية مرت كأنها سراب، لم تنتج سوى القليل من النواب الأكفاء، الذين تعاملوا مع الجميع بشكل متوازن من خلال موقعهم النيابي كمواطنين، وليس كأبناء مذهب وانتماء، وفي كثير من الأحيان كانت مواقفهم انعكاسا لضيق أفقهم وحساباتهم الطائفية، بما في ذلك تصويتهم حيال المواضيع والملفات الوطنية التي تهم الوطن ككل.
في الانتخابات القادمة قريباً، إرفعوا البطاقة الحمراء في وجه النواب الطائفيين، وإكسروا نظام المحاصصة، أسقطوا النواب الذين يخدمون مصالحهم الشخصية فقط، إجعلوا أصواتكم تحدد لون وقوة مجلس النواب القادم، إعملوا على إستبدال النواب الغارقين في الشخصانية والمصلحية، ولا تهتموا بطبيعة التمثيل الطائفي للدوائر التي تقطنون فيها، ولا بمذهب المرشح الذي تختارون، إمنحوا صوتكم لمن يستحق، من تثقون في وطنيته وقدرته على تمثيلكم بأمانة.
بعض المرشحين لا يمتلكون المؤهلات المطلوبة، وليس لديهم تجارب ناجحة، وليسوا معروفين بقدرتهم على حمل الملفات الوطنية الكبرى، هؤلاء هم مرشحوا الصدفة، إبتعدوا عنهم، إحجبوا أصواتكم عنهم، ولا تأتمنوهم على صوتكم وإلا لن تلوموا سوى انفسكم، إختاروا من تستطيعون الاعتماد والتعويل عليهم.
القرار بيدكم، وأصواتكم هي صدى ضمائركم التي تحدد إختياراتكم، فأحسنوا الاختيار، حتى لا تندموا حين لا ينفع الندم، وإذا رأيتم مرشحاً يثقل خطاباته بالنفس الطائفي والفئوي، فابتعدوا عنه بعد المشرق عن المغرب، لإنه سيكون أول من يسلمكم عند الوثبة، حان الوقت لاسقاط التفكير في التوازن الطائفي، واستبداله بالتوازن الوطني فهو الهدف وإليه المآل .