DELMON POST LOGO

من يقود الكتلة الحرجة في مجلس النواب ..

بقلم محمد حسن العرادي - البحرين

تشهد المجالس النيابية في مختلف دول العالم حراكاً سياسياً يحدد ملامح هذه المجالس من حيث رسم السياسات واختيار القيادات التي تتولى المناصب القيادية وخاصة رئيس المجلس ونوابه حسب ما تقره القوانين والأنظمة الداخلية لتلك المجالس.

الا أن لبعض دول العالم الثالث تقاليد خاصة بها تجعل هذا المنصب حكراً على شخصيات بمواصفات معينة، ترتبط بالانظمة الحاكمة بشكل أو بآخر في معظم البلدان، ويؤدي ذلك الى تقييد المجالس المنتخبة في هذه البلاد، وقد يؤدي الى تحويلها الى مجلس صورية كما هو الحال في العديد من الدول ذات الأنظمة الشمولية.

لقد نال الدول العربية نصيباً وافراً من هذه المجالس التي تفلح عادة في التصفيق والتطبيل أكثر ما تفلح الانجاز والتشريع وصياغة الأنظمة والقوانين أو ممارسة الرقابة والمحاسبة على اداء السلطات التنفيذية، ومن المؤسف له أن تكون التجارب الديمقراطية في بعض الدول العربية قد تجاوزت عشرات العقود لكنها لا تزال تحبوا مقارنة بالديمقراطيات العريقة التي تنادي وتتغنى بها معظم أنظمتنا العربية.

ومن المفيد الاشارة الى أن تطوير العملية الديمقراطية في اي دولة يعتمد إلى حد كبير على مدى الانفتاح السياسي الذي يراكم التجارب ويؤسس لتقاليد برلمانية راسخة قادرة على مجاراة الأنظمة السياسية الحاكمة فضلاً عن مراقبتها ومحاسبتها وإعادتها الى جادة الصواب كلما شهدت انحرافاً عن المسار او إبتعاداً عن تحقيق مصالح المواطنين وتأمين مستقبلهم.

وتشهد العديد من الدول الأوربية والآسيوية وحتى الأفريقية تطورات ملحوظة في العملية الديمقراطية المعتمدة على التعددية الحزبية السياسية، من خلال السماح بتشكيل الأحزاب التي تشكل واجهات رسمية للأفكار والرؤى السياسية التي تحملها وتؤمن بها التيارات المختلفة والتي يقوم العديد منها على أسس وطنية تقدم للناخبين البرامج السياسية والاقتصادية والتعليمية والصحية والاجتماعية التي تراها مناسبة، والتي يتم على أساسها التنافس مع التيارات والأحزاب الأخرى للفوز بأعلى أصوات الناخبين تمهيداً لتحديد من يقود هذه البلاد .

وإذا كانت بلادنا العزيزة مملكة البحرين لا تزال بعيدة عن فكرة التحول الكامل الى الحياة الحزبية رغم أنها سمحت بتشكيل تجربة سياسية محدودة تمثلت في الجمعيات السياسية التي اعتُبرت واجهات لتيارات فكرية وعقائدية تاريخية، إلا أن هذه التجرية لا تزال بحاجة لمزيد من الدعم والرعاية والاحتضان حتى تنضج وتتبلور بالشكل المناسب، وخاصة معالجة العثرات التي واجهت عمل الجمعيات السياسية والتي أدت الى حل بعضها واضعاف بعضها الاخر او تقييد حركته.

وحتى ذلك الوقت فإن من المهم أن تتم الاستفادة من امكانية تشكيل الكتل النيابية داخل مجلس النواب، والتي تستطيع المساهمة في تعزيز التجربة الديمقراطية، وربما وضع أسس جديدة لتشكيل جمعيات وتيارات سياسية تتمتع بواجهات وكتل نيابية فاعله داخل مجلس النواب، اي أن يتكفل عدد من النواب بالعمل على تأسيس تيارات وطنية جديدة قائمة على أسس عمل حزبي حديث لا يرتبط بالضرورة بافكار عقائدية.

والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة .. هل هناك من النواب من يستطيع بلورة حراك نيابي جديد قادر على أخذ المبادرة وتجميع الطاقات المتوافقة بين أعضاء المجلس لضمان اختيار هيئة مكتب منسجمة تستطيع استعادة هيبة المجلس واسترجاع الصلاحيات التي فقدها خلال الفصول التشريعية الماضية، ذلك ما ستسفر عنه المشاورات واللقاءات التي تعقدها مجاميع من النواب هذه الأيام لخلق الكتلة النيابية الحرجة القادرة على تحمل هم  الوطن بعيدا عن الاصطفافات الطائفية والتوازنات المذهبية، وللحديث صلة والله من وراء القصد.