DELMON POST LOGO

سمير الوزان.. رجل التأمين الذي تشهد البحرين على إنجازاته وعطاءاته

الكاتب
بقلم: مهدي مطر
بعد خدمةِ دامت أربعين عاما ونيف في قطاع التأمين، قرر الأستاذ سمير الوزان إرساء سفينته في الميناء والخلود للراحة وهو على قمة الهرم كرئيس تنفيذي لمجموعة البحرين الوطنية القابضة (BNH)، كبرى الشركات البحرينية في مجال التأمين والاستثمار، وأحد رجالات التأمين في البحرين، حيث تبوأ عدة مناصب منذ بدأ العمل في الشركة الوطنية للتأمين عام ١٩٨٢.
معرفتي بالأستاذ سمير الوزان تعود إلى عام ١٩٨٥ بعد أن التحقتُ بالشركة الوطنية للتأمين، كانت شركة صغيرة في ذلك الوقت إذا ما قِيست بالشركات الوطنية الأخرى في سوق التأمين، لكنها شركة واعدة بطاقمها الإداري والفني، وعلى رأس مجلس الإدارة الأستاذ جميل أمين وفا، وكانت الشركة تتخذ من مبنى اليونيتاك في المنامة مقراً لها.
منذ الوهلة  الأولى التي التقيتُ فيها الأستاذ سمير الوزان وكان وقتها المدير الإداري للشركة، كان شعوري إنني ساعمل تحت إدارة رجل يتميز بالجدية في العمل فضلاً عن الطيبة. تناهى إلى سمعي مؤخرا أن الرئيس التنفيذي للشركة، الاخ سمير الوزان سيتقاعد مع منتصف الشهر الجاري، فبراير، فحرصت على زيارته الاسبوع الماضي. كانت هذه رغبته في التقاعد، كما أباح لي من قبل، لكن مجلس الإدارة كان يلح عليه بالبقاء.
الحديث شيق ولا يمل مع الاخ سمير الوزان، الرئيس التنفيذي ورجل التأمين القدير والصديق، صاحب الخدمة التي أمتدت لأربعين عاما، أبحر في قطاع التامين فصال وجال، ولنتابعه وهو يحكي سرديته.
يقول  سمير الوزان: "أنا خريج المدرسة الصناعية، عام ١٩٦٩، قسم التليفزيون والراديو، وفي عام ١٩٧٠، انضممت إلى شركة IAL التي تعمل في مطار البحرين، وهي تختص بكافة الأمور المعنية بالاتصالات بين الطائرات وبرج المراقبة بالمطار. أُبتعثتُ إلى القاهرة في دورة متخصصة بمطار إمبابة العسكري في نفس التخصص لمدة عام".
بعد عامين من العمل في مطار البحرين، انتقل سمير الوزان للعمل في شركة نفط البحرين "بابكو" لتبدأ معه رحلة الذهاب والإياب للعمل اليومية من المحرق إلى مصفاة النفط في سترة، حيث موقع العمل.
يتذكر مُحدثنا الأخ سمير، كنا ننتقل بباصات الشركة( بابكو)، وكان يُصرف لنا " فيش"، الشركة لا تدفع نقد كعلاوة مواصلات.
أتصفح كتاب " ذاكرة التأمين العربي حوارات (الجزء الثالث)"، الصادر عن منتدى المعارف، بيروت، لبنان، عام ٢٠٢١، يقول سمير الوزان" انتقلت للعمل بشركة نفط البحرين "بابكو"، قسم الأجهزة الدقيقة بمصفاة النفط، وخلال عملي تم ابتعاثي إلى بريطانيا للتخصص الأكاديمي في كلية سوانزي، إقليم ويلز، حيث أمضيت مدة ثلاث سنوات، بعدها انتقلت إلى جامعة هادرز فيلد بانجلترا مدة عامين، وتخرجت كمهندس أجهزة دقيقة، وبدأت العمل في مصفاة النفط" ، انتهى الاقتباس من المصدر أعلاه.
عام ١٩٨٢ تبدأ قصة سمير الوزان بالانتقال من قطاع النفط إلى قطاع التأمين عبر شركة "خدمات التأمين الوطنية" وكانت تعمل كوكيل لشركة ( Sedgwick) البريطانية، وتحولت هذه الشركة بعدها إلى مُسمى" الشركة الوطنية للتأمين"، كأحدى الشركات الوطنية في سوق التأمين البحريني، وكانت شركات التامين البحرينية محدودة وقتها، ومنها شركة البحرين للتأمين، البحرينية الكويتية للتأمين، الأهلية للتأمين وصندوق التأمين على المركبات، وهي شركة متخصصة في التأمين على السيارات.
في عام ١٩٨٥ تم تعيين الأخ سمير الوزان مديراً عاماً للشركة الوطنية للتأمين( NIC).
وحول قرار الانتقال من قطاع النفط إلى قطاع التأمين، أو لنسميها مغامرة، يذكر الأخ سمير الوزان لمحاوريه في كتاب " ذاكرة التأمين العربي:
"في الحقيقة أعتبر نفسي محظوظاً بانضمامي إلى الشركة الوطنية للتأمين( NIC)، حيث كان رئيس مجلس الإدارة، وهو السيد جميل أمين وفا، صاحب الفضل في تشجيعي ودعمي منذ البداية، ولم يبخل في إعطائي الفرصة لتعلم صناعة التأمين وبشكل فني وممنهج، ورسم لي خطة تدريب في البحرين وخارج البحرين، حيث تم ابتعاثي إلى لندن للعمل مع السمسار العالمي(E.W.Payne). عملت معهم ومارست كيفية ترتيب برامج إعادة التأمين ونظموا لي زيارة لسوق لويدز وكبرى شركات الإعادة العالمية  التي تتخذ من لندن مقراً لها لاكتتاب الأخطار".
خلال  رحلة الأستاذ سمير الوزان مع التأمين والتي امتدت لأربعين عاما، أو إذا جاز التعبير "سفر سمير الوزان"، خلال هذه الرحلة، هناك عدة محطات جدير التوقف عندها. عام ١٩٨٦ وبعد الشروع في بناء جسر الملك فهد الذي يربط البحرين بالسعودية، أصبحت هناك حاجة لتأمين السيارات القادمة للبحرين عبر الجسر، وفي ضوء هذا المستجد تم تأسيس شركة تختص بإصدار وثائق تأمين السيارات العابرة للجسر على الجهتين، سُميت الشركة المتحدة للتأمين، ورأس المال موزع على الشركات الوطنية الخمس، حصة كل شركة ٢٠٪؜، قبل ان يدخل السوق السعودي وتتغير الحصص.
يذكر الأخ سمير، إن أحد أغراض تأسيس الشركة الجديدة حماية محافظ شركات التأمين من حوادث مُكلفة. أختير الأخ سمير من قِبل المؤسسين ليكون مُديراً عاماً بالإنابة للشركة الجديدة إضافة إلى عمله كمدير عام للشركة الوطنية للتأمين قبل أن يتم تعيين الأستاذ جاسم سيادي مديراً عاماً والأستاذ أحمد مطر نائباً للمدير العام.
من الإنجازات الأخرى في مسيرة الأخ سمير المشاركة في تأسيس جمعية التأمين البحرينية، كان ذلك عام ١٩٩٣، وهي جمعية تضم شركات التأمين في البحرين، والهدف من التأسيس التنسيق بين شركات التأمين وتنظيم سوق التأمين ورفع مستوى الوعي التأميني في المجتمع.
يذكر الأستاذ علي ربيعه في كتابه "تاريخ التأمين في البحرين" الصادر عام ٢٠١٥، عن جمعية التأمين البحرينية، "انتخب السيد نور الدين نور الدين الرئيس التنفيذي للمجموعة العربية للتأمين "أريج"  كأول رئيس للجمعية وسمير الوزان نائباً للرئيس، بعدها تم انتخاب سمير الوزان رئيساً لدورتين متتاليتين".
في عام ١٩٩٩ حدثت نقلة في سوق التأمين البحريني، وهي اندماج الشركة الوطنية للتأمين NIC)) وشركة البحرين للتأمين(BIC). أتذكر وقتها حديث الأستاذ سمير لرؤساء الأقسام حول ظرووف دمج الشركتين، وأن إدارة الشركة الوطنية كانت تبحث عن أفضل الخيارات للاندماج في السوق المحلي، ورأينا والحديث للأستاذ سمير، إن الاندماج مع شركة البحرين للتأمين هو الأفضل.
في ضوء الهيكل الجديد بعد الدمج، عُين سمير الوزان مديراً عاماً للكيان الجديد الذي حمل إسم البحرين الوطنية للتأمين( BNI).
بعد ستة شهور من عملية الدمج وتثبيت الوضع القانوني للشركة الجديدة، استقال المدير العام سمير الوزان من من الشركة بشكل مفاجئ، كان ذلك في منتصف عام ٢٠٠٠ وانتقل للعمل في مجموعة اليونيتاك..
لم يستمر سمير الوزان مع عمله الجديد أكثر من عام، ليعود بعدها لسوق التأمين كمدير عام للشركة البحرينية الكويتية للتأمين، كان ذلك عام ٢٠٠١ولسان حاله قول الشاعر أبو تمام:
نقّل فُؤدَكَ حيثُ شِئتَ مِن الهوى
ما الحُب إلا للحبيب الأولِ
كم منزِلٍ في الأرضِ يألفهُ الفَتىَ
وحنيِنُه أبداً لأوّلِ منزلِ
في حديث سابق يذكر الأخ سمير الوزان، "انتقلت إلى الشركة البحرينية الكويتية للتأمين كمدير عام حتى عام ٢٠٠٥، في نفس العام كُلفت بتأسيس واشهار شركة سوليدرتي من الصفر كأكبر شركة تأمين إسلامية في العالم برأس مال قدره ١٠٠ مليون دولار أمريكي، وكرئيس تنفيذي للشركة، في عام ٢٠١٠ تقاعدت عن العمل".
يتذكر الأخ سمير الوزان ظرووف تأسيس الشركة والتحديات والصعاب التي واجهت الفريق الذي عمل معه، منهم الأستاذ أشرف بسيسو والأستاذ جواد محمد.
بعد تأسيس سوليدرتي والتقاعد، كان وقتها الأستاذ سمير عضو مجلس إدارة في شركة الخزنة للتأمين ومقرها أبوظبي، حكمت الظرووف وقتها أن يُعين مديراً عاماً لشركة الخزنة، عام ٢٠١٠. يذكر سمير الوزان، كنت بين العمل في أبوظبي والعائلة في البحرين، ورحلة طيران أسبوعية حتى عام ٢٠١٤ ليستقر الطائر ويعود إلى وطنه البحرين، ويعود لبيته الأول الذي بدأ معه رحلة التأمين، ويتسلم منصب الرئيس التنفيذي لمجموعة البحرين الوطنية القابضة  BNH)). وخلال فترة عمله في قطاع التأمين، التقى الأستاذ سمير الوزان وعمل مع شخصيات ورجال أعمال، على سبيل الذكر لا الحصر ، الأستاذ جميل أمين وفا، وكما ذكر كان صاحب الفضل في تشجيعه ودعمه منذ التحاقه بالوطنية للتأمين عام ١٩٨٢.
ومن الشخصيات المرحوم قاسم محمد فخرو أول رئيس مجلس إدارة لمجموعة البحرين الوطنية القابضة بعد الدمج، والسيد فاروق المؤيد رئيس مجلس إدارة المجموعة الحالي.
على الصعيد الشخصي وتجربتي مع الأستاذ سمير الوزان، حيث إنني عملت في الشركة من عام ١٩٨٥ حتى عام ٢٠١٧،وعملتُ مع الأخ سمير على مرحلتين.
أتذكر اليوم الأول الذي قابلته بعد الموافقة على تعييني في الشركة، كان ذلك في مارس عام ١٩٨٥، كان يُعبر عن كل الأماني لي بالتوفيق في العمل، وكان حريصاً على التحاقي ببرامج التدريب والدورات التي ينظمها  معهد البحرين لتدريب المصرفيين ( BIBF)  بالتنسيق مع معهد التأمين في لندن، مما أتاح لي والزملاء الحصول على شهادات التأمين القانونية، فضلاً عن دورات في المانيا والعراق.
سمير الوزان أحد رجالات التأمين في البحرين، بفضلهم تطورت صناعة التأمين في بلادنا، وهو شخصية تتميز بالبساطة والتواضع.
اليوم ونحن في مطلع العام ٢٠٢٣ تنتهي رحلة الأستاذ سمير الوزان مع رحلة التأمين، والجميل بدأها مع الوطنية للتأمين والختام مع مجموعة البحرين الوطنية القابضة (BNH).
نقول للأستاذ والأخ سمير الوزان ستبقى انجازاتك شاهدة على عطائك.