DELMON POST LOGO

القيود المفروضة على الاختصاص التشريعي والرقابي لمجلس النواب .. سبب من أسباب ضعف إداءه .. 2-2

قال المحامي حسن اسماعيل في ندوة جمعية المنبر التقدمي التي بعنوان " حق الانتخاب والترشح وصلاحيات مجلس النواب " مساء امس ،  لم يتمكن مجلس النواب في فصوله التشريعية التالية للفصل الأول من استجواب أي وزير وقد وكان من الأسباب الرئيسة خاصة في الفصلين الرابع والخامس هو التعديل الذي اقترحه للأسف بعض نواب الفصل التشريعي الثالث على المادة (145) مكرراً (1) الفقرة الثالثة من اللائحة الداخلية فصدر بموجب قانون رقم (32) لسنة 2014 التي نصت على أنه (لا يعد الاستجواب جدياً إلا إذا وافق على ذلك ثلثا أعضاء المجلس). فقيد نفسه وهي سابقة لا مثيل لها على الإطلاق وجاءت بالمخالفة للدستور الذي حدد بنصوص صريحة وواضحة الحالات التي تشترط أغلبية الثلثين وهي:
حالة اعتراض الملك على مشروع القانون
المادة ( 35 البند د ) من الدستور تقضي بأنه إذا رد الملك مشروع القانون المحال إليه من المجلسين للتصديق عليه لإعادة النظر فيه ، فأن هذه المادة نصت على أنه ( إذا أعاد كل من مجلس الشورى ومجلس النواب أو المجلس الوطني إقرار المشروع بأغلبية ثلثي أعضائه ، صدق عليه الملك ، وأصدره في خلال شهر من إقراره للمرة الثانية ) .
حالة عدم الثقة بأحد الوزراء
المادة ( 66 البند جـ ) من الدستور نصت على أنه إذا قرر مجلس النواب بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم عدم الثقة بأحد الوزراء اعتبر  معتزلا للوزارة من تاريخ قرار عدم الثقة ، ويقدم استقالته فورا .
حالة عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء
تنص ( المادة  67 البند د ) من الدستور على أنه إذا  أقر المجلس الوطني بأغلبية ثلثي أعضائه عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء ، رفع الأمر إلى الملك للبت فيه ، بإعفاء رئيس مجلس الوزراء وتعيين وزارة جديدة ، أو بحل مجلس النواب.
حالة سقوط العضوية لأي عضو من أعضاء المجلسين
تشترط ( المادة 99 ) من الدستور لسقوط العضوية في حالات انعدام الأهلية أو فقد الثقة والاعتبار أو أخلال بواجبات العضوية. لأي عضو من أعضاء مجلسي الشورى والنواب أثناء عضويته أن يصدر قرارا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس الذي هو عضو فيه.
حالة تعديل أحكام الدستور
تشترط المادة (120 البند أ) من الدستور لتعديل أي حكم من أحكام هذا الدستور أن تتم الموافقة على التعديل بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم كل من مجلس الشورى ومجلس النواب، وأن يصدِّق الملك على التعديل، وذلك استثناء من حكم المادة ( 35 بند ب ، ج ، د ) من هذا الدستور .
مما تقدم يتبين أن الدستور لم ينص على أغلبية خاصة ( الثلثين ) لإصدار قرار من مجلس النواب بجدية الاستجواب من عدمه ، وأن هذه الأغلبية حصرها المشرع الدستوري في الحالات المشار إليها دون غيرها ، ومن ثم فأن نص المادة (145) مكرراً (1) الفقرة الثالثة من اللائحة الداخلية التي نصت على عدم اعتبار الاستجواب جدياً إلا إذا وافق على ذلك ثلثا أعضاء المجلس  .  جاء مخالفا لإحكام الدستور يتعين إعادة النظر فيه .
وبهذا التعديل أصبحت مناقشة الاستجواب مستحيلة، وبه قضى وقتل الايجابية النسبية التي أوجدتها التعديلات الدستورية لعام 2012 في شأن الاستجواب على أن (تجرى مناقشة الاستجواب في المجلس مالم يقرر أغلبية أعضائه مناقشته في اللجنة المختصة)، فأصبحت مناقشة الاستجواب مستحيلة ليس في داخل المجلس فحسب بل في اللجنة المختصة كما جاءت في التعديلات الدستورية.
وقد تجرأ وحاول بعض من نواب الفصل التشريعي الخامس التقدم بطلب استجوابين لا ثالث لهما الأول في دور الانعقاد الأول ضد سعادة السيدة فائقة بنت سعيد الصالح وزيرة الصحة، والثاني في دور الانعقاد الثاني ضد سعادة السيد جميل بن محمد علي حميدان وزير العمل والتنمية الاجتماعية، غير أن المجلس قرر الموافقة في كلاهما على توصية اللجنة بعدم جدية الاستجواب.
ثانياً : في الاختصاص التشريعي:
وفي تصريح لمعالي السيدة الفاضلة رئيسة مجلس النواب نشرته الصحافة بعد فض دور الانعقاد الرابع والفصل التشريعي الخامس أن المجلس أنجز خلال الفصل التشريعي الخامس، طوال أدوار الانعقاد الأربعة، (47) مرسوماً بقانون، و(156) مشروعا بقانون، و (63) اقتراحا بقانون.
وصرحت أن من أهم وأبرز القوانين والتشريعات التي تم إنجازها خلال هذا الفصل، قانون العدالة الإصلاحية للأطفال، وقانون العقوبات البديلة، وإقرار مرسومين بقانون بشأن التأمين ضدّ التعطل، وقانون البيئة والقانون البحري وقانون تنظيم الطيران المدني، وتعديل قانون تحصيل كلفة انشاء وتطوير البنية التحتية في مناطق التعمير، وتعديل قانون الاحتياطي للأجيال القادمة- قانون الضمان الاجتماعي، إلى جانب العديد من التشريعات ذات الصلة بالمحور الاقتصادي والمالي والتجاري.
هذا التصريح يجعلنا أن نسئل هل يقاس إنجاز مجلس النواب بعدد ما قدمته الحكومة من مشروع بقانون ومرسوم بقانون، أم يقاس بما أنجزه مجلس النواب فيما قدمه من اقتراحات بقانون وتم إصدارها؟
حاولت البحث من خلال موقع مجلس النواب معرفة عدد الاقتراحات بقانون المقدمة مجلس النواب والتي تم إقرارها وإصدارها بموجب قانون، فوجدت أن معظم هذه الاقتراحات هي قيد الدارسة في اللجان أي لم يتم إقرارها من قبل المجلس ولم يتم إحالتها إلى الحكومة لوضعها في صيغة مشروع قانون. وهذا يعني سقوطها بنهاية الفصل التشريعي حسب نص المادة (119)   تسقط جميع الاقتراحات بقوانين بنهاية الفصل التشريعي، وذلك فيما عدا الاقتراحات بقوانين التي سبق أن وافق عليها المجلس السابق وتقرر إحالتها إلى الحكومة لوضع صياغتها فيطبق بشأنها ما ورد في المادة (102) من هذه اللائحة.
وتنص مادة 102 على أنه   يخطر رئيس المجلس رئيس مجلس الوزراء خلال الخمسة عشر يوما التالية لافتتاح دور الانعقـاد الأول من كل فصل تشريعي، بمشروعات القوانين التي لم يفصل فيها المجلس السابق وإذا لم تطلب الحكومة من رئيس المجلس استمرار النظر في المشروعات المذكورة خلال شهرين من تاريخ إخطار رئيس مجلس الوزراء اعتبرت غير قائمة.
غير أنه بغض النظر عن عدد الاقتراحات بقانون التي اقرت وصدرت بموجب قانون فان هذا التصريح يكشف على أن الغلبة إلى الحكومة في المجال التشريعي وذلك بحساب مجموع مشروعات القوانين والمراسيم بقوانين المقدمة منها وعددها (47) مرسوماً بقانون، و(156) مشروعا بقانون = 203، وجمعيها تمت الموافقة عليها من قبل المجلس وصدرت بموجب قانون، في مقابل ذلك ما قدمه المجلس من اقتراحات بقانون وعددها (63) وجلها كانت قيد الدارسة فأصبحت ساقطة بنهاية الفصل التشريعي.
إن معالي رئيسة مجلس النواب عددت القوانين المنجزة لكنها لم تشر إلى تلك القوانين التي هلكت المواطنين بل قصمت ظهورهم وهي المرسوم بقانون مرسوم بقانون رقم (48) لسنة 2018 بإصدار قانون ضريبة القيمة المضافة، صحيح انه صدر في غبية المجلس في 5 أكتوبر 2018م لكنه عرض على المجلس ووافق علية، ثم عرض عليكم مشروع قانون بتعديل قانون الضريبة قانون رقم (33) لسنة 2021، بزيادة الضريبة وتمت الموافقة عليها.
كما أنها لم تذكر من القوانين التي نالت من حقوق المواطنين المتعلق بتعديلات التقاعد وهي المرسوم بقانون رقم (21) لسنة 2020 بشأن صناديق ومعاشات التقاعد في القوانين والأنظمة التقاعدية والتأمينية، أنتقص من المزايا التقاعدية، ومشروع قانون رقم (14) لسنة 2022 بتعديل بعض أحكام قانون التأمين الاجتماعي، ووافق عليه المجلس.
هكذا نصل من خلال استعراض ما تقدم من صلاحيات او اختصاصات رقابية لمجلس النواب كمثال واستعراض لدوره التشريعي في الفصل التشريعي الخامس كمثال إلى أنه رغم أن المذكرة التفسيرية للتعديلات الدستورية لعام 2012 قد اشارت إلى أن هذه التعديلات جاءت في إطار ما انتهت إليه الإرادة الشعبية في حوار التوافق الوطني من مرئيات بشأن التعديلات التي ترى إدخالها على الدستور القائم، ومنها منح دور أكبر لمجلس النواب في الرقابة. غير أنه منذ إقرار مرئيات حوار التوافق الوطني وإصدار هذه التعديلات عام 2012 لم نجد ولم تجد الإرادة الشعبية بانه قد تم منح مجلس النواب دوراً أكبر في الرقابة على أعمال الحكومة، بل وجدنا تراجعاً وتقييداً لهذا الدور، وللأسف أن من ساهم في هذا الانتقاص من هذا الدور الرقابي والتشريعي، هم أعضاء مجلس النواب وفي النظام الداخلي الخاص بالمجلس (اللائحة الداخلية). ولعلكم تتفقون معي أن ذلك يعد من الأسباب إلى أدت إلى تراجع التجربة النيابية وضعف إداء مجلس النواب. وحتى يكون المجلس النيابي فاعلا مؤثرا في ضمان واستمرارية وتطوير مفاصل العدالة الاجتماعية في الحق في العمل والصحة والتعليم والسكن وفي التامين الاجتماعي ليس فقط لمن مازال يعيش على ارض البحرين الحبيبة أطال الله في اعماركم بل للأجيال القادمة، بحيث يستطيع هذا المجلس أن يحافظ على عدم الانتقاص من هذه الحقوق ويعالج ما نال منها من نواقص وتطويرها نحو وضع معيشي أفضل لابد من رفع القيود التي وضعت على الحقوق السياسية بما فيها الحق في الانتخاب والترشيح لمجلس النواب وإعادة النظر في النظام الانتخابي والدوائر الانتخابية وإلغاء القيود التي وضعت على وسائل الرقابة البرلمانية وعلى الاختصاص التشريعي للبرلمان.
وفي هذا السياق أكد المنبر التقدمي في بيانه الصادر مؤخراً بمناسبةً 14أغسطس يوم الاستقلال الوطني على أن إحداث التحولات الديمقراطية الحقيقية يتطلب تحقيق عدة مهام، منها إعادة النظر بمجمل القوانين والتشريعات المعيقة لبناء دولة القانون والمؤسسات، الدولة المدنية القادرة على مواجهة التحديات والصعوبات، وهذا يتطلب صلاحيات ذات معنى في الرقابة والتشريع النيابيين، وإعادة النظر في الدوائر الانتخابية لتكون البحرين دائرة واحدة أو خمس دوائر من أجل إيصال الكفاءات الوطنية لإحداث التغيير والإصلاح في المجلس، بعد تجربة عشرين سنة من الحياة النيابية، إنهاء العزل السياسي والسماح لكل المواطنين بممارسة حقهم الدستوري في الترشيح والانتخاب، تفعيل دور منظمات المجتمع المدني وعدم وضع العراقيل أمامها وهي التي تؤدي دورها التطوعي والوطني في خدمة المجتمع والارتقاء به نحو التطور والتقدم .