DELMON POST LOGO

المجالس الرمضانية في البحرين .. ودورها الاجتماعي والسياسي والديني .. 1

اليحيى : نطمع انشاء مجالس شعبية عامة في مناطق البحرين

الحداد : رفض السياسية التي تفرق بين الناس وتخلق العصبيات بدل من التمسك بالوحدة الوطنية والتلاحم الاجتماعي والتماسك الديني  

سلمان : ميزة اجتماعية رائعة توارثها الأبناء من الآباء والأجداد تزين ليالي شهر رمضان المبارك بأبهى حلة اجتماعية في كل عام

حافظ : مع الانفراج السياسي عاشت البحرين ازدهاراً لم تشهده في تاريخها قط وانتعاشاً حيوياً للمجالس الشعبية وحريتها في المناقشة قضايا ومشكلات بلادها

كتب – محمد الغسرة

أن المجالس الرمضانية في البحرين ظلت منذ ظهورها من الالاف السنين  فضاءات للتعلم ومصدرا للأخبار والنقاشات، كما أنها تلعب دورا دينيا مهما خلال شهر رمضان من خلال قراءة القرآن على امتداد الشهر وختمه في نهايته.

بالاضافة الى  أن التوافد على المجالس يزداد في شهر رمضان لطبيعة هذا الشهر، وخصائصه الدينية والاجتماعية القائمة على زيادة التقارب والتآلف بين الناس، وللدور الكبير الذي ظلت تشكله عبر التاريخ في التقاء الأفراد لقراءة القرآن والسمر وتناول وجبة السحور الرمضانية المعروفة بـ"الغبقة"، مشددا على القيمة المضاعفة للمجالس قبل اكتشاف وسائل التواصل الحديثة خلال العقود الأخيرة.

و"في المجتمع البحريني ميزة اجتماعية رائعة توارثها الأبناء من الآباء والأجداد، نجدها تزين ليالي شهر رمضان المبارك بأبهى حلة اجتماعية في كل عام ، حيث نجد الكثير من البيوت البحرينية الثرية والفقيرة، من مختلف الطوائف الإسلامية والمستويات الاجتماعية، تفتح أبواب مجالسها الرمضانية، لتستقبل الأهالي والضيوف من مختلف مناطق البلاد.

وتجد سمات الكرم والطيبة والمودة والوئام واضحة بين أصحاب المجالس ومرتاديها، ونجد أن كل الأزمات السياسية التي مرت على البحرين على مر التاريخ لم تؤثر على زخمها وقوتها وتواجدها البارز في المجتمع.

هذه الميزة الاجتماعية الطيبة تمتد إلى قرون من الزمان، ولا نبالغ إذا ما قلنا بأننا لم نجد مثلها بنفس المستوى والزخم والقوة في أي مجتمع آخر، عربياً كان أو إسلامياً. والجميل أن مجتمعنا الطيب الودود مازال محافظاً عليها وعلى ترسيخها في نفوس الأجيال، ومازالت الأسر والعوائل البحرينية الكريمة تحرص على بقائها رغم كل المتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد، ورغم انتشار مختلف وسائل التواصل الاجتماعي." هذا ما سطره النائب السابق سلمان سالم قبل عدة سنوات .

واللافت في المجالس الرمضانية البحرينية أنها تواكب الأحداث السياسية أولاً بأول، وتفتح في الكثير منها نقاشات مفيدة في مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وفي هذا العام القضية السياسية البارزة التي تطرح بصورة موسعة في الكثير من المجالس الرمضانية، الانتخابات النيابية والبلدية المرتقبة ..

ونجد أن الحديث عنها في العديد من المجالس فيه تباين واضح وجلي في الآراء، ولكن تجد في نفس الوقت أن هناك شبه إجماع بين مختلف المجالس.

السؤال الذي يطرح نفسه ، ما تاثير المجالس الرمضانية في خلق رؤى وطنية موحدة خصوصا في القضايا الوطنية الكبرى في المجتمع ؟ .

الناشط الاجتماعي عادل اليحيى يقول : تعتبر المجالس في البحرين  ، بكل عام ، مثل الجامعة ، تلتقي النخب في المجتمع منهم السياسيين والنخب الدينية وعامة الناس و تدور بينهم حوارات في هموم ومصلحة الوطن والمواطن ، وفي بعض المجالس تنظم ندوات بشكل منتظم في مواضيع مختلفة متنوعة وخصوصا في الفترة التي تسبق الانتخابات ، بهدف استعراض الاراء والافكاء والمقترحات في نفس اختيار الانسب في العملية الانتخابية.

وقال ان البحرين سباقة بفتح المجالس على مستوى دول التعاون ، البحرين لها عادات منذ الازل بل كانت الاجتماعات والتجمع تتم في البرايح ، وعلى السيف قبل تنظيمها على شكل مجالس داخل البيوت ، واصبحت المجلس وادوات التواصل الاجتماعي مكان مهم للتواجد بدل التلفاز .  

كما ان المجالس تعتبر مدرسة يتعلم فيها كل شخص ، يستفيد معلومات جديدة ، امور مختلفة تهم الناس ، التقاعد مثال ، في كل المجالس تتحدث عن الموضوع واثاره على المتقاعد البحريني

المجالس البحرينية عريقة ، معظم الاشخاص المعروفين والنخب تفتح لها مجالس ، سياسين ، نقابيين ، تجار ، ومكان لتنفيس الهموم  لابداء الراي للاشخاص واستعراض المهارات ، بل في البحرين هناك مجالس خاصة للناس واخرى للرجال وبعضها مختلط .

وانا من هذا المنبر اقترح على الحكومة انشاء مجالس عمومية مشتركة في محافظة او منطقة او مدينة شبيه بالصالات الافراح الاتراح للاستمار لاراء الناس والتواصل معهم .

الباحث الاجتماعي عبد الله يعقوب الحداد يقول ، ان المجالس رغم اهميتها خصوصا في منطقة المحرق تقلصت بعد احدث 2011 ، وقل دورها كمكان موحد وطني كما في السابق ، خصوصا بعد استغلال البعض تلك المجالس للشحن الطائفي او الايديلوجي او السياسي من قبل البعض " المفاتيح الاجتماعية " ومع الاسف الان المجالس تعمل في مصبين مختلفين بدل من مصب وطني واحد .

ونامل عودة الروح الوطني للمجالس لانها تواصل بين اجيال ، ويتم تناول العديد من القصص والروايات والتجارب وان تكون لها تاثيرات اجتماعية جمة .

ورفض الحداد السياسية التي تفرق بين الناس وتخلق العصبيات بدل من التمسك بالوحدة الوطنية والتلاحم الاجتماعي والتماسك الديني بين افراد المجتمع المعتمد على التسامح والمودة وان تلعب دور ايجابي ، وان تسهم بالاضافة الى المجالس المسرحيات والمسلسلات الهادفة والمشاريع الاجتماعية المشتركة من تقارب الناس .

ويقول الناشط الاجتماعي ، محمود حافظ ، عندما نتحدث عن المجالس الشعبية في البحرين ، علينا ان ندرك انها تشكل احد المكونات الاجتماعية في نسق البناء الاجتماعي لمجتمعنا . فلكل اسرة بحرينية تقريباً وبغض النظر عن مستواها الاجتماعي ميسورة او فقيرة ، مجلس او مكان في المنزل للضيافة وتبادل الحديث واستقبال الناس . يتم فيه تدارس ما يهمهم من امور وقضايا قد تكون متصلة بمشكلاتهم الحياتية او مايجري في منطقتهم ومع جيرانهم وفي وطنهم او العالم الخارجي ويتم التفاعل مع كل ذلك .

ولكن عندما نتحدث عن التأثير السياسي للمجالس ودورها الوطني فان تأثيراتها وادوارها وانشطتها كانت متلازمة ومندمجة اتصالاً  متفاعلاً مع الاحداث السياسية الكبرى كمحطات تاريخية مفصلية عاشتها البحرين في مختلف عقودها من القرن الماضي (القرن العشرين ) .

فقد كانت لبعض المجالس ادواراً وتأثيراً سياسياً عميقاً في المجتمع ، حيث انها تحولت اشبه بما تكون بمقرات للاحزاب السياسية . تلتقي فيها القيادات الوطنية مع الناس المريدين لتلك المجالس ويتم مناقشة التطورات والاحداث التي تشهدها البلاد والاتفاق على كيفية مواجهتها . وهذا مايبدو واضحاً في الاحدث التي عصفت  بالبحرين في الخمسينيات حيث كانت لبعض قادة هيئة الاتحاد الوطني التي تضم زعماء وطنيين  من الطائفتين مجالس شعبية في منازل مثل محسن التاجر وعبدالرحمن الباكر وابراهيم فخرو وعليوات وغيرهم .. ويحضر مجالسهم من مختلف قطاعات المجتمع من الشباب والعمال والكهول والكبار ويتم وضعهم في الصورة من رؤيا الهيئة وتوجهاتها ومطالبها بعد مناقشتها معهم والتي كانت من ابرز مطالبها مجلس تشريعي وحرية تشكيل النقابات العمالية . وقد تمكنت الهيئية انذاك من تحقيق قانون العمل الذي تضمن حرية تشكيل النقابات .

وايضاً كان  دور المجالس الوطنية وتأثيرها قوياً خلال انتفاضة مارس ١٩٦٥ التي استمرت احداثها لمدة ثلاثة شهور متفاوتة في شدتها خلال كل يوم  . وقد انطلقت الانتفاضة في ضؤ اصدار شركة نفط البحرين بابكو قائمة بفصل ١٥٠٠ عامل الامر الذي اشعل البلاد اضرابات واحتجاجات من جميع قطاعات المجتمع تضامناً مع المفصولين . وكانت هذه الاحداث موضوعاً مستمراً في المجالس الشعبية بدون استثناء . ويستحضرني دور مجلس علي ربيعة قبل واثناء وبعد  الانتفاضة والذي كان يسمى انذاك بمجلس القوميين العرب وكان يضم الناشطين على اختلاف انتماءاتهم السياسية ويتناول مجلسه مختلف القضايا الوطنية والقومية وينتهون في حواراتهم على توجهات وطنية مشتركة تجمعهم من كل قضية تواجه الوطن .

وكان الشهيد محمد بونفور احد رواد مجلسه وله اسهاماته المشتركة مع صاحب المجلس في العمل والدعاية والتوعية والتوحيد . وقد ظل مجلس ربيعة متواصلا دون انقطاع طوال تلك المدة الممتدة حتى اللحظة الراهنة ، يعقد جلساته كل صباح يوم جمعة من كل اسبوع ويتم مناقشة جميع القضايا العربية والخليجية والمحلية التي تفرضها الساحة .

ومع الانفراج السياسي الجديد التي شهدتها البحرين مع تقلد جلالة الملك حمد حكم البلاد واطلاق سراح المعتقلين وعودة المبعدين وتبيض السجون والغاء قانون امن الدولة واطلاق الحريات العامة ؛ عاشت البحرين ازدهاراً لم تشهده في تاريخها قط وانتعاشاً حيوياً للمجالس الشعبية وحريتها في المناقشة قضايا ومشكلات بلادها . فقد فتح عبدالرحمن النعيمي مجلسه في عراد بمجرد عودته مع المبعدين من الخارج . ولم يتوقف الناس عن ارتياده في جميع الاوقات حتى تمكن مع رفاقه تنظيم جلساتهزلتكون اسبوعياً ومناقشة القضايا العامة المصيرية التي تهم الجميع والتي تمركزت اساساً حول الديمقراطية وآلياتها المناسبة لتحقيق مشاركة فعلية للناس في صنع مستقبلهم وفق مؤسسات دستورية وتشريعية توفر الرقابة والمحاسبة والمساءلة والتشريع مستفيدة من دستور ١٩٧٣  .

وفي هذا المجلس اطلق النعيمي مشروع توحيد التيار الوطني الديمقراطي مكتوباً وموزعاً على قيادات الحركة الوطنية الديمقراطية لتكون منصهرة في صيغة تنظيمية موحدة وتم بالفعل اختيار عناصر اللجنة التحضيرية لهذه المهمة برئاسة المرحوم جاسم محمد فخرو  وبعد وفاة هذا العلم الوطني الكبير بثلاثة ايام ، تلقت اللجنة  التحضيرية خبر الموافقة على جمعية العمل الوطني الديمقراطي وباتت هذه الجمعية اول جمعية سياسية يصرح لها بالعمل السياسي العلني في العهد الجديد .

سلمان سالم
عادل اليحيى
محمود حافظ
عبد الله يعقوب الحداد