DELMON POST LOGO

الهدي يستعرض كتاب (المجتمع المدني في البحرين) بنادي العروبة

الدولة يجب أن تتدخل كمنظم لمؤسسات المجتمع المدني لا كمقرر... والعزل السياسي أداة كبح للعمل الاجتماعي

"أجمع العالم بأن ما حدث بعد الميثاق نشاط منقطع النظير على جميع المستويات في البحرين ، بسبب أهمية الإصلاح الوطني الشامل التي شهدته البلاد حينها.
فبعد التوقيع على ميثاق العمل الوطني عام 2002، ارتفع عدد مؤسسات المجتمع المدني من أقل من 200 جمعية إلى أكثر من 1000 جمعية، بينها جمعيات مهمة مثل الجمعيات السياسية وحقوقية ومهنية وبيئية وغيرها." هذا ما بدأ به الدكتور جعفر الهدي محاضرته بنادي العروبة والتي بعنوان استعراض كتاب (المجتمع المدني في البحرين) مساء أمس.
وأضاف، بعد أحداث الربيع العربي، حدث تغيير كبير في مؤسسات المجتمع المدني ودورها، بعض الجمعيات تم أحلها بقرار إداري أو القضائي، وأخرى حلت نفسها بنفسها، لأسباب إدارية أو نقص في التمويل أو الكادر كما حدث لجمعية الصف الإسلامية.
بعد التوقيع على الميثاق تم إنشاء جمعيات فقط كردة فعل على إنشاء جمعية أخرى، وعندما تم تحل تلك الجمعيات حلت الأخرى نفسها!
بعض الجمعيات على سبيل المثال جمعية خدمة القرآن الكريم، حلت نفسها بسبب وجود جمعية ضخمة في السعودية لنفس الخدمة.
وتكتسب أهمية كتاب (المجتمع المدني في البحرين) أنه يقارن بين المجتمع المدني بعد الميثاق أو بعد التصويت على ميثاق العمل الوطني مع الحراك في الربيع العربي وإحداث 2011.
على الرغم من تاريخ مؤسسات المجتمع المدني في البحرين لم تكن وليدة اللحظة، لكن كل جمعية تلازم قضية معينة، خيرية سياسية أو اجتماعية محلية أو دولية، وكان نادي إقبال أوال الثقافي الذي تأسس عام 1919 كردة فعل مثلا كمقاومة إلى ظاهرة التبشير، لا سيما أن الممرضات المسيحيات يدخلن بيوت الأهالي، وكان هدف النادي مقاومة التبشير وتثقيف الناس وأنشأ مكتبة والهدف لمعالجة قضية معينة وهي التبشير.
في الخمسينيات والستينيات ظهرت مؤسسات المجتمع المدني مع ظهور القومية العربية والنضال اليساري وبعض الجمعيات الدينية التي تقاوم تلك الأفكار أيضا كردة فعل.
فالكتاب الذي بين أيديكم يتضمن شقا نظريا في الفكر الاجتماعي القديم وكيف تأسس المجمع المدني في الأزمنة الغابرة وفي الحضارات المختلفة، مع الأخذ بعين الاعتبار بأن بتلك الحضارات لا يوجد مصطلح مجتمع مدني، بل تمكين الحاكم السيطرة على المجتمع من خلال سطوة الدين وتفويض الحاكم، وهناك طبقات بالمجتمع أسياد وعبيد، وكل محصور في الطبقة التي ولد بها، وبصيص مجتمع مدني في الحضارة الإغريقية ولكن لم تلق رواجا، وتطرق الكتاب إلى أقوال الحكماء والفلاسفة القدماء بينهم ابن خلدون حول المجتمع المدني.
والمصطلح "مؤسسات المجتمع المدني" هو مجتمع قائم بذاته وله أهداف تبلور مجتمع من الناس لنفس الأهداف وتسعى لتحقيق هدف معين... المفكرون العرب اختلفوا حول هذا التعريف أو تطبيقاته، بل اتهم سعد الدين إبراهيم العرب بتخريب المجتمع المدني لاسيما أن المصطلح ليس عربيا.
" إخوان الصفا" مثلا هو مجموعة لديهم مؤسسة خاصة بهم ويمثلون فكرا معينا والبعض يعتبرهم مجتمعا مدنيا كمنظمة فكرية ثقافية. كذلك الحال "الحوارات الدينية" لأنها ليست مسجدا أو مأتما بل ملتقى فكري علمي ديني... وهما تعبران من جذور الفكر والمجتمع الإسلامي.
وتسائل الكاتب هل مؤسسات المجتمع المدني معارضة أم موالية أو مستقلة؟
البحرين الجزيرة المنفتحة على العالم هي من أوائل الدول العربية التي أسست مؤسسات مجتمع مدني (بعد 30 سنة من مصر ولبنان)، تأسست أول جمعية نسائية في البحرين عام 1945، وأول ناد في عام 1919 نادي إقبال أوال.
كما أن قانون النقابات العمالية الذي سن بعد الميثاق يعتبر أفضل القوانين ومتطور حيث اعتمد على إيداع الطلب في الأشهر لا أخذ موافقة الدولة وهي حالة فريدة.
لكن بعد الربيع العربي بدأت الكوابح والتضييق بالقوانين وأصبح إقرار تعدد النقابات، والتعددية في المؤسسة الواحدة ما أضعف دور النقابات.
وانتقد الكوابح للعمل الاجتماعي من قبل الدولة مثل العزل السياسي الذي شمل المؤسسات الدينية والخيرية والشبابية والرياضية بالإضافة إلى السياسية، ولكن هذا البند من الممكن التغلب عليه من خلال خلق كوارد جديدة، لكن العزوف من الناس وخصوصا الشباب هو سبب جوهري.
وتطرق المؤلف إلى أن الدولة لا تتجاهل الواقع في البحرين المنقسم طائفيا، مثلا الجمعيات الخيرية كلها طائفية.
وأنهى الكاتب محاضرته بتقديم خلاصة الكتاب أو النتائج التي خلص إليها وهي أن مؤسسات المجتمع المدني في البحرين لا تستخدم المعرفة بشكل فعال بسبب ضعف الإمكانات وعوف المجتمع عن المشاركة، وهي مكان شكوى لكل الجمعيات، وأهم الأسباب هو عزوف الشباب الاندماج بسبب ظروف العمل أو أسباب أخرى.
كما أن 90 % من العاملين في تلك الجمعيات هم من المتقاعدين، وغياب الجمعيات المتعلقة بالبيئة قبل الميثاق وإنشاء ست جمعيات بعده.
بعض الجمعيات أغلقت بسبب قصور في الكوادر والمصادر المالية، وأخيرا بأن الإصلاح في مؤسسات المجتمع المدني لا يتم إلا بإصلاح سياسي وإعادة التركيبة لهذا القطاع المهم.
وتداخل الناشط الحقوقي عبد النبي العكري وقال إن الدولة يجب أن تتدخل كمنظم في مؤسسات المجتمع المدني لا كمقرر، ويجب على الدولة ن تعتبر مؤسسات المجتمع المدى مشاركة للدولة في عملية التنمية (وهو أحد أهداف الأمم المتحدة في التنمية المستدامة – شراكة المجتمع المدني)، وغياب الحريات يقلل من المشاركة في تلك المؤسسات.
فيما قال النقابي كريم رضي بأن الوضع السياسي هو الذي ينعش أو يكبح عمل مؤسسات المجتمع المدني، كان الوضع السياسي في أواخر القرن الماضي ما قبل 1969 وحتى الاستقلال، هنا انفراج سياسي وإعلامي واجتماعي، تم تأسيس العديد من المؤسسات المجتمع المدني مثل مسرح الأسرة وأسرة الأدباء والكتاب والعديد من الجمعيات الأهلية وكذلك الحال بعد التوقيع على ميثاق العمل الوطني.
كما أن هناك عائقا آخر هو بعض المؤسسات الدينية التي ترفض مؤسسات المجتمع المدني بل وحتى الأندية إذ تعتبره منبرا لخلق الفساد والإفساد، وما حصل إلى نادي إقبال أول نموذج، وحتى الآن المؤسسات النسائية في البحرين تعاني من نفس الظاهرة.