قدم الكاتب جمعة حبيب السترواي ، في كتابه مطر الذاكرة ، ( سيرة الوجدان فيما كان ) بانوراما مفصلة عن منطقة النعيم المطلة على البحر ، وكيف كانت وكيف يعيش اهلها ، مع سرد مبسط لطفولته بهذه المنطقة المحادية للعاصمة المنامة واسماء اقرانه وزملاءه وجيرانه.
يقول جمعة ، بانه من مواليد 1952 ، وبسبب الجهل ، رفض ابوه انضمامه الى المدرسة الابتدائية ( مدرسة السلمانية ) التي لا تبعد عن مسقط راسه بالنعيم عن 2 كيلومتر ، وخسر مرحلة الصف الاول حيث ذهب اقرانه بعامهم الاول دونه ، ولولا اصرار خاله صالح زكريت ( الضرير البصير ) الذي اقنع ابيه حبيب الذي يرغب بانضمام ابنه له بمهنة النجارة والعمل مع في صناعة السفن ويكسب مهنة تفيده على مر السنين بدل الدراسة ، اصرار خاله ساهم في ادخاله المدرسة في البداية سرا ثم علانية وبدعم من الام التي ترغب رؤية ابنها يفتح الخط كما تقول .
وقال جمعة في سرده بان مصروف المدرسة اليومي 25 فلسا ، وهي تكفي لسندويش جبن بدون زجاجة البيبسي التي تكلف نفس المبلغ ويتشارك مع زملائه في شربها ،وكان ابيه كريما معه في ذلك ، وقد تحول من رافضا للتعليم الى مشجعا له بالدراسة بعد شراء ملابس المدرسة واخذه الى الاستديو لاخذ الصورة المطلوبة لانضمامه للمدرسة .. وكعادة الطلبة يعملون في العطلة الصيفية لتغطية جزء من مصاريفهم في فترة الدراسة ، وكانت النجارة هي اقرب المهن لهم .
وعن الدراسة الجامعية ، قال الستراوي ، بعد التخرج من الثانونية العامة اتجهنا الى بغداد للدراسة على ايام الرئيس احمد حسن البكر رئيسا للعراق لغياب جامعات بالبحرين ، وتاخر القبول شهرين ، وعندما انتظمنا بالجامعة ، وكنا نزور رابطة طلبة البحرين بالعراق بانتظام لانهم من ساهم في مسألة القبول بالجامعة ، وجميع اعضاء الادارة من حزب البعث ،وبعض الطلبة ينتمون الى احزب او اخرى ، محسوبين على الاتجاه الاسلامي والقومي واليساري، وكنا محل استقطاب من تلك الاحزاب ، ولكننا اصررنا على عدم الانضمام الى اي منهم بما في ذلك حزب البعث ، وهدفنا التحصيل العلمي والعلمي فقط ، ولكن جاء التهديد بالفصل مالم ننضم الى الحزب ، وتم ذلك وخسرنا البعثة ، وتم فصلي مع عبد الله النخلاوي وجواد سيد سعيد ، سافرنا بعدها الى دمشق لتقديم اوراقنا للجامعات السورية ، التي قبلتنا فورا وبدون شروط في جامعة حلب ولكن بدء الدراسة العام المقبل بعد منتصف العام الدراسي الذي فاتنا ،فعدنا الى البحرين ، وتوظف النخلاوي في ديوان الخدمة المدنية وانا بوزارة المواصلات وجواد عاد الى حلب مواصلة الدراسة وتخرج منها ببكلوريس احصاء ، فيما مواصلنا انا والنخلاوي الدراسة بالانتساب بالجامعة العربية ببيروت .
وخصص السترواي بابا مفصلا الى اشكال البيوت في منطقة النعيم البحرية والتي يعتمد سكانها على صناعة السفن ( النجارة ) وصيد الاسماك وعلية القوم يعملون في مصنع التكرير ، وكيف تحولت حياتهم من العيش في العشيش والبرستج الى البناء الحديث بسبب النفط.
وشرح جمعة نضالاته في العمل والتجارة ، وانتقل الى اكثر من مهنة ولكنه امتهن قطاع المصارف بسيتي بنك حتى تقاعده.
وفي باب مفصل كتب السترواي سيرة والده حبيب علي السترواي الذي قدم من سترة الى منطقة النعيم في نهاية القرن التاسع عشر مع ابن عمه الى منطقة النعيم ووفاة ابيه وهو بعمر العاشرة ، وتبناه رجل الاعمال صاحب اليد البيضاء جاره علي بن جمعة ، حتى اشتد عوده .
ويتأسف حبيب الستراوي على ايامه الماضية ، رغم ما حل به من صعوبات حيث لا ماء ، لا كهرباء ، وبيوت من عشيش والعلاج بالكي ، وبدون اعمال تذكر ..
كما تحدث عن والدته الحاجة شيخة علي زكريت ،التي تصغر ابيه 25 سنة ( كانت من مواليد 1932 ) وهي زوجة ابيه الثانية بعد وفاة الاولى ، وهذه الام التي غرست لديى التدين وحب الصلاة والصدق والامانة وكانت السعيف الاول عند الشدائد وخصوصا بعد عودتي منالمدرسة.
وفي الفصل الاخير خصص الكاتب فصلا الى رجالات النعيم ووجهائها خصوصا رجال الدين ومنهم سيد ابراهيم كمال الدين وسيد علوي الغريفي وسيدعدنان الموسوي ومؤسسي نادي النعيم الثقافي وهم محمد حسن كمال الدين وعلي الوطني ومحمد بن علي زين الدين وعلي بن احمد السلاطنة ، وسيد سعيد السيد جواد القصاب وعلي بن عبد الله ال خميس وسيد عبد الله الغريفي وعبد الامير عبد الله القلاف مع عدد كبير من الصور للنعيم القديمة والحديثة واصدقاءه خلال فترة طفولته وشبابه وصباه مع شرح مفصل عن عائلته وابناءه، كتاب يعكس حياة العصاميين من الجيل القديم من الشباب في شق الحياة دون كل وتحقيق مآربهم في هذه الدنيا .