DELMON POST LOGO

بدء فعالية ندوة "أثار التطبيع على فلسطين والبلاد العربية " ببيروت امس

بين بيروت والنعيمي شبه كبير فكلاهما يمثل روح الانفتاح والحوار والالتزام بحرية الشعوب وحقوق الانسان والقضايا العادلة منها قضية فلسطين

افتتحت يوم امس ببيروت ندوة "أثار التطبيع على فلسطين والبلاد العربية " التي اقامتها تنسيقية منتدى عبد الرحمن النعيمي الفكري في البحرين بالتعاون مع المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن في لبنان بحضور شخصيات وطنية من البحرين ولبنان وفلسطين وعدد من الدول العربية وأصدقاء المرحوم المناضل عبد الرحمن النعيمي ، وقد ساهم عدد من الشخصيات من فلسطين والمغرب ولبنان والخليج باوراق عمل غنية بالمعلومات حول اثار التطبيع على مستقبل القضية الفلسطينية .

وفي مستهل الندوة القى معن بشور رئيس المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن قال فيها : انها لسعادة بالغة للبنان ، واحة الحرية والحوار أن يستقبل في عاصمته بيروت، عاصمة العروبة والوحدة والمقاومة، هذا العدد من النخب البحرينية التي لم تأت لتكرم مناضلاً كبيراً راحلاً  كعبد الرحمن النعيمي فحسب، بل  لتؤكد كذلك للبنان عموماً ، ولبيروت خصوصاً، مكانتهما لدى أبناء أمتهم العربية، لا سيمّا في البحرين ودول الخليج والجزيرة العربية الذين يعيشون معاناة اللبنانيين ويحرصون على أبداء التضامن الأخوي معهم في محنتهم وفي مواجهة ما يحاك لبلدهم من مؤامرات ومخططات تستهدف أطفاء شعلة النور التي يحملها لبنان وسط ظلام دامس يخيم على الوطن الكبير....

ومن الطبيعي أن تختار تنسيقية منتدى عبد الرحمن النعيمي بيروت مركزاً لندوتها السنوية التي توقفت لعامين بسبب الوباء الخبيث، نحن ندرك تماماً ماذا كانت تعني بيروت لأبي أمل ، كطالب في مدارسها وجامعاتها، وكمناضل في صفوف مناضليها القوميين العرب، وكمنفي سياسي عن بلاده كانت بيروت، كما دمشق، تحتضانه في الظروف الصعبة تقديراً لنضالاته ونقائه وتمسكه بالمبادئ والثوابت التي نشأ عليها..

فبين بيروت وعبد الرحمن النعيمي شبه كبير، فكلاهما يمثل روح الانفتاح والحوار والالتزام بحرية الشعوب وحقوق الانسان والقضايا العادلة وفي المقدمة منها قضية فلسطين التي نرى في منتدانا اليوم انتصاراً خليجياً عربياً لبطولات شعبها وتضحيات شهدائها الذين يرتقون في مواجهات يومية مع الاحتلال ... بل فلسطين التي طالما حركت مناضلاً كبيراً كعبد الرحمن النعيمي حينما كان طالباً في بيروت، أو ثائراً في ظفار، أو مقيماً في عدن ودمشق، أو قائداً سياسياً في البحرين يقود مع رفاقه في"جمعية وعد" والجمعيات الوطنية المماثلة حراكاً عروبياً تقدمياً ديمقراطياً لا يشكل حلا لما تواجهه البحرين من مشكلات وازمات، بل ما يواجهه وطننا العربي في كل أقطاره.

فبمقدار ما نعتز بأنعقاد هذه الندوة باسم عبد الرحمن النعيمي، وفي المدينة التي احبته وأحبها، نعتز بموضوع الندوة الذي يأتي تعبيراً عن ادراك منسقي الندوة بأن مواجهة التطبيع من المحيط الى الخليج تشكل مهمة جامعة للنضال العربي والاسلامي المعاصر وتتكامل مع فكرة المقاومة بكل اشكالها التي نراها في فلسطين وأكناف فلسطين.

ولقد كان توقيت هذه الندوة توقيتاً موفقاً لأنه اتى في أجواء حدث عالمي تتوجه أنظار مئات الملايين من سكان العالم نحوه وهو مونديال 2022 في قطر المجاورة للبحرين، حيث تحوّل الى مونديال العروبة وفلسطين بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.. لا سيّما في ظل تألق منتخب المغرب والمنتخبات العربية المتأهلة للمونديال والذي رافقه تألق آخر هو تلك العلاقة الحميمة بين اللاعبين ومشجعيهم العرب والاجانب، في الدوحة، كما في كل أقطار الأمة ومع أحرار العالم .

فما جرى  في الدوحة اثناء مونديال كرة القدم  من اعلان صريح عن عروبة الأمة، رغم كل ما واجهته العروبة من محاولات تشويه وتزييف، وعن تمسك الأمة بفلسطين رغم كل المؤامرات والمخططات والاتفاقات ” الابراهيمية " هو أكبر هدية يمكن ان نقدمها لعبد الرحمن النعيمي ولأمثاله من كبار المناضلين ومن مئات الاف الشهداء الذين أدركوا ان كل نضالاتهم لم تذهب هدراً، وان رهاناتهم على حقيقة مشاعر الأمة والتزامها بهويتها ووحدتها وقضيتها المركزية في فلسطين لم يكن رهاناً خاسراَ.

وكلي ثقة بان الاوراق التي سيقدمها الى هذا المؤتمر – الندوة من مناضلين وباحثين وخبراء حول أثار التطبيع على فلسطين والبلدان العربية ستكون مشاعل لنا تضيء طريقنا في معركتنا الطويلة لاسقاط التطبيع اليوم ثم لاسقاط الكيان الغاصب المؤقت بعد حين...

واذا كان لنا ان نختار في مواجهتنا للمشروع الصهيوني من عناوين برنامج المواجهة فهي مقاومة  الاحتلال في فلسطين واكناف فلسطين، ومناهضة التطبيع على امتداد وطننا العربي وعالمنا الاسلامي، ومقاطعة العدو، وسلع العدو، وبضائع العدو، على امتداد العالم المستعد لمواجهة كل نظام فصل عنصري كما كان الامر مع موقف العالم من النظام العنصري  في جنوب افريقيا ...

وشكراً لاصدقاء عبد الرحمن ومقدري عطائه النضالي والفكري حضورهم معنا في هذه الندوة – المؤتمر وحول هذا الموضوع الحساس عن التطبيع .

وفي كلمة تنسيقية المنتدى والتي القاها إبراهيم شريف ، قال فيها : هذه هي الدورةُ السابعةُ لمنتدىً أسَّسه رِفاقُ المناضلِ عبدالرحمن النعيمي في سبتمبر 2011 كمؤسسةٍ فكريةٍ عربيةٍ مستقلة. يهدفُ المنتدى إلى إقامةِ لقاءاتٍ قوميةٍ سياسيةٍ واقتصاديةٍ واجتماعيةٍ مرتبطةٍ بواقعِ وطنِنا العربيِّ الكبير، مُلتزما بثوابتِ أمتِنا خاصةً تحريرُ كامِلِ ترابِ فلسطينَ، وتحقيقِ حلمِ شعبِنا العربيِّ من المحيطِ إلى الخليجِ في الوحدةِ والعدالةِ والحريةِ والمساواة.

سَبقَ أن عَقَد المنتدى ستةَ لقاءاتٍ منذُ عام 2013 ولغايةِ عام 2018، جميعُها في بيروت العزيزة، حيث تناولت تراثَ النعيميِّ السياسيِّ والفكريِّ والنضاليِّ ومواقفِه من الأوضاعِ السياسيةِ في البحرين وعمومِ الوطنِ العربي، وبالأخصِّ القضيةَ الفلسطينيةَ، كما ركَّز المنتدى على الهويةِ القوميةِ والوطنيةِ والهوياتِ الفرعية، وناقش في دوراتِه قضايا متعددةً منها آفاقُ التحولاتِ في ثوراتِ الربيعِ العربيِ، والاحترابُ الطائفيُّ ومستقبلُ الدولةِ الوطنيةِ في العالمِ العربي، والتوزيعُ العادلُ للدخلِ والثروةِ، وآفاقُ المساواةِ  بين الرجلِ والمرأةِ وذكوريةُ الحياةِ السياسيةِ والحزبيةِ العربية. وقد شارك في هذه المنتدياتِ نخبةٌ من المفكرينَ والسياسيينَ والمتخصصينَ العربُ ورفاقُ دربِ النعيمي، حيث قدموا أوراقَ عملٍ قيِّمةٍ قمنا بتجميعِها في كتيبات مطبوعة.

وقد قرر المنتدى أن يعقدَ لقاءَه السابعَ هذا العام تحتَ عنوان "انعكاساتُ وآثارُ التطبيعِ مع الكيانِ الصهيونيِ على فلسطينُ والبلدانِ العربية"، حيثُ تناقش هذه الدورةُ الآثارَ الخطيرةَ لاتفاقياتِ التطبيعِ الأخيرةِ مع الكيانِ الغاصبِ وأساليبَ المقاومةِ الشعبيةِ العربيةِ خاصةً من قِبَلِ جماعاتِ مقاومةِ التطبيع، مدعومةً بنهوضٍ جماهيريٍ فلسطينيٍ أعادَ الاعتبارَ لمسألةِ الكفاحِ المسلحِ داخلَ الأرضِ المحتلة.

خلالَ السنواتِ الماضيةِ استمر النظامُ العربيُ الرسميُ ، في تقديمِ تنازلاتٍ خطيرةٍ انتهت بتوقيعِ الاتفاقاتِ "الابراهيمية"، مما ساهمَ في إقحامِ الكيانِ الصهيونيِ في الخلافاتِ البَينيةِ العربيةِ-العربية والصراعاتِ العربيةِ-الإقليميةِ من جهة، ومن جهةٍ أخرى في الشؤونِ الداخليةِ لهذه الأقطارِ التي استخدمت الخبرة َالصهيونيةَ في المجالِ الاستخباراتيِ لقمعِ المعارضينَ داخلَ بلدانِها.

تحاول الصهيونيةُ العالميةُ غزوَ العقلِ العربيِ من الساحةِ الثقافيةِ بعد أن حققتْ نجاحاتٍ دبلوماسيةٍ واقتصاديةٍ واستخباراتيةٍ وعسكرية، بفضلِ دعمِ المركزِ الرأسماليِ العالمي، متغلغلةً في النظامِ الرسميِ العربي. لكن ديمومةَ التسويةِ السياسيةِ مع الأنظمةِ العربيةِ لا تتحققُ إلا بالتسويةِ عن طريقِ التطبيع. إِذَن، الثقافةُ بمفهومِها الواسعِ من قِيَمٍ وأفكارٍ وسلوكٍ وذاكرةٍ جمعية، الثقافةُ التي تختزلُ تاريخَنا ورصيدَ خُبُراتِنا المشتركة، هي أهمُّ ترساناتِ الدفاعِ عن مشروعِنا العربيِ الوحدَويِ المستقلِّ الذي تقعُ فلسطينُ في القلبِ منه، وبدونِها يكتملُ المشروعُ الصهيونيُ والاستعماريُ في تفتيتِ الأمةِ وإخضاعِها. هدفُهم أن نُصبحَ أمةً مشغولةً بحروبِها الداخلية، نَستقوِي بالعدوِّ على الشقيق، أمةً بِلا هويةٍ، بِلا تاريخٍ جامعٍ أو مصيرٍ مُشترَك، بِلا ثقافةٍ أو قِيَم، بِلا حواجزَ نفسيةٍ تصدُّ الغزوَ الثقافيَ، بِلا شرفٍ أو كرامة.

غير أنَّ الرغبةَ لدى  الكيان  في تحويلِ الاتفاقاتِ "الإبراهيمية" الرسميةِ إلى تطبيعٍ شعبيٍّ مُنِيَت بنكسةٍ كبيرةٍ خلالَ مونديال كأسِ العالمِ في قطر الذي كان العلمُ الفلسطينيُ حاضرًا في كلِّ مبارياتِه وساحاتِه، والمُشجِّعُ العربيُ متصديًا وساخرًا من وسائلِ الإعلامِ الصهيونيةِ المتواجدة هناك التي أرادت أن تُثبِتَ لجمهورِها أنَّ السرطانَ تمكَّنَ من الأمة. لقد تحول المونديالُ إلى استفتاءٍ علنيٍّ للشبابِ العربيِّ خصوصًا حول أمرَين: مركزيةُ القضيةِ الفلسطينيةِ في الوَعْيِ العربيِ الجَمعِي، وأهميةِ التضامنِ العربيِ كما أَظهرَهُ وقوفُ المشجعينَ العرب صَفًا واحدًا خلفَ المنتخباتِ العربيةِ وسفيرِهم في الأدوارِ النهائية: المنتخبُ المغربي.

ونحن نناقشُ التجاربَ المتميزةَ في مقاومةِ التطبيع، علينا أن نبحثَ عن رؤًى ووسائلَ إبداعيةٍ جديدةٍ، وتحالفاتٍ وتشبيكٍ عربيٍّ وإقليميٍّ ودوليٍّ، وخطابٍ معرفيٍّ وسياسيٍّ وإعلاميٍّ وفنيٍّ إبداعيٍّ جديدٍ يواكب التغيراتِ السريعةَ في مخططاتِ العدوِ وحلفائِه الجدُد، فلم يَعُدْ تطبيعُ النظامِ العربيِ الرسميِ مَستُورًا مخفيًّا.

هذا الغزوُ الصهيونيُ أصبحَ اليومَ عَلَنيًّا وصاخِبًا، يقتحمُ أوطانَنَا في مسابقاتٍ رِياضيةٍ، في الإعلامِ والتجارةِ ، في الأمْنِ والتسليحِ ، في مؤتمراتٍ ومنتدياتٍ وتبادلٍ ثقافيٍ وعِلميٍّ، وزياراتٍ حكوميةٍ رسميةٍ، وسياحةٍ وطيرانٍ، وعلى لِسانِ فتاوَى بعضِ رجالِ الدين.

نحن اليومَ على مفترقِ طرقٍ عالميٍ قد يرسِمُ لنا نهايةَ عالمِ القطبيةِ الواحدةِ، وانتهاءِ المركزيةِ الأوروبيةِ الغربيةِ التي كانت السببَ في قيامِ الدولةِ اليهوديةِ ودَيمومتِها. استراتيجيًا، نحن أمامَ قوًى وتحالفاتٍ دَوليةٍ صاعدةٍ، لديها مشاريعُها الجيوسياسيةُ المنافسةُ للمشروعِ الأمريكي. ولدينا حركةٌ عالميةٌ متعاطفةٌ مع الحقِّ الفلسطينيِّ، خاصةً في أوساطِ الشباب، وحراكٍ حقوقيٍّ دوليٍّ تَبَنَّى لأولِ مرةٍ توصيفَ الكيانِ الصهيونيِ كَنِظامِ فصلٍ عنصريٍّ "أبارتهايد".

لكن الحتمياتِ التاريخيةِ لا يصنعُها مَن ينتظرُ التغييرَ، بل مَن يستغلُّ رياحَ التغييرِ لِتوجيهِ دِفَّةِ سفينتِه إلى الوِجهةِ التي يريدُها. إنَّ إِفشالَ المشروعِ الصهيونيِ مرهونٌ باستنهاضِ مشروعٍ عربيٍّ يعملُ على استراتيجيةٍ تستغلُ رياحَ التغييرِ في المُناخِ الدوليِّ، وتُسخِّرُ حقيقةَ وجودِ قوًى إقليميةٍ صديقةٍ  .

وقبل نهاية حفل الافتتاح تم تكريم ثلاث شخصيات لعبوا دورا وطنيا بالقضية الفلسطينة والقضايا الوطنية طوال حياتهم وبذلوا الغالي والنفيس لخدمة أهدافهم الوطنية والقومية ودافعوا عن معتقداتهم وأفكارهم طوال حياتهم وهم ، المناضل عبد النبي العكري ، والفنانة التشكيلية السعودية منيرة الموصلي و المرحوم المناضل خالد غزال أمين عام منظمة العمل الديمقراطي اليساري( لبنان).