DELMON POST LOGO

في منتدى عبد الرحمن النعيمي في بيروت .. الرفض الشعبي للتطبيع في سلطنة عُمان -- 6

يقول الناشط العماني حاتم علي اليافي ، منذ نشأة الدولة الحديثة في سلطنة عُمان في مطلع السبعينات من القرن الماضي، والموقف الرسمي العماني والشعبي من الكيان الصهيوني المحتل لم يخرج عن الإجماع العربي في مسالة التطبيع مع الكيان المحتل ، وإن تخلل هذه العلاقة في فترات زمنية نوعاً من التطبيع الناعم بين حكومة السلطنة والكيان المحتل في الفترة التي شهدت توقيع اتفاقية أوسلو بين السلطة الفلسطينية والكيان المحتل وسوف نأتي على ذكرها لاحقًا.
الموقف الرسمي من التطبيع:
فعلى صعيد الموقف الرسمي مازال قانون مقاطعة إسرائيل الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 9/72 ساري المفعول والذي نص في مادته الأولى "يحظر على كل شخص طبيعي أو اعتباري أن يعقد بالذات أو بالواسطة اتفاقا مع هيئات أو أشخاص مقيمين في إٍسرائيل أو منتمين إليها بجنسيتهم أو يعلمون لحسابها او لمصحتها أينما أقاموا.." (1). كما أن الموقف الرسمي المعلن ما زال يرفض إقامة علاقات رسمية مع الكيان المحتل، ودائما ما تؤكد في البيانات الرسمية وتصريحات المسؤولين على تمسك السلطنة بالمبادرة العربية للسلام (إعلان بيروت 2002) كما هو حال كثير من الدول العربي.
الموقف الشعبي من التطبيع:
هذا فيما يخص الموقف الرسمي من التطبيع أما الجهود الشعبية في مناهضة التطبيع، وإن لم تكن تحت مظلة جامعة معترف بها من قبل الجهات الرسمية في الدولة كما هو موجود في الكويت والبحرين وقطر التي لها جمعيات ومؤسسات مرخصة تسهل عليها عملها التنسيقي والتنظيمي بين مختلف المجاميع الشعبية والمؤسسات الحكومية والخاصة، حيث ان وجود مثل هذه المؤسسة الجامعة في السلطنة  سيكون الأثر الإيجابي الكبير في تنظيم الجهود الشعبية واطلاق المبادرات الفاعلة بدلاً عن العمل العشوائي والجهود المشتتة التي تفتقد الى التنظيم الفاعلية.
ومع عدم وجود هذه المظلة الجامعة فإن الجهود الشعبية في مقاومة التطبيع في السلطنة ملموسة وشكلت عامل ضغط مؤثر على الحكومة وبعض الجهات الخاصة وحتى على مستوى الأفراد المطبعين طوال السنوات الماضية. فالمظاهرات التي شهدتها السلطنة في عدة مدن عام 2000م إثر اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية (2) واستشهاد الطفل محمد الدرة حينها، والتي بدأت نواتها بمظاهرات طلبة  جامعة السلطان قابوس بالعاصمة العمانية مسقط  قبل أن تمتد إلى مختلف المحافظات وهذا الأمر يقودنا إلى أهمية الوعي الذي تشكله الجامعات  في الوقوف مع القضايا العادلة عامة والقضية الفلسطينية بأبعادها الإسلامية والقومية على وجه الخصوص ، حيث شكلت مثل هذه التظاهرات التي جابت السلطنة شمالا وجنوبا طولا وعرضا  حدثا غير مسبوق في البلاد ،طالب فيها المتظاهرين الحكومة بإغلاق مكتب التمثيل التجاري بين السلطنة وحكومة الاحتلال والذي تم افتتاحه سنة 1996م أثر موجة التطبيع التي شهدتها عدة دول عربية بعد توقيع اتفاقية (أوسلو) ، وقد استجابت الحكومة العمانية إلى المطالب الشعبية وقامت باغلاق المكتب بشكل نهائي.(3)
ولم تتوقف الجهود الشعبية عند هذا الحد ،حيث أن هناك الكثير من المواقف التي سجلها العمانيون بمختلف شرائحهم وفئاتهم العمرية لرفض أي شكل من أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل قد تطبع فيه الحكومة أو أي مؤسسة إعتبارية أو أفراد مع الكيان المحتل ، وفي كثير من المرات لاقت تصريحات المسؤولين العمانيين الداعمة لعلمية السلام مع الكيان المحتل إستنكار ورفض شعبي كبير ومنها تصريحات يوسف بن علوي الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية السابق في حوار المنامة سنة 2018م والذي ذكر فيه أنه حان الوقت للاعتراف بوجود إسرائيل. هذا وقد مارست هذه المجاميع ضغوط غير مباشرة على هذه الجهات، ولعل عدم سماح السلطات العمانية لخطوط الطيران الإسرائيلي بالعبور على أجوائها (4) كان أحد صور هذه الضغوط التي مورست بصورة غير مباشرة بالرغم ما تمثله الأجواء العمانية من أهمية لشركات الطيران الإسرائيلي كنقطة رئيسية للعبور الى الشرق الأقصى ،وخاصة بعد فتح المملكة العربية السعودية أجوائها. كما ان الجهود الشعبية والحملات التي قام بها العمانيون على وسائل التواصل الاجتماعي كان لها نشاط ملحوظ على مستوى العربي، وكانت هذه المجاميع داعمة ومساندة لكل موقف عماني فردي أو جماعي رافض للتطبيع بأية صورة كانت.
الحراك الرقمي المقاوم للتطبيع:
وهناك الكثير من المواقف التي سجلها العمانيون المناهضة للتطبيع مع الكيان المحتل، تحت وسم #عمانيون_ضد_التطبيع ونستذكر بعض من هذه المواقف على سيبل المثال لا الحصر:
- رفض منتخب عُمان الجامعي للصالات اللعب مع الفريق الاسرائيلي خلال بطوة العالم لكرة القدم للصالات،  والتي اقيمت في البرتغال سنة 2012م. وعلى أثر ذلك قررت اللجنة المنظمة حرمان الفريق العماني من المشاركة في الدورة القادمة. ولم تشارك السلطنة بعدها في  البطولة إلى سنة  2022م ، وبالمصادفة أوقعت القرعة الفريق العماني في مواجهة فريق الكيان المحتل وقرر الفريق العماني  الانسحاب من المبارة.(5)
- رفضت مدرسة جوهرة عُمان للتعليم الأساسي التي تأهلت إلى التصفيات النهائية في مسابقة تحدي التلوث البلاستيكي سنة 2021م ، والتي نظمتنها رابطة طلاب منظمة الصحة العالمية المشاركة في الأدوار النهائية للمسابقة بسبب مواجهة احدى مدارس الكيان الصهيوني في نفس النهائي  بالرغم من فرصة المدرسة الكبيرة في حصد الجائزة.(6)
- استنكرت المجاميع الشعبية استضافة سلطنة عمان في شهر ديسمبر من سنة 2021م بطولة العالم للشباب للتزلج الشراعي، حيث شاركت متسابقة إسرائيلية في البطولة ولم تعلن اللجنة المنظمة عن ذلك، وحدث أن فازت المتسابقة بالبطولة مما أثر موجة من الاستياء الشعبي في وسائل التواصل الاجتماعي لم تشفع فيه المجاميع الغاضبة قيام اللجنة المنظمة بمنع المتسابقة من رفع علم دولة الاحتلال وعزف النشيد الوطني أثناء مراسم التتويج.
- رفضت الروائية العمانية بشرى خلفان صاحبة الرواية دلشاد، والتي تأهلت الى القائمة النهائية لجائزة البوكر العريية ية المشاركة في مهرجان طيران الإمارات للآداب بسبب مشاركة أدباء من الكيان الصهيوني المحتل، وكان الموقف الشعبي داعم ومساند بقوة للكاتبة ، كما تزامنت مع الحملة الداعمة لموقف بشرى حملة تستنكر مشاركة أحد الادباء العمانيين في المهرجان(7).
ومن نتائج هذا الحراك الرقمي المناهض للتطبيع طوال السنوات العشر الماضية ، تشكيل وعي لدى شريحة كبيرة من الشباب والشابات العمانيين/يات بمركزية القضية الفلسطينية وما تمثله من رمزية للعدالة والإنسانية، مما دعا مجموعات من الشباب إلى تأسيس عدة فرق تطوعية ناشطة في مناهضة التطبيع والتعريف بالقضية الفلسطينية ،وذلك بغية توحيد الجهود الشبابية وتنظيمها قدر المستطاع ،وخاصة بعد موجة التطبيع التي شهدتها عدة دول عربية في السنيتن الماضيات ، مما كان لهذه الفرق الدور الكبير في الحملات والحراك الرقمي الذي شهدته السلطنة ،ومن ضمن هذه الفرق التي كان لها بصمة واضحة ومؤثرة :  
دور الفرق التطوعية الشبابية في مقاومة التطبيع:
فريق سِلوان
تأسس سنة 2020م من خلال مجموعة من الشباب العماني المتحمس لنصرة القضية الفلسطينية، يعرّف الفريق عن نفسه بأنه: "عماني ثقافي يهدف إلى تعزيز المحتوى التوعوي عن فلسطين". قدم الفري خلال سنتين من بداية تأسيسه أكثر من 20 موضوعاً مكتوباً على منصاته، بالإضافة لعدد من الفعاليات والمتابعات التي تم نشرها على حسابات الفريق المختلفة، والتي يقف خلفها مجموعة من طلبة وخريجي جامعة السلطان قابوس، الذين تطوعوا في خدمة الفريق وقضيته، ما بين معدّ وكاتب ومصمم ومترجم.
فريق نضال :
تأسس الفريق سنة 2021 ويهدف إلى صناعة محتوى ضد دعاية التطبيع من خلال توضيح جرائم الاحتلال والتذكير بها وتكوين تجمع شبابي واعي و مدرك لخطورة الاحتلال  و التصدي له وكان للفريق مبادرات وحملات مناصرة للشعب الفلسطيني، كانت المبادرة الأولى بعنوان #ريالي-فلسطيني وهي عبارة عن تشجيع المجتمع للتبرع لفلسطين من خلال الجهات الرسمية وهي الهيئة العمانية للأعمال الخيرية.  المبادرة الثانية هي حملة مقاطعة واسعة باسم #ريحتها_دم استهدف فيها فضح الشركات المتواطئة مع الاحتلال وتشجيع الناس على مقاطعتها وكانت بدعم وتعاون مع ائتلاف الخليج ضد التطبيع.
فريق الحملة الشعبية الداعمة للقضية الفلسطينية "حشد"
تأسس الفريق سنة 2021م بعد معركة سيف القدس ويهدف الفريق إلى توعية الشباب العماني بالقضية وخلق جسور تواصل بين الشعبين العماني والفلسطيني.قام الفريق خلال الفترة الماضية بإستضافة عدد من الشخصيات الفلسطنية في الداخل والخارج من مناضلين وأسرى سابقين ونشطاء وذلك عبر مختلف برامج التواصل الاجتماعي، كذلك تبني حملات مناصرة تطالب بالأفراج الفوري عن الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي.