DELMON POST LOGO

رواية " قصة شعبنا والثورة" رواية عمانية لنور الشحرية

طفول : فحين تنفيك الحرب، وتضطر المغادرة خارج ديارك، تشعر باليتم والانكسار والحنين، ومهما كنت مستقراً جسدياً، إلا أنك نفسياً لا تهدأ أو تستكين

"قصة شعبنا والثورة".. رواية للأديبة العمانية نور بنت غفرم الشحرية؛ تتحدث عن فترة الثورة ومعاناتها الإنسانية.. كتبت عن مشاعر تلك الحقبة ومعاناة تلك الثورة".
تعتبر الرواية الأولى التي تصف بشكل كامل تفاصيل حياة الناس / والثوار داخل الجبال بظفار في فترة السبعينات من القرن الماضي، معاناة الناس من الحرب، وكيف عائلة صغيرة تعيش هذا الظرف العصيب والطائرات والمدفعية تستهدف الجبل وغياب التمويل الغذائي لهذه المناطق بسبب الحصار.
وتمتدح الرواية الثوار كثيرا وتقول "تحية قلبية لكل شهدائنا بلا استثناء.. لكل من دفع حياته ثمناً لكرامته وعزة بلاده.. ما زلنا نذكركم، ما زلنا نعيش مع ذكراكم أنتم الرجال الذين عرفتم الحياة على حقيقتها.. أنتم المناضلون الذين رحلتم لأعماق الأبدية، كي تشعلوا لنا شعلة الحرية، وشمعة الحياة."  وعن الثورة تقول "سيظل مجد الثورة بكل أبطاله أغنية لا تمل، ترددها قوافل " بلقيس " وتحملها موانئ اللبان ومواسم الخريف الماطرة، وتحكيها مساءات "الصرب" البهية، وليالي الشتاء الحالمة".
من خلال الرواية تتعرف على ظروف الحرب، وشرح مفصل لحياة الأهالي بالجبل، والعادات والتقاليد من زواج وثأر، والاعمال التي يقومون بها، وخلو الجبل من المدارس والمؤسسات الاجتماعية والخدمية.
تتحدث الرواية عن الحب زمن الحرب، والعلاقات الإنسانية بين المحبوب وخطيبته، والتزام المحبوب بحب الوطن والنضال من اجله.
تسرد المؤلفة ثلاث قصص للحب الممزوجة بالمواقف الإنسانية، بينها قصة الحب الرومانسية بين " سالم " احد سكان ظفار ومنى اللذان تزوجا بعد قصة حب عتيد وطويلة.. لكن العريس سرعان ما غادر عروسه ملتحقاً برفاقه في الجبل.. وبقيت "منى" تنتظر فارسها، تكابد أشواقها له، فالوطن أهم من الجميع .. لكن السعادة لم تدم، فبعد أيام أخبروها أن "سالماً" حبيبها لقي حتفه في الحرب الطاحنة.. كان فراقه مرعباً ومؤلمأ..عبثاً .. تريد الثأر لزوجها وتستشهد أيضا ..ما أقساك أيتها الحرب."
وتروي لنا "نور" على لسان البطلة "طفول" قصة "الحب الممنوع" في العرف القبلي، الذي وقع بين عمتها ورجل كان بين عائلته وعائلتها ثأر قبلي قديم، والمعاناة التي كابدتها عمتها في سبيل زواجها بمن تحب؛ وهو أمر أحسنت الكاتبة وأصابت في الإشارة إليه، لأنه يمثل أحد مآسي جنوبنا الحبيب، "سريان القبلية الجاهلية، ووجود عقليتها "الثأرية" في أوساط غالبية المجتمع، الذي ينبغي أن يكون قد تجاوزها في حياته، بحكم تغير الزمن ومعطياته.
- لم تنس "نور" ذكر أولئك الأبطال الذين شاركوا في الثورة، من دول الخليج" كالبطل الكويتي احمد الربعي".. "والمناضلة البحرينية الباسلة المعلمة "هدى" أو "ليلى فخرو" وكذلك الأستاذ البحريني "يوسف طاهر" الذي هو "احمد العبيدلي.  
وثمنت وجودهم في الثورة بقولها الرفيع:" كم هي جميلة لحظة تخطي الحدود والتجرد من العرق والعنصرية؛ والانسجام مع الضمير والإنسانية فقط"  
وأجمل عبارة عن الغربة بسبب الأوضاع السياسية والعسكرية قالت: "فحين تنفيك الحرب، وتضطر المغادرة خارج ديارك، تشعر باليتم والانكسار والحنين، ومهما كنت مستقراً جسدياً، إلا أنك نفسياً لا تهدأ أو تستكين، حتى تعود وتُقبل ذلك التراب الذي إليه تنتمي؛ "ظفار" حبيبتي وأجمل ذكرياتي، ذكريات أمسيات "النانا" والقصائد على رائحة الحطب مع وجوه مفعمة بالحب، ووجوه تحب الحياة، وتعشق الحرية والكرامة"  
وتسرد نور سيرة التاريخ بعد تسنم السلطان قابوس للحكم، وبدون رياء وصفت المرحلة بأمانة " تتغير الحياة والأوضاع وأداة البناء مثلما تتغير أفكارنا ورغباتنا واحتياجاتنا وأحجامنا، لكن تظل هناك تفاصيل لا تتغير بل تتأصل في داخلنا أكثر "
نعم ، الرواية على بساطتها، تأسر القارئ لاسيما انها توصف تجربة نضالية لعائلة او لطفلة مارست دورها النضالي في وقت قمعي، واستطاعت التغلب عليه وتلاءمت مع الواقع الجديد .
في ختام الرواية: "مررت على المقبرة، حيث يرقد أبي وكل الشهداء المناضلين هناك.. وقفت لحظة حداد أمام قبورهم، أنشد نشيد "قصة شعبنا والثورة يرويها العراك الضاري. قصتنا تثير.. كل شعب فقير وأصحاب الضمير." ومن هذه العبارة اخذت اسم الرواية.
وفي لقاء هاتفي سريع مع المؤلفة نور الشحري قالت: ان الرواية ليست 100 % من محض خيال، كما انها ليست مذكرات شخصية، مع التأكيد انها نقل لوقائع حدثت لامي وخالتي وبعض من اهلي بجبال ظفار، وتمثل جميع تلك الاحداث في بطلة القصة " طفول".
وأضافت، أحببت ان تكون الرواية مشوقة وبها حقائق واضحة وجلية ومتفق عليه من الجميع، لأنها تاريخ للمستقبل، لذا استبعدت كل المواضيع التي لم اكن متأكدة منها، والتي ليست مكان اجماع من قبل الجميع، وهي باختصار وصف أيام الحرب واحداثه.
علما بان رواية " قصة شعبنا والثورة " هو العمل الادبي الثاني للروائية العمانية نور غفرم الشحري، فقد أصدرت عام 2018 عملها الأول بعنوان " تشرق الشمس رغم كل شيء" وهي مجموعة قصصية قصيرة.