DELMON POST LOGO

الزيداني في مجلس بن رجب : أول من أطلق مصطلح معاداة السامية هو الصحفي الألماني فيلهلم مار في عام 1879.. لكنها كذبة (1)

القى د. عماد توفيق الزيداني محاضرة طويلة عن " الأيدلوجية الصهيونية - المرتكزات والأبعاد " بملتقى السبت – مجلس بن رجب مؤخرا تطرق فيها الى اصل الصهيونية ونشأتها منذ الجذور ، مع هجرتها من بلد الى اخر . للاهمية التاريخية للمحاضرة ننشرها بشكل كامل على حلقتين وهذا نصها :

نشأة الصهيوينة ..

لكي نعرف كيف نشات الصهيونيه وخلفياتها يجب ان نعود كثيرا إلى الوراء الى مكان نشاتها ومنشئها ودوافع نشاتها لان ذلك سيوضح لنا من هي ما هي الاولويه الصهيونية ونفهم الخلفيات التي أثرة في نشأتها وتبلورها كفكره.

أول من أطلق مصطلح معاداة السامية هو الصحفي الألماني فيلهلم مار في عام 1879 لوصف الكراهية أو العداء لليهود، ومع ذلك تاريخ كراهية اليهود يعود إلى أبعد من ذلك بكثير. فقد عاملت محاكم التفتيش اليهود، خاصة في إسبانيا والبرتغال نظرا لعدد اليهود هناك، أسوء معاملة في القرنين الخامس عشر والسادس عشر وبشكل خاص اليهود المتحولين إلى الكاثوليكية بسبب الاشتباه أنهم يمارسون ديانتهم في الخفية وفي معظم أنحاء أوروبا خلال العصور الوسطى، حرم اليهود من المواطنة وأجبروا على العيش في أحياء معزولة.

كان أي شخص إذا ارتدى يوم السبت ثيابا نظيفة أو أحسن مما كان يرتدي غير يوم السبت أو أكل لحم حيوان مذبوح أو سمى ذريته بأسماء عبرية يتهم أنه يهودي وإذا قبض على المتهم يرمى في السجن ويعذب في غاية القسوة.

وفي القرون الوسطى في أوروبا كان يطلب من اليهود أن يميزوا أنفسهم عن المسيحيين بشارة صفراء ترتدي ملابسهم (وهي الشارة التي بدأ مؤخرا ممثل الكيان الصهيوني في الأمم المتحدة في وضعها خلال جلسات الأمم المتحدة لإجترار وإستثارة عطف الغرب وتذكيرهم بإضطهادهم لليهود)، أو قبعة خاصة تسمى جودنهاوت. وعندما أصبح بعض اليهود بارزين في الأعمال المصرفية وإقراض الأموال ولأن المسيحية لم تسمح بإقراض الأموال بسبب الفوائد، أدى ذلك إلى طرد اليهود من عدة دول أوروبية بما في ذلك فرنسا وألمانيا والبرتغال وإسبانيا خلال القرنين الرابع عشر والخامس عشر.

كما تم حرمان اليهود من الجنسية والحريات المدنية، بما في ذلك الحرية الدينية في جميع أنحاء أوروبا في العصور الوسطى. وانتشرت إشاعات كثيرة ضد اليهود من قبل المسيحيين في أوروبا واتهموهم بأفعال غريبة مثل "تشهير الدم"، وخطف وقتل الأطفال المسيحيين لاستخدام دمائهم لصنع خبز عيد الفصح اليهودي. هذه المواقف الدينية انعكست على السياسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المعادية لليهود التي امتدت إلى العصور الوسطى الأوروبية.

وقد دعا الإصلاحي الألماني مارتن لوثر ((10 نوفمبر 1483 - 18 فبراير 1546) راهب ألماني وقس وأستاذ لاهوت ومُطلق عصر الإصلاح في أوروبا) كانت أعمال لوثر الرئيسية عن اليهود هي نحو 60,000 مقالة جمعها في كتاب عن اليهود وأكاذيبهم (لغة ألمانية: Von den Juden und Ihren Lügen) وكتاب الاسم المقدس ونسب المسيح (لغة ألمانية: Vom Schem Hamphoras und vom Geschlecht Christi)  وكلاهما نشرا في عام 1543 قبل ثلاث سنوات من وفاته.

قال لوثر، بأن اليهود لم يعودوا شعب الله المختار وإنما «أناس الشيطان»، ودعا لإحراق الكنس اليهودية وتدمير منازلهم ومنع الحاخامات من الوعظ والاستيلاء على أملاكهم، ووصفهم بأنهم «الديدان السامة» التي يجب أن «تعمل أو تطرد إلى الأبد»، وبين أنه «من الخطأ عدم قتلهم». أعمال لوثر، تركت تأثيرًا على أتباعه حتى بعد وفاته، وعلى الرغم من أن السلطات المدنية آنذاك رفضت طرد اليهود بناءً على اقتراح لوثر، فإن أعمال شغب اندلعت خلال عقد 1580 تعرض خلالها اليهود لطرد جماعي من المقاطعات الألمانية اللوثرية.

في روسيا

تزمننا مع التوجهات اللوثرية في ألمانيا واجه اليهود في زمن إيڤان الرهيب (1533 ـ 1584) أول حاكم روسي يقرر طرد أعضاء الجماعة اليهودية من روسيا، ويعود هذا إلى رغبته في استبعاد أية عناصر تجارية أجنبية. وبعد الفترة التي تُعرف باسم «زمن المتاعب» في التاريخ الروسي (1598 ـ 1613) والتي شهدت اعتلاء أمير بولندي العرش الروسي، ونشوب حرب أهلية، زاد عمق الرفض الروسي لليهود حيث إن مغتصبي العرش من البولنديين أحضروا معهم كثيراً من صنائعهم اليهود. لكل هذا، مُنع أعضاء الجماعات اليهودية من دخول روسـيا إلا لأسـباب خاصة مثل حضـور سـوق تجاري أو غيره من الأسباب. وظل هذا الحظر أحد ثوابت السياسة الروسية حتى تقسيم بولندا في أواخر القرن الثامن عشر.

كما أن هناك قوى اجتماعية داخل روسيا لم يكن في صالحها البتة السماح لليهود بالاستقرار، من أهمها التجار الروس الذين كانوا يرزحون تحت عبء الضرائب والذين كان عليهم أن يدخلوا منافسة غير متكافئة مع بعض أعضاء طبقة النبلاء الذين اشتغلوا بالتجارة والذين كانوا يتمتعون بمزايا عديدة وبمساندة البيروقراطية الحكومية.

هناك أسباب خاصة بيهود روسيا من أهمها الصراع الاجتماعي الناشب بين التجار اليهود الذين كانوا يشتغلون بتقطير الخمور وبيعها وبأعمال الرهونات والالتزام من جهة، والفلاحين السلاف الذين كانوا يتعاطون الخمر بشراهة (ربما بسبب تزايد بؤسهم) وضعف النظام الإقطاعي من جهة أخرى. أُلقي باللوم في ذلك على أعضاء الجماعة اليهودية باعتبارهم مسئولين عن سُكْر الفلاحين وإفقارهم. كما كان تجار روسيا يجأرون بالشكوى دائماً من العناصر اليهودية التجارية التي تلجأ إلي الغش والتهريب لتحقيق الربح.  

إلى أن تحولات أستراتيجية كانت في القرن التاسع عشر أثرت علة وضعهم وحسمت أمور كثيرة منها:

ألسكندر الأول  (1801 – 1825)

في فترة حكم ألكسندر الأول حاول معالجة قضية اليهود وأستيعابهم شكل لجنة لبحث أوضاعهم التي أصدرت عام 1804 مجموعة قوانين عرفت باسم "قانون أنظمة اليهود". تلخصت في ثلاثة مجالات:

1. المجال الاقتصادي: السماح لليهود بشراء الأراضي والاستيطان على أراضي الدولة، كما منحوا أحقية الحصول على القروض كبقية السكان.

2. المجال الثقافي: سمح لهم بإرسال أبنائهم إلى المدارس الحكومية والجامعات، وإنشاء مدارس خاصة بهم تدرس فيها إحدى اللغات الثلاثة (الروسية، البولندية والألمانية).

3. يخضع اليهود كبقية السكان للمحاكمة ولهم الحق في اختيار رؤساء الجاليات.

نقولا الأول (1825 – 1855)

تولى الحكم بعد أخيه السكندر الأول، اتجه إلى سياسة مختلفة بعد فشل فك عزلتهم في عهد أخية أتسمت بالشدة حيث حاول دمجهم في المجتمع الروسي. في عام 1827 فرض الخدمة العسكرية الإجبارية على اليهود من سن الثانية عشرة بحجة أن اليهود بحاجة إلى فترة تدريب أطول وكان الهدف الدمج تلقسري للأجيال القادمة منهم، وعلى اثر هذا القرار تم أخذ أبناء اليهود حيث أرسلوا إلى "الكنتونات العسكرية".

في عام 1835 وضع مجموعة قوانين عرفت باسم "دستور اليهود" والتي فيها قلص من الأماكن التي سمح لليهود بالسكن فيها، كما طرد اليهود من بعض المناطق وتحددت مدة تجوالهم داخل روسيا. كما فرض رقابة على الكتب العبرية ومنع من استخدام خدام مسيحيين في البيوت اليهودية.

السكندر الثاني (1855 – 1881) والتحول نحو الأحسن

طرأ تحول هام على وضع اليهود في روسيا في فترة حكمه، حيث قام بعدة إصلاحات من اجل جعل روسيا دولة حديثة وتحولها لملكية شبه دستورية شملت الإصلاحات اليهود منها:

1. السماح لليهود بالسكن في المدن الرئيسية مثل موسكو وبطرسبرغ.

2. بإمكان اليهود الالتحاق بالمدارس الثانوية والجامعات.

3. إلغاء قانون الكنتونات العسكرية الذي فرض في فترة نقولا الأول.

4. سمح لبعض من الفئات اليهودية بالسكن في المناطق الداخلية في روسيا والتي كان محظورة عليهم.

5. سمح لهم أن ينتخبوا وأن يترشحوا لمجلس الإقليم.

إلى أن الأمر تحول بشكل درامنيكي أثر طورطهم في أغتيالة.

الاسكندر الثالث (1881 – 1894) عواصف في النقب

طرا تحول على وضع اليهود في روسيا في فترة اسكندر الثالث الذي اتهم اليهود بالتآمر على قتل والده  اسكندر الثاني عام 1881. وعلى اثر ذلك قام بإلغاء كافة الحقوق التي حصل عليها اليهود. كما حدثت عدة اضطرابات في جنوب  روسيا والتي عرفت باسم " عواصف في النقب" وخلالها تعرض اليهود للسلب والنهب حيث استمرت هذه الأحداث قرابة ثلاثة سنوات، ولم تتدخل الشرطة والحكومة الروسية من اجل الدفاع عن اليهود كما أمر اسكندر الثالث بقتل اليهود وسلب أمتعتهم وبذلك ساهم في انتشار اللاسامية في روسيا. فرض كذالك مجموعة قوانين صارمة ضد اليهود والتي عرفت "بقوانين مايو" وهذه القوانين فرضت قيود على اليهود في جميع المجالات منها الثقافة والسكن وحرية المهنة وبلغت ذروتها سنة 1891 بطرد اليهود من موسكو.

نقولا الثاني (1894 – 1917) المذابح المنظمة

واصل نقلا الثاني في سياسة العداء ضد اليهود، وخلال فترة حكمة نظمت المذابح ضد اليهود في روسيا، والتي عرفت بمذابح كشنوف عام 1903  وخلال هذه الأحداث قتل قرابة 50 يهوديا كما هدم ما يقارب 2000 مسّكن كما ارتكب أبشع الجرائم ضد اليهود في روسيا، بالإضافة إلى ذلك فقد استمر اضطهاد اليهود في باقي المدن الروسية.

رد فعل اليهود

1. الهجرة من روسيا: على اثر عواصف في النقب دفعت فلسطين الثمن هاجر قرابة 60 ألف يهودي من روسيا إلى فلسطين وهي ما تعرف بالهجرة اليهودية الأولى.

2. تحول الكثير من الشخصيات اليهودية من دعاة إلى الاندماج إلى شخصيات حاولت إيجاد حل للقضية اليهودية من بين هذه الشخصيات كان " ليون بينسكر " الذي طالب بتأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين أو مكان أخر في كتيبه المشهور الانعتاق الذاتي: تحذير روسي يهودي إلى شعبه (المنشور دون ذكر المؤلف في 1 يناير 1882).

3. ظهور منظمات يهودية دعت إلى الهجرة إلى فلسطين منها منظمة محبي صهيون التي تأسست بعد عواصف في النقب لتظهر حركة محبي صهيون على يد " ليون بينسكر" أحد مؤسسيها ورئيسها بدعم من البارون إدموند جيمس روتشيلد.

4. تشكيل منظمات دفاع عن اليهود في روسيا إلا أن هذه المنظمات لوحقت من قبل السلطات الروسية حيث اضطر غالبية أعضاءها إلى الهجرة إلى فلسطين.

5. كان هناك رد فعل آخر من قبل بعض اليهود على اللاسامية ( في روسيا وفرنسا)‬ ‫وهو الاندماج ‪ حيث فضل بعضهم الاندماج داخل المجتمع الاوروبي المسيحي كرد فعل على‬ ‫اللاسامية الى درجة التنصر اي الانصهار داخل المجتمع الاوروبي للحصول على المساواة في الحقوق‬ ‫ولقد اّيد هذا الحل ابناء الطبقات العليا الذين خافوا على مراكزهم ومناصبهم الرفيعة ولكنهم‬ ‫كانوا اقلية لأن هذه الإمكانية لم تكن عمليه لأن المجتمع الروسي هو مجتمع منغلق على نفسه‬ ‫ومصاب بظاهرة كراهية الغريب‪.‬‬ ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

‫الهجرة‪ :‬‬‬‬‬‬‬

كانت الفئه التي ايدت هذا الحل من عامة الشعب والتي عانت من اعمال القتل ويمكن‬ ‫تقسيم اتجاهات الهجرة الى قسمين‪:‬‬ ‬‬‬‬‬‬

‫أ‪ .الهجرة الى اتجاهات مختلفة في العالم وخاصة امريكا ‪ :‬بعد ازدياد اللاسامية في روسيا هجره‬ ‫حوالي مليونين من اليهود الروس الى دول غرب اوروبا والى امريكا ‪.‬لأن امريكا بلاد متسامحة ولينة‬ ‫ومستعدة لاستيعاب اليهود اصحاب المهن الحرة‪.‬‬ ‫‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

ب : ‪ .‬ : الهجرة الى فلسطين ‪ :‬هاجر عدد قليل من اليهود الى فلسطين ضمن الهجرة اليهودية الاولى ‬ ‫اعتقدوا ان حل القضية يكون عن طريق الهجرة الى فلسطين وكانت الهجرة الاولى بعد عواصف ‫النقب‪.‬‬ ‫‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

.. يتبع