DELMON POST LOGO

موقف الاتحاد الأوربي من حرب الابادة "الاسرائيلية" على غزة

بقلم : عبد النبي العكري

منذ شن "إسرائيل" لحرب الاباده ضد الشعب الفلسطيني في غزه وتصعيد القمع الدموي في باقي فلسطين المحتله,فقد تميزت مواقف الاتحاد الأوربي بالانحياز الى جانب الكيان الصهيوني في ظل تاثير اللوبي "الإسرائيلي " والحركه الصهيونيه من ناحيه والضغط الأميركي من ناحيه أخرى .ذلك يعكس موقف غالبيه الدول وقياده الاتحاد الأوربي .

لكن هناك عددا من الدول مثل اسبانيا وايرلندا وبلجيكا يعارضون هذا الموقف علنا ويتبعون سياسات ويتخذون إجراءات تعكس موقفهم بادانه الحرب والمطالبه بوقف فوري للعمليات العسكريه الاسرائيليه  والقيام بعمليه اغاثه شامله للشعب الفلسطيني في غزه واعاده الحياه الى طبيعتها واستئناف المفاوضات التي تؤدي الى قيام دوله فلسطينيه ذات سياده الى جانب دوله "إسرائيل" تعيشان بسلام وامن مع بعضهما البعض .

لن نستعرض مجمل التطورات في موقف الاتحاد الأوربي ودوله الأعضاء والبرلمان الأوربي  منذ 7 اكتوبر 2023 حتى الان, ولكن سنقتصر على عرض لمواقفهم الاخيره  في ضؤ استمرار وتصاعد الحركه الجماهيريه المناهضه "لإسرائيل " والمؤيده لفلسطين .

الموقف الرسمي في مواجهه الحركة الجماهيريه

اثر بدايه الحرب توافد زعماء دول  الاتحاد الأوربي  وقياده الاتحادالاوربي منهم رئيسه المفوضيه اورسولا فان ديرلاين ومفوض السياسه الخارجيه جوزيف بوريل  الى تل ابيب للقاء قاده إسرائيل   وفي مقدمتهم ,رئيس الوزراء نتنياهو والرئيس اسحق هيرتزوج وغيرهم , حيث عبروا عن تاييدهم المطلق لحرب اسرئيل على غزه  وتقديم الدعم العسكري والسياسي والاقتصادي والديبلوماسي فورا ,وتعطيل الاليات والمؤسسا ت الدوليه لوقف الحرب وحمايه الفلسطينيين  ومحاسبه "إسرائيل".

وبالمقابل فقد شكلت هذه المواقف بالانحياز التام لجانب إسرائيل صدمه لشعوب الاتحاد الأوربي, في ضؤ مجريات حرب الاباده .وامام تكشف فصول الحرب الدمويه "الاسرائيليه" ياستهدافها المدنيين بمن فيهم الأطفال والنسأء وتسببها بمقتل وجرح عشرات الالاف وتدمير كل ماهو قائم على الأرض, في مشاهد مرعبه يشاهدها العالم مباشره ,فقد انطلقت في معظم البلدان الغربيه وخصوصا بريطانيا وفرنسا وألمانيا واسبانيا وإيطاليا وهولندا وبلجيكا وغيرها حركه احتجاجات ملايينينه لاسابق لها ,استنهضت المواطنين والمقيمين من مختلف الأجيال والاتجاهات والانتماءات ,لمعارضه سياسه الامر الواقع المنحازه واللاخلاٌقيه.وقد اتخذت بعض الحكومات الغربيه اجراءا ت عقابيه وتقييدات شديده لحريه التجمع والتظاهر والتعبير. ..وبالطبع نشط اللوبي "الإسرائيلي" والحركه الصهيونيه مع المؤسسات الاوربيه الحاكمه لمواجهه هذه الاحتجاجات واشهر سلاح معاداه الساميه ومعاداه اليهود. لكن هذه الاحتجاجات استمرت وازداد زخمها.واطلقت هذه المظاهرات حركه مجتمعيه واسعه ضد اسس ومؤسسات الدوله العميقه التي تتحكم بالمواطنين والوطن وتتبع سياسه خارجيه متماهيه مع سياسه "إسرائيل" والحركه  الصهيونيه ومقوضه للقيم الانسانيه ولمواثيق حقوق الشعوب والبشر وتكرس الظلم التاريخي للشعب الفلسطيني وتسوغ حروب الاباده "الاسرائيليه بحقه منذ انشاء الكيان الصهيوني على حساب الوطن والشعب الفلسطيني في 1948.

ومحصله ذلك ان هذا الحراك الجماهيري بدأ يضغط على الحكومات ومؤسسات الدوله لتصحيح مواقفها من الحرب الصهيونيه والمطالبه بوقف الحرب بممارسه ضغوط فعليه على "إسرائيل " للاستجابه لذلك وانهاء الاحتلال "الإسرائيلي " , وبالمقابل دعم الشعب الفلسطيني في مقاومه العدوان والاحتلال "ألاسرائيلي " وقيام دوله فلسطين المستقله ذات السياده الكامله .واضطرت بعض دول الاتحاد لتعديل مواقفها.

تحولات محدوده في موقف الاتحاد الأوربي

تكشف المناقشات التي جرت مؤخرا في البرلمان الأوربي والتي انتهت بالتصويت في 18 يناير 2024 على قرار "يطالب بوقف فوري ودائم لوقف اطلاق النارلحرب" إسرائيل" على غزه,والقيام بعمليه اغاثه شامله وتطبيع الأوضاع في غزه واطلاق سراح الرهائن, وفي ذات الوقت  تفكيك منظمات المقاومه الفلسطينيه في غزه وتاييده لاقامه دوله فلسطينيه  كطريق يعتد به لسلام دائم  في الشرق الأوسط و قلقه لرفض رئيس وزرا ء إسرائيل نتنياهو لقيام دوله فلسطينيه"  عن انقسامات عميقه في الاتحاد الأوربي والبرلمان الأوربي  وغلبه الانحياز للكيان الصهيوني.  وقد  فاز القرار  باغلبيه 312 صوتا مقابل معارضه 131 صوتا وامتناع 72 عن التصويت  معبرا بذلك عن انقسام عميق في البرلمان الأوربي  ولكنه تغيير إيجابي نسبيا  حيث دعى قرار البرلمان في أكتوبر2023 الى وقف انساني مؤقت لاطلاق النار.

لكن هذا القرار غير ملزم لدول الاتحاد الأوربي حيث يتوجب حسم الامر بقرار من قبل مجلس وزراء خارجيه  لدول الاتحاد ال 27 والذي انعقد في 22 يناير 2024 وحضرعلى هامشه  وزير الخارجيه الفلسطيني رياض المالكي ووزير خارجيه "إسرائيل" اسحق كاتز .ويجيء الاجتماع في ظل تصاعد حرب الاباده "الاسرائيليه" ضد الشعب الفلسطيني واستمرارها وهي في شهرها الرابع . كما ينعقد في ظل موقف "إسرائيل" برفض قيام دوله فلسطينيه واستمرار الحرب حتى تدمير حماس والمقاومه الفلسطينه  وفرض السيطره الامنيه على كامل فلسطين المحتله ومن ضمنهأ قطاع غزه .

وقد شهد الاجتماع نقاشات حاميه وانقسامات واضحه . و صدر عن الاجتماع قرار يطالب " بوقف فوري لاطلاق النار  من قبل إسرائيل وحماس , وتمكين اعمال الاغاثه الشامله دون عوائق واطلاق سراح الرهائن ,واستئناف المفاوضات المؤديه الى قيام دوله فلسطينيه كطريق ذي مصداقيه للسلام في الشرق الأوسط" ومعبرا عن القلق لرفض رئيس الوزراء "إسرائيلي بنيامين نتنياهو لقيام دوله فلسطينيه" . كما دعى الاتحاد الأوربي الى عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط وارسال قوه بحريه اوربيه الى البحر الأحمر لضمان حريه الملاحه .

ومن بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي ال 27 فقد صوتت 17 دوله لصالحه وعارضت دولتان وامتنعت 8 دول عن التصويت مما يعكس انقساما فيما بين الدول الأعضاء تجاه سبل وقف الحرب " الاسرائيليه على الشعب الفلسطيني وسبل انهاء الصراع "الإسرائيلي " الفلسطيني . ومدى تاثير وضغوط الكيان واللوبي الصهيوني وامريكا على دول الاتحاد وسياسه الاتحاد .  

وقد صرح وزير خارجيه اسبانيا ان هناك دولتان تعيقان توصل الاتحاد الأوربي لموقف موحد بادانه الحرب "الاسرائيليه " ووقفها فورا وكذلك وقف مساعدات دول الاتحاد الأوربي  "لاسرائيل" والضغط عليها لايقاف حربها,واطلاق اعمال الاغاثه الشامله لشعب غزه ,وقبول  "إسرائيل"  بدوله فلسطينيه كامله السياده. ان الدولتين المنحازتين كليه "لإسرائيل " هما  تشيكوسلفاكيا  والنمسا.

اما المفارقه فهي ان وزير الخارجيه الاسرائلي عرض على الاجتماع فيديو يعرض لانشاء جزيره صناعيه مقابل ساحل غزه لتهجير سكان غزه اليها واخر يعرض لطريق سكه حديد تصل الهند بالشرق الأوسط وتنتهي "بإسرائيل" ثم تتواصل بحرا الى اوربا .وقد رد جوزيف بوريل مفوض الخارجيه بالاتحاد عليه "ماذا تريد ,مغادره الفلسطينين لوطنهم او ابادتهم جميعأ ؟ ورغم محاوله بوريل باقناع كاتز بحل الدولتين ,الا ان كاتز لم يغير رايه , وهو متوقع من وجهه نظر بوريل .واكد كاتز اهداف "إسرائيل من الحرب هي القضاء على حماس واستعاده الرهائن ,وضمان امن "إسرائيل "بالسيطره على قطاع غزه."

وزير خارجيه فلسطين  المالكي اكد "اننا لانقبل اقل من وقف فوري لاطلاق النار " ودعى الاتحاد الأوربي لفرض عقوبات على نتنياهو ووزراؤه  الذين يدمرون حل الدولتين والسلام في  الشرق الأوسط .

هذا التحول النسبي في موقف الاتحاد الأوربي ,يشكل عامل ضغط على "إسرائيل" وحليفتها أمريكا , لكنه ولكي يكون فاعلا يتطلب قرارا ملزما لجميع أعضاء الاتحاد , بوقف فوري لامدادات الاسلحه والذخائر والدعم الاقتصادي والسياسي والدبلوماسي "لإسرائيل" وتفعيل الاليات الدوليه للأمم المتحده  وخصوصا مجلس الامن في انفاذ ذلك. وتفعيل القوانين الدوليه بحقها وخصوصا قانون منع الاباده البشريه والعقاب عليها والقانون الإنساني الدولي  وقانون مكافحه التطهير العرقي  وذلك بدعم محكمه العدل الدوليه في مهمتها تجاه جرائم "إسرائيل " وكذللك محكمه الجنايات الدوليه  لمحاكمه المسؤوليين "الإسرائيليين" وفرض عقوبات على "إسرائيل" وقادتها في حاله الاستمرار في استراتيجيتها بشن الحروب والاستيطان والتوسع على حساب الشعب الفلسطيني والبلدان العربيه,بل والاضرار بالعالم اجمع.