DELMON POST LOGO

نهار آخر .. عام جديد بعاشورائه المفعم بالمبادئ والعطاء

بقلم: رضي الموسوي

مع إطلالة الأول من شهر محرم الحرام، يحل عام  هجري جديد على الأمة العربية والإسلامية وحالها مثقل بأوضاع صعبة ومعقدة على أكثر من صعيد، وتعبر عن ما بلغناه في الاقتصاد والسياسة والثقافة وما انحدرت إليه أغلب مجتعمات الدول العربية والإسلامية في تدني الحياة المعيشية واستفحال الفساد المالي والإداري والانزلاق أكثر لمستنقع الفقر والبطالة والمرض.

إن مراجعة ما قدمه الجميع، أنظمة ومجتمعات، خلال العام الماضي على الصعيد المحلي والخليجي والعربي والإقليمي وخصوصاً تجاه قضية العرب المركزية، القضية الفلسطينية، وقراءة الحصيلة بعقلية تحليلية نقدية مفتوحة، ربما توصلنا لخلاصات تسهم في إخراج هذه المجتمعات من الأوضاع السياسية والاقتصادية والمعيشية التي تعاني منها، وإمكانية البحث عن مخارج لحصولها على حقوقها الطبيعية في الحياة الحرة الكريمة كأي بشر يعيشون على وجه الخليقة.

وبالرغم من كل هذا الاضطراب والتشويه الحاصل في الواقع الراهن، تغدو فسحة الأمل هي التي نتطلع إليها لتخفف من ضيق العيش الذي تقبع في أتونه هذه المجتمعات.

في العام الهجري الجديد نتمنى للعالميّن العربي والإسلامي كل خير بحياة ملؤها السعادة والاستقرار الاجتماعي والسلم الأهلي، وأن يعيده الله على الجميع بالطمأنينة والسلام والازدهار والتقدم والنماء.

وفي مطلع كل عام هجري تطل علينا ذكرى عاشوراء، الواقعة التي انتصر فيها الدم على السيف، وتحولت الكلمة فيها إلى جوهرة نفيسة لا تقدر بثمن، بل كان ثمنها  الدم الذي قدمه الإمام الحسين وأهل بيته وصفوة من أصحابه في معركة غير متكافئة، من أجل تحقيق العدالة ولجم الظلم وإيقاف بطش الطاغية.

كانت التضحيات الكبيرة والاستشهاد من أجل الحق والتمسك بالمبادئ والدفاع عنها هي النبراس والشعلة  التي أضاءت طريق الأحرار ليحقق الدم المسفوك نصراً مبيناً على السيف المشهر في وجه الحق.

الصراع من أجل الحق تجلى في فلسطين المحتلة، في جنين، المخيم والمدينة، حين أراد العدو الصهيوني كسر شوكة الحق والمقاومة فلم يتمكن، وخرج جيشه "العرمرمي" مهزوماً على أيدي بضعة مقاتلين آمنوا بحقهم في الدفاع عن شعبهم ومن أجل تحرير أرضهم من الاحتلال الصهيوني الغاشم، فصمدوا في وجه آلة محتلة غاشمة، وتمكنوا من تحقيق نصر باندحار جيش الاحتلال من المخيم الذي لا تتجاوز مساحته نصف كيلو متر مربع، وأوكل الصهاينة مهمتهم لوكلاء اتفاق أوسلو وتبعاته الكارثية.

كان الاحتقان بحاجة إلى تراجيديا مأساوية تشبه واقعة كربلاء وما تلاها من توحش قل نظيره في التعاطي مع نتائج معركة خاضها الإمام الحسين وأهل بيته وعشرات من أصحابه، في مواجهة جيش جرار من عدة آلاف حاك قادته الدسائس والحصار والقتل ورض الأجساد الطاهرة وتسيير السبايا مغلولات من موقع المعركة في كربلاء ليطاف بهم في المدن وأزقتها، بالنساء والاطفال والرؤوس المعلقة فوق الرماح، في واحدة من أبشع صور الفجور في الخصومة عبر التاريخ.

لكن، من تلك الواقعة غير المتكافئة ثمة دروس تم استخلاصها من الدم المسفوك ظلماً وعدواناً أهمها أن الحق وأن طُمِر تحت التراب، فهو ينبت ذات يوم شجرة راسخة جذورها في الأرض وفروعها تعانق السماء،  لينشر رحيق العدل والمساواة في الأرجاء معلناً قدوم فجر جديد من الإصلاح والعدالة والحياة الحرة الكريمة التي جاهد الحسين والأحرار من أجلها.

في العام الجديد وفي ذكرى عاشوراء، لابد من استحضار الوحدة الوطنية بين مكونات المجتمع. وحدة ترفع من شأن الوطن وتعزز اللحمة بين أبنائه التواقين لغدٍ أفضل لهم وللأجيال القادمة من خلال الشروع في الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والسير على نهج التنمية المستدامة التي تضع بلادنا البحرين على خارطة العالم.