DELMON POST LOGO

نهار آخر  .. إنهض يا "سعد"

بقلم: رضي الموسوي

هل جاءكم كلام من تعود أن ينهي حديثه للناس بجملة "لك الله يا مواطن" ذات المغزى والدلالة العميقة؟ هذا هو الأصيل ابن الأصيل شقيق الأصيل: سعد سلطان، أبو سلطان، الذي خبر الحياة بكل قساوتها وشراستها وظلمها، كما خبر النضال ضد الأوضاع المزرية التي يعاني منها ومعه فئات واسعة من أبناء شعبنا البحريني، وذلك منذ أن كان يانعا في حركة القوميين العرب يعاضد شقيقه المرحوم الفنان سالم سلطان الذي رحل عن دنيانا تاركا إرثا رائعا في الفن والسياسة والنضال الوطني والقومي الذي دام عقودا، لم تتمكن سوسة الطائفية والمذهبية أن تنخره. واليوم، يواصل شقيقه سعد سيره على هذا الدرب الطويل رغم أنه يرقد في المستشفى بعد تعرضه لجلطة في القدم، وجرثومة في الكلية.

نعتز بهذا الـ"سعد" ونحترمه ونقدر جهوده المضنية، ونُصلّي من أجل عودته لأهله وأصدقاءه ومحبيه، وندعو الله أن يتجاوز وعكته الصحية ويعود لنا مفعما بالنشاط والحيوية وبانتقاداته الهادفة المحببة بطريقة بسيطة يفهمها الجميع بلا لف ولا دوران. انتقاداته التي تضع اليد على الجرح وتسلط الضوء على أوضاع الشعب الذي يعاني ويلات الفقر وارتفاع الأسعار والبطالة وتردّي الخدمات العامة بما فيها الخدمات الصحية والتعليم ..والطرق.

**

سعد سطان، هذا الإنسان المناضل الذي ينتمي إلى طبقة العمال الفقراء والفئات المحدودة الدخل، خاض نضالات نقابية ووطنية وقومية في أكثر من موقع ومنشأة، يتمتع بحسٍ شعبيٍ مرهفٍ، يقنع المتلقي بصدقه وشفافيته وهو يبث معانات شعبه وبأنه يتسامى على جراحه وآلامه الخاصة ويركز على أوجاع الفئات التي تطحنها الليبرالية الجديدة بضرائب ورسوم تنهك البسطاء وتقصم ظهورهم بسبب تدني مستوى المعيشة والدخل المحدود جدا جدا. ضرائب يقررها أناس بعيدون عن الواقع أو لا يريدون الاقتراب منه وربما لا يشعرون بما يجري على الأرض، وأقصى ما يفعلونه أنهم يفتحون الدفاتر والأرقام ليقرروا كيف يكون التوازن المالي من جيوب الفقراء، بينما ينعم المترفون فرحين بما لديهم من ثروات!!.

جاء سعدٌ وكشف الغطاء فبان ما تحته.

**

أيها السعد وانت تنام في سريرٍ أبيضٍ توزع أبتساماتك على الحضور وتشد من أزرهم رغم آلامك الماكنة التي تحفر في جسدك المتعب..مبتسما تقابل الوجع، مستبشرا بالخلاص منه.

تجلى بجملة تمنحنا جرعة من شجاعة توزعها كل صباح بين المرضى المدهوشين بسجية جريئة لم يتعود عليها كثيرون، حين قررت مغادرة مكانا لم يعد يشبهك مستحضرا مبادئ حركة القوميين العرب السامية المناهضة للكيان الصهيوني والمستوطنين. حركة رفعت شعارها: "وحدة، تحرر، ثأر"، وسعت للثأر من الذين احتلوا فلسطين وبطشوا بأبنائها وشرّدوا أهلها وصادروا أراضيها. حركة أسست لفكرٍ تشبع به الوطن العربي الكبير. كنت يا سعد ورفاقك شموعا لدروب وعرة وعسيرة سار عليها مناضلون قبلكم وقضوا. رفاق يؤمنون بعدالة قضيتهم، وفي مقدمهم رفيقك محمد بونفور "سعد" الذي مضى مرفوع الهامة، ولم ينكس رأسه يوما، ورحل واقفا كنخيل بلادي.  

**

توزع ابتساماتك على أحبتك الذين يشتركون وأياك في كسرة خبزٍ مغمسةٍ بآمالٍ كبيرة..زوار يعشقون دربك-دربهم المضني، يدعون ذاك الفرس للنهوض من كبوة المتوثب لإطلاق صهيلٍ أصيلٍ يداعب شغاف قلوب الذين يترقبون "بودكاستا" يُشفي غليلهم ويخفف عليهم هذا الشقاء الذي طال ليله.

يا سعد،،،

لا غرابة أن يدعوا البعض عليك ولا يتمنى لك خيرا، حين يشيعون أكاذيبا تكشف ما يجول في قلوبهم المصابة بمرض. أستفرغوا ما في جوفهم من رغائب سوداء.. لا تلتفت لهم وأنت الجامح حصانك بصهيل نفخر به.. دعهم يغرقون في غيضهم وغيهم، وأنت القادم من بيت معمور متلألئ بأنوار الكعبة..تأتي متألقا بين أهلك وناسك.

لك يا أبا سلطان أن تفرح بأحبة كُثّر، ينشدون لك ولغدٍ أجمل، لم يأتي بعد، وفضاء يتّسع للجميع.

إنهض يا سعد،،،

ينتظرك الذين يعشقون سرّك المدفون في حب الوطن.