DELMON POST LOGO

جمعية البحرين الاجتماعية الثقافية تناقش رواية " المزحة " لميلان كونديرا

رسالة مزحة لحبيبته بعنوان " التفاؤل أفيون الشعوب " تهلك البطل، ويخسر مكتسباته الحزبية

نظم فريق سقف البنفسج بجمعية البحرين الاجتماعية الثقافية برئاسة الدكتورة شرف محمد علي المزعل، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة البحرين، جلسة ثقافية حوارية حول رواية " المزحة " لمؤلفها الكاتب التشيكي الشهير ميلان كونديرا بمقهى 7 تي بالسيف يوم الأحد 10 سبتمبر 2023، وقد ترأس الجلسة النقاشية الأستاذ محمود صالح الموسوي.

" إنها رواية تناقش صراع الفرد مع المؤسسة الحزبية، عندما تكون هذه المؤسسة ضيقة الأفق، وتلغي هامش الحرية للفرد، من خلال هيمنتها الإيديولوجية ورؤيتها الأحادية. بأسلوب تحليلي، ساخر، يروي كونديرا الحالة المأساوية للإنسان المحاصر داخل حلقة من حلقات الميراث الستاليني في ظل النظام الإشتراكي في تشيكوسلوفاكيا سابقا".

اسمها " المزحة "، قولا وفعلا، حيث بسبب رسالة عبارة عن مزحة أرسلها الى حبيبته ورفيقته الحزبية تقول " التفاؤل أفيون الشعوب "، على شاكلة مقولة ماركس: " الدين أفيون الشعوب "، تتحول المزحة بعد إبلاغ رفيقته هذه العبارة / المزحة لقيادة الحزب الشيوعي إلى سخرية من مكانة الحزب ودوره الطليعي، وتتحول حياة بطل القصة الى جحيم.

وفي جلسة المناقشة، تحاور 14 مثقفا من الجنسين من أعضاء الجمعية حول محتوى الرواية، والرسائل التي يرغب المؤلف في إيصالها للقارئ النبيه، لاسيما أنه اعتزل العمل السياسي الحزبي، ثم اعتزل الحياة والناس، وابتعد عن الأضواء، وعاش في هدوء مع عائلته الصغيرة في الريف حتى مماته قبل عدة أشهر .

تناقش الرواية مواضيع في فترة تدور حول أحداث عام 1968، والتي قام خلالها الاتحاد السوفيتي بالتدخل العسكري في تشيكوسلوفاكيا لإنقاذ النظام الشيوعي، وتسلط الرواية الضوء على دكتاتورية الحزب وتسلطه على حياة الفرد، حيث اعتبرت المزحة البسيطة من أحد اعضاءه استهزاء بالحزب ككل، وخلقت لعضو الحزب مشكلة، وسحبت منه كل المكاسب التي كان قد حققها.

الرواية تناقش عدة محاور، منها عودة الشخص إلى حياته الطبيعية بعد انسلاخه من الحزب الذي طغى على شخصيته الأصلية الحقيقية،

وهنا ليس المقصود بالضرورة الحزب الشيوعي بحد ذاته، بل يدور الحديث عن أي حزب شمولي يلغي الشخصية الحقيقية للفرد، وعن المواءمة بين احتفاظ الشخص بشخصيته الحقيقية وبجزء من ٱراء وأيديولوجية الجماعة، وأخيرا التضحية من أجل الحزب أو الجماعة أو القبيلة أو المعتقد.

في الرواية، يسخر المؤلف من الحزب الشيوعي، ويشير الى  اقتراب الخطأ من الصواب في الكثير من المواقف في العقل الجمعي، وتحقيق التنميط، وطغيان القوالب الجاهزة، مقابل شخصية الظل للشخص؛ لأن الحزب قد محى شخصيته الحقيقية.

وتشهد أحداث الرواية متناقضات غريبة، من مثل:

- أن البطل انتقم من صديقه الذي وشى به بعد 15 سنة،

- أنه استغل زوجة صديقه الذي وشى به انتقاما لنفسه،

- أن الصديق نفسه غير قناعاته، واصبح يتفق مع البطل في رأيه

- وأن زوجة صديقه ( الذي انتقم منه بواسطتها) تركته، بل طلقته.

الرواية هي رحلة البحث عن الذات، ورافعة التغيير للشخص، وتداخل الشخصي والعام والعمومي في الشخصية الفردية، وكيفية التوفيق بين الصراع الداخلي للفرد وتبنيه  لأفكار الحزب أو المعتقد أو الجماعة التي قد يكون غير مقتنع بها أصلا.

علما بان للمؤلف ميلان كونديرا عدة روايات أخرى مثل " الضحك والنسيان "،  و " كائن لا تحتمل خفته "، و " حفلة التفاهة " بالإضافة الى رواية " المزحة " موضع النقاش الجميل والممتع في تلك الجلسة الثقافية الرائعة.