DELMON POST LOGO

الشعلة في "برنامج سيرة ومكان": المشروع الإصلاحي هو نهضة البحرين الوطنية لكل المجالات ساهم في رقي البلاد

أهم ما أقدمه من نصح هو الإخلاص والجهد واحترام الجميع وتفهم الآخر لأن الحقد والكراهية تقتل الإنسان وتعيقه

"منذ انطلاق المشروع الإصلاحي بقيادة عاهل البلاد الملك حمد بن عيسى ال خليفة والذي أنا أسميه" نهضة البحرين الوطنية لكل المجالات "والتي ساهمت في رقي البلاد، بدأنا الانفتاح في تحريك مؤسسات المجتمع المدني وتم تأسيس أو إشهار 90 % من إجمالي الجمعيات التي تأسست في ذلك الوقت، وتم تسهيل كل العراقيل ومهدت الطريق من قبل القيادة السياسية بدءا من جلالة الملك ورئيس الوزراء -رحمه الله-  وولي العهد الذين قدموا إشارة المرونة والانطلاق، وتم إشهار أول اتحاد نقابات في مجلس التعاون الخليجي، وتم الإعلان عن الاحتفال عن أول مايو يوم العمال وعطلة رسمية الأمر الذي أبهج الجميع، وبكل جرأة تم السماح للإضرابات العمالية في القانون الجديد ما يعكس الوعي الاستراتيجي عند القيادة السياسية بقيادة عاهل البلاد ورئيس الوزراء وولي العهد، واللحاق بركاب العالم المتقدم في كل المجالات.”

بهذه الكلمات بدأ وزير العمل الأسبق عبد النبي الشعلة حديثه على مسيرته الدراسية والمهنية والوزارية خلال الأربعة العقود الماضية في لقائه تلفزيون بثته قناة البحرين مساء أمس بعنوان" برنامج سيرة ومكان ".

البداية من فريق المخارقة

يقول عبد النبي الشعلة الذي ولد في فريق المخارقة ، تأثر كثيرة بهذا الفريق الذي امتاز بالسمات الاجتماعية المنفتحة والبساطة، حيث يعيش الفقير والغني في مكان واحد لا يشعر الإنسان في ذلك الوقت بالحرمان أو قلة الأشياء بل العكس الإحساس بالقناعة والسعادة والإيمان نوع ما، حيث لم يكن هناك فوارق طبقية، الجميع يعيش بنفس الأسلوب، الإنسان العادي أو الغني، ولا إحساس بالحسد.

نعم المجتمع كان البديل الذي ملئه فقدان ابي  وأنا ذو تسعة أشهر من عمري، والوالدة لها دور في تعويض هذا الحرمان، وكانت كل البيوت بتنا، وكل الناس أهلي وكنت أتنقل من بيت إلى بيت ومن حضن إلى حضن...

الميزة الأخرى التي امتاز بها فريق المخارقة (والاسم أخذ من خرق اللؤلؤ بهذا الفريق)، هو تجانس الناس فيه والذي يعكس الصورة الحقيقية للمجتمع البحريني والروح البحرينية إلى اليوم، حيث كل الناس بمثابة أهل، أمتار قليلة من قلب المخارقة يقع جامع المهزع وبيت الشيخ قاسم المهيزع ، وعلى بعد أمتار قليلة أيضا من جهة أخرى بيت الشيخ باقر، وكذلك المعبد الكنسي لليهود، وبيت سليمان سوري وإخوانه فكتور وداود اللذان يعملان في البنك الشرقي ويدرسان معنا بالمدرسة وتعاطفنا مع أبيهم عندما علمنا أن سفينة دارا غرقت وغرق معها (وعلمنا بعد حين أنه لم يغرق)، ما أردت قوله حزنا لحزنهم وفرحنا لفرحهم، وكنا نحسد داود وفكتور أنهما لم يحضرا درس الدين بالمدرسة الشرقية قرب فريق كانوا التي أصبحت بعد ذلك المخبز الشرقي الآن، كذلك الحال بالنسبة إلى كنيسة القلب المقدس التي لا تبعد إلا أمتار عن منزلنا.

الشقاوة

عن الشقاوة، يقول الشعلة بأنه لم يتمتع بالشقاوة ربما لأنه جاد أكثر من اللازم، ولا فراغ لديه، ويعمل في فترة العصر وفي الصيف بالعطلة المدرسية.

ويقول بأنه اشتغل مع يوسف المؤيد بمكتبه الرئيس في باب البحرين، أساعد في المبيعات واعمل شاي للضيوف، وكنت أعتبره قدوة وهي بداية الطموح بهذه الشخصية المؤثرة.

بالمرحلة الثانوية، دخلت قسم الأدبي، باعتبار أن لدي خلفية قوية باللغة العربية باعتباري حافظا للقرآن في سن مبكر لان والدتي تعلم القرآن، وفي الجيل السابق الإباء أو الأهل لا ينصحون الابن اتجاهه التعليمي كما هو الحال الآن بل الإنسان يعتمد على نفسه وخياراته، وفي الحقيقة لم أستشر أحدا رغم أن كل الخيارات الأخرى مفتوحة.

في المدرسة الثانوية في المنامة هي انعكاس للمجتمع البحريني كله، حتى جلالة الملك كان معنا في المدرسة، الطلاب من الرفاع إلى المحرق إلى القرى، بل القسم التجاري في السابق كان سكنا لأهالي القرى قبل توفير الوزارة للباصات لنقل الطلبة من القرى.

الميزة التي يمتاز بها جيلنا هو القراءة، وكانت مكتبة المدرسة توفر الكتب بأنواعها للطلبة، ومنذ ذلك الحين كانت هوايتي القراءة لكتاب بارزين مثل طه حسن وجورج زيدان وغيرهم، ولم تكن كرة القدم التي يحبها الشباب من هوايتي أو ربما لا وقت لدي، العصر أساعد عمي (زوج أمي وأب إخواني من أمي) في دكانه بالسوق.

القدوة

نعم هناك بعض الشخصيات التجارية قدوتي مثل يوسف المؤيد الذي كنت أعمل معه في الصيف والمرحوم حسن الخياط، قارئ مثقف، بيته مفتوح للضيوف وهو الوحيد الذي يملك سيارة مورس صغيرة، كان حسن الملبس، ينظر إليها بإكبار.

عملت مع مقاول بسيط وأمي قبل ظهور نتائج الثانوية العامة، وبعدها تقدمت لأعمل مدرس لغة عربية وتم قبولي، ولكن قررت أن أواصل العمل مع المقاول الذي رفع راتبي إلى راتب المدرس وقدره 450 روبية (45 دينارا) وكنت مكان تقريع لأني تركت مهنة التدريس وهي نصف نهار واعمل مع مقاول صباحا وعصرا ودون إجازات، لكن ما يدور في بالي بان كيف شخص أمي استطاع النجاح في التجارة، لا بد من هذا المسار، كان ذلك عام 1966، والهدف الاسمي هو توفير مبلغ من المال لمواصلة الدراسة.

وفعلا بعد ثلاث سنوات وفرت 1500 دينار بأمل الدراسة في بريطانيا ومن ثم العمل في الصيف أو أوقات الفراغ لتوفير المال لمواصلة الدراسة إذا ما خلص المبلغ التوفير حتى وإن كان تغسيل الصحون.

السفر للهند بدل بريطانيا

كان هدفي الدراسة في بريطانيا، رغم توفر منح دراسية إلى موسكو والعراق وسوريا، وقد هيئت نفسي السفر إلى لندن وإذا بعمي زوج والدتي بحاجة إلى مرافق إلى الهند للعلاج، وهو من رباني ومن باب إنساني، ولا أحد غيري قادر على ذلك واضطر السفر معه للعلاج بالهند باعتبار أن الفترة أسبوعا بعدها سوف أطير إلى لندن لمواصلة الدراسة، وحجزت التذكرة إلى بومبي (اذكر قيمتها 10 دنانير) على الطيران الهندي، وبعد الأسبوع الأول من الفحوصات وإذا به مرض عضال ويحتاج إلى وقت أطول وبقيت ثلاثة أشهر بالهند بدلا من عشرة أيام كما هو مخطط.

بعدها قررت مواصلة الدراسة بجامعة القديس جرجيس في بومباي، وسبب اختيار لهذه الجامعة كان تحديا حيث تمت دعوتي من أحد العوائل العربية في بومبي، وتم سؤالي عن سبب زيارة الهند، ويكن في بالي قول الحقيقة عن مرض عمي أثناء العشاء، ولم أقل إني سائح، فقلت جئت للدراسة في الهند، فتم سؤالي عن اسم الكلية التي أرغب الدراسة فيها فقلت جامعة القديس جورجيس، وكان مكان تندر لان بناء هذا العربي لم يقبلوا بهذه الجامعة التي القبول بها صعب، وكان التحدي أن التحق بها وتم.

اذكر أني لبست البدلة (أفضل مع عندي من الملابس) واتجهت إلى الجامعة، واعتقدوا أني خبير تعليمي، وكان الراغبون في الالتحاق وقوفا بطابور طوله 300 متر، وتخطيتهم وكلمت مدير القبول الذي سأل عن تخطي الطابور وجوابي نعما لأني تخطيت 3000 ميل للوصول لهذا الكلي فتعاطف معي وحصلت القبول.

بداية حياة جديدة بالهند

العيش في بومباي كانت لي قفزة نوعية كاملة، البحرين الذي يبلغ عدد سكانها 700 ألف نسمها حينها لباسهم الأسود والأبيض فقط، مقابل ملايين الناس المتجانسين، أجناس بمختلف الألوان والأحجام والملابس بالألوان المتعددة مجتمع كثيف في كل شيء، أكيد هناك انبهار وإحساس مختلف وحركة متغيرة، وفي فترة الهند لم تكن الكلية هي المحور، بل المجتمع الذي هو مدرسة كبيرة، وتعلمت أهم درسا وهو التعايش مع الآخر، ناس مذاهب مختلف وأفكار متضاربة وتعايش معا واحترام للآخر المختلف، قضيت جل وقتي في الدراسة والأنشطة الطلابية واتحاد الطلبة.

العمل والدراسة

بدأت التوفير يتناقص، و1500 دينار تتآكل قليلا قليلا، وأنا في الهند لا في لندن لتنظيف الصحون، ولكن تغلبت على ذلك بمهنة لا يجيدها الهنود وهي الترجمة إلى اللغة العربية، والتدريس في بعض الكليات/ المعاهد للغة العربية والكتابة في الصحافة البحرينية وفتح لي الأخ المرحوم علي سيار صدى الأسبوع للكتابة وكان دخل لي، ربما كنت أكتب مقالات جيدة وربما كان يهدف إلى مساعدي لمواصلة الدراسة أيضا. كان معي من الزملاء كريم الشكر ونبيل قمبر وعادل عياضي ونبيل الزين (قدامى الطلبة) وخالد فخرو، وعدد من عائلة الشهاب، أحد أبناء العالي، بعد ذلك تكاثر العدد.

الكتابة في الصحافة

كانت الميول في الكتابة الصحفية موجودة ولكن الظروف خلقت مصدر دخل، وقد اقتنع علي سيار بمستوى الكتابة، عندما التقيت معه في العطلة الصيفية، كلفني بإجراء عدد من المقابلات مع عدد من السفراء الجدد في البحرين بعد اعتراف المجتمع الدولي بالبحرين كدولة مستقلة بعيدا عن المطالب الإيرانية، فعلت مقابلة مع السفير الهندي، والسفراء الآخرين.

العمل بعد العودة بوزارة الخارجية

حطت طائرة إير أندينا البحرين في تمام الساعة 9.30 صباحا يوم الإثنين، وفي نفس اليوم قدمت أوراقي للعمل بوزارة الخارجية وقابلت الشيخ عبد الرحمن بن فارس ال خليفة مدير الشؤون المالية بوزارة الخارجية، باعتبار تخصصي علوما سياسية ومجالي العمل بالخارجية أو على الأقل الخيار الأول، وربما الوحيد، وكان ذلك الوقت نمو الدبلوماسية الخارجية بعد الاستقلال، وتم قبولي بعد أسبوع من ذلك التاريخ، وكانت زيارتي إلى مجلس أمير البحرين الراحل الشيخ عيسى بن سلمان ال خليفة وتوصيته أسرع توظيفي بالخارجية، وعملت في قسم المراسيم لمدة 11 شهرا، واستأذنت من وزير الخارجية الشيخ محمد بن مبارك ال خليفة للاستقالة والذي حاول إقناعي بالعودة عنها وفي النهاية قال لي "روح الله يوفقك، جرب وإذا فشلت أرجع هذا مكانك"...

العمل في مجال العلاقات العامة

عملت في قطاع العلاقات العامة، مع المجتمع مؤسسات وأفراد من خلال مختلف القنوات بما في ذلك التلفزيون والصحافة، وبدأنا في الترجمة، ترجمة الصحف المحلية، للغة الإنجليزية مع غياب صحافة الجنية حينها، وثلاث جرائد هي الأضواء – صدى الأسبوع، المجتمع الجديد ثم المواقف، وكنا نترجم ما يدور في المجلس الوطني، وعملائنا السفارة والشركات الكبرى والإعلانات.

عضوية غرفة تجارة وصناعة البحرين

فزت بعضوية غرفة التجارة ثلاث مرات متتالية، كنت أصغر المرشحين وأقلهم مالا وخبرة مع ذلك مع التصويت، حصلت أعلى الأرقام في مجلس الإدارة والناس تقدر الذي يخدم مصالحهم.

تم تعينين في أول مجلس شورى، وهي تجربة ثرية بكل النواحي، وعندما جاء مشروع الملك الإصلاحي وهي مرحلة تاريخية، بل منعطف هام في تاريخ البحرين وتسلمي الوظيفة في هذا الظرف العصيب وكنت وزير العمل والشؤون الاجتماعية، الأمر الذي يتطلب خلق التوظيف والوظائف وكان تحد كبير، القيمة المعنوية للإنسان بكل تواضع، وبفضل القيادة والزملاء، دعمت القيادة كل المقترحات وتحقيق البرامج، استكمل من سبقني، وقام بإكمال المسيرة من أخذ الراية بعدي للمزيد، الجميع يتمتعون بدعم ومساندة بكل المشاريع.

كيف يقضي الشعلة وقته بعد التقاعد؟

يقول الشعلة إنه يؤمن بمقولة "الوقت قابلا للتمدد" وبالتالي أعيش خليطا بين التجارة والتأمل والراحة والاسترخاء والقراءة والإشراف على الأعمال الذي تم تحويله إلى الابن مشعل، والاستمتاع بالحياة الآن، لم أكن أرى أولادي وهم يكبرون، ولكن الآن نحاول نرى الأحفاد وهم يترعرعون.

المشاريع المستقبلية

لقد ألفت كتاب غاندي وترجمته لعدة لغات، وإني أجد أن غاندي وأفكاره هو استنهاض للعديد من الأفكار الجريئة والمهمة وحقق ما عجز عنه الآخرون بالعنف،،، الآن اكتب عن غاندي بصورة أخرى. التعايش والمودة ونبذ العنف مهما اختلفت الأفكار.

نعم أنا قد حققت أفكاري أو طموحاتي وأهم شيئا عندي هي ثروة من الأصدقاء في مجالات الحياة المختلفة، وأهم ما أقدمه من نصح هو الإخلاص والجهد واحترام الجميع وتفهم الآخر لان الحقد والكراهية تقتل الإنسان وتعيقه. حاوره تلفزيونيا يوسف محمد.