DELMON POST LOGO

مصائد الجواسيس وحبائل المخابرات الدولية عرض كتاب "التجنيد الاستخباراتي" -15

-كيف خدع العميل المزدوج "همام البلوي" السي. آي.أى والمخابرات الاردنية؟

-ضابط الاستخبارات الفرنسية بيار لوثيير: نعيش على نقاط الضعف وعندما نكتشف نقطة ضعف ما، نبقى جالسين وندخن السجائر ونقرأ " الفايننشال تايمز" كدلالة على سهولة المهمة"

-العميل المزدوج همام البلوي: أول عمل قمنا به كَانَ قطع العلاقة ل4 شهور حتى "تستوي" المخابرات الأردنية وتظن أن هذا الرجل تركها، فعندما يعود إليها ويقول لهم أن الأوضاع كَانَتْ صعبة يتلقفونه تلقفا

-وقعت المخابرات الاردنية والسي.آي.اى في فخ "القاعدة" وحضر حشد منهما اجتماعا في منطقة خوست بأفغانستان، وفجر البلوي نفسه وقتل 7 من كبار ضباط المخابرات المركزية الامريكية

إن عالم َ الاستخبارات عالم سري يتقبله الناس لأنهم لم يعرفوا واقعَ هَذِهِ الأجهزة ليقارنوا بين النظرة المثالية والواقع المر، وقد تسكت عن هذا الواقع أجهزة المخابرات إن رأت أن ذلك سوف يصب في مصلحتها لترسيخ الصورة والهالة حولها.
في هذه الحلقات سوف نعرض بعض القصص التجسسية بين الدول او داخل الدولة الواحدة التي وردت في الكتاب، من واقع حقيقي سُجل في مذكرات هؤلاء لمعرفة خطورة الجاسوس على أمن البلد، ونقل المعلومات للاعداء وحبائل المخابرات في اصطياد ضعاف النفوس..وهنا الحلقة الخامسة عشر  
61
"إن نسبة نجاح الَّتْجنِيد ترتفع كلما عثرت على نقاط ضعف أثناء جمعك للمعلومات عن المستهدف. يقول الضابط السابق في الاستخبارات الخاَرِجَّية الفرنسية بيار لوثيير: "نحن نعيش على نقاط الضعف؛ وإلى أن نكتشف نقطة ضعف ما، نبقى جالسين وندخن السجائر ونقرأ " الفايننشال تايمز" كدلالة على سهولة المهمة".
العميل المزدوج "همام البلوي"، وبعد أن أعتقل من قبل الأجهزة الأمنِّية الأردنية تَّم التحقيق معه، وقد اختار من البداية أن يعمل بأسلوب بين التضليل والمراوغة، قرر التعاون معهم بعد أن عرضوا عليه ذلك. يقول البلوي: "بعد لقائي الثاني مع المحقق "أبي زيد" حَيْث عرضَ علي التعاون معهم، ولـكني رفضت في البداية، وبعد ذلك أظهرت أني أحتاج للوقت للتفكير، فمنحني فرصة للغد لأتعاون معهم وكانوا يعرفون أن الوصولِ إلى عطية الله يتم من خلالي. الشيخَ عطيةَ رجل ذكي وخطير وعقل مهم من عقول القاعدة. انشرح صدري لهذه المهمة وهي خداع أعداء الله".
وكان لابد من الاستمرار في عَمَلِّية التضليل، فقد نجح في إيهامهم أنه ما سلك طريق الكتابة في الإنترنت إلا حبا في الشهرة وأنه ومنذ صغره كَانَ يعاني من مرض حب الشهرة والمال".
وفي محاولة تضليله حول المال يقول هو عن نفسه وعن مشغله أبو زيد: "أنا كنْت أستطيع دراسةَ نفسيتِهِ وأن أتحرك لأعطيه رسائل غير مباشرة عن طريقة دراسة نفسيتي، كَأن أظهر له أنني متردد في الذهاب بسبب خوفي من الموت، وكَأن أقوم وأطلب منه المال وأن أسأله عن الجوائز والهدايا التي يعدونني بها حتى يظن أنني مؤمن بدينه وهو المال«.
ثم  طلبَ منه مشغلُه ُ أبو زيد تحليلَ إصدارات المجاهدين وكان التعاون في هذا أيضًا مدخل من مداخل التضليل، يقول همام البلوي: "طلب مني التعاون في تزويده بإصدارات المجاهدين  وتحليلها، ولقد قمت بذلك مع تضليله وخداعه".
ثم قامت المخابرات بتحقيق حلم "همام البلوي" بإرساله إلى ساحات الجهاد وتكفلت بكل شيء، وقد أعطته الأموالَ الطائلة َ وساعدته في تزوير بعض الأوراق الضرورية للحصول على فيزا إلى باكستان، ثم أوفدت إليه آلاف الدولارات التي استخدمت في وقت لاحق لصالح  تنظيم القاعدة الليبي. بعد وصوله أخبرَ ، القيادي في تنظيم القاعدة عطية الله بكل ما حصل واتفق معه ومع غيره من القيادات من أجل إعداد خطة مضادة.
بعد وصوله بدأ بالخطوة التالية في خداعهم وهو الانقطاع الطويل ثم التواصل معهم ببعض المواد التي تخصُ قيادات القاعدة، يقول همام البلوي شارحا ً ذلك: "أول عمل قمنا به كَانَ قطع العلاقة لمدة أربعة شهور حتى "تستوي" المخابرات الأردنية وتظن أن هذا الرجل تركها، فعندما يعود إليها ويقول لهم أن الأوضاع كَانَتْ صعبة يتلقفونه تلقفا .
وهذا الذي حصله رب العالمين: قطعنا العلاقات َّثم عدنا إليهم بأفلام مصورة بأن الطعم قد وقع فيه قادة المجاهدين، والحمد لله أنني كنت أسرب أفلاما وأرسلها، وهذه إنما صورت بكاميرا المجاهدين، كما قمنا بإعطاء إحداثيات خاطئة ووهمية عن مواقع المجاهدين وقد فرحوا بها فرحا كبيرا.
وبعد التوثق من أنهم أصبحوا يثقون به كَانَ لابد من رمي الطعم وهو الادعاء بمعرفة مكان الدكتور أيمن الظواهري. أخبر أبو دجانة أبا زيد بأن أيمن الظواهري طلب منه أن يعالجه وان يرسل له دواء معين، ففرح أيما فرح ووصفه أبو دجانة بالرجل السكران من شدة الفرح!، فأسرع واتصل بالأمريكان ليبشرهم باقتراب موعد اغتيال الظواهري!، وأخذ يشرح لهم نجاحهم في "اختراق القاعدة" ورَّغبهم بلقاء هذا العميل الذي سيحقق لهم ما لم يحققوه طوال حربهم على "الإرهاب".
تم الترتيب لعقد اجتماع تعقده وكالة الاستخبارات المَرْكَزِية ومشغِلُ همام البلوي في المخابرات الأردنية أبو زيد في منطقة خوست في أفغانستان، وقد  تداعت الظروف لمصلحة همام.
الأصل في الاجتماعات أن يحضُرَ مشغِل أو مشغلين - كحد أقصى- للقاء العميل، ولكن بسبب حساسية عَمَلِّية همام البلوي ضد الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، قد جهزت الضابطة المسؤولة جنيفر ماثيوز فريقا ً أكبر من المعتاد للقاء. ويقول همام البلوي: "والعجيب أن أبا زيد استطاع أن يقنع فريقا كاملا من السي آي إيه لـكي  يحضروا"، بينما تَّم تحذير ماثيوز من قبل مستشاريها الأمنيين حول هذا التجمع الكبير ولكن الدليل الظرفي يوحي بأن ماثيوز لم تبال بتحذيرات مستشاريها الأمنيين« .
تَّم التحذير من همام البلوي من قبل ضابط في الاستخبارات الأردنية بأنه عميل مزدوج وقد أخبر بذلك أحد ضباط وكالة الاستخبارات المَرْكَزِية  في عمان، ولو أخذ بعين الاعتبار لربما فشلت العَمَلِّية، ولكن » لم يكترث الضابط للتحذير، ولم يمرره إلى المراكز الرئيسية للفريق.
بعد أن ركب همام البلوي سيارةً اعدت خصيصا لأخذه إلى القاعدة العسكرية الأمريكية في خوست، كَانَتْ الحواجز تُرف تباعا ً أمامه، ولم يفتش إلى أن وصل إلى الضباط ونفذ عمليته فيهم. كَانَتْ الإجراءات التي اتبعتها وكالة الاستخبارات المَرْكَزية في ذلك اليوم غير منطقية. بدا من غير المعقول أنه يسمح لشخص بالدخول  دون إخضاعه حتى لأبسط أشكال التفتيش. وكانت نتيجة الهجوم أنه أدى إلى قتل سبعة أمريكيين: جينفر ماثيوز، وهي رئيسة قاعدة وكالة الاستخبارات المَرْكَزِية، وإليزابيث هانسون مستهدفة لدى وكالة الاستخبارات المركزية،  وهارولد براون وهو ضابط لوكالة الاستخبارات المَرْكَزية في أفغانستان، ودارِن لابونتي وهو ضابط لوكالة الاستخبارات المَرْكَزِية  في محطة عمان، وسكوت روبرسون، وهو ضابط أمن في قاعدة وكالة الاستخبارات المَرْكَزية، وجيمري واينز ودين باريزي حارسا أمن من شركة services Xe المعروفة سابقا ببلاك ووتر، والآخران اللذان قتلا كانا الشريف  علي بن زيد من دائرة المخابرات العامة الأردنية، والسائق الأفغاني أرغاوان.