DELMON POST LOGO

مصائد الجواسيس وحبائل المخابرات الدولية عرض كتاب "التجنيد الاستخباراتي" -9

-صدام حسين: قبض الامريكان عليّ بعد أن وشى صديقي صحاب البيت بي مقابل المال

-جند المصريون نقيبا إسرائيليا، وعندما اكتشفه الصهاينة خطفوه وحقنوه بإبرة تخدير لكنه مات فرموه في البحر

-قالت الجاسوسة الصهيونية: لن أهدأ حتى أشاهدَ بحور الدِم المراقِ تعلوها الأشلاء الممزقة وأرى ألف زوجة عربية تبكي زوجها، وألف أم فقدت ابنها، وألف شاب بلا أطراف

إن عالم َ الاستخبارات عالم سري يتقبله الناس لأنهم لم يعرفوا واقعَ هَذِهِ الأجهزة ليقارنوا بين النظرة المثالية والواقع المر، وقد تسكت عن هذا الواقع أجهزة المخابرات إن رأت أن ذلك سوف يصب في مصلحتها لترسيخ الصورة والهالة حولها.
في هذه الحلقات سوف نعرض بعض القصص التجسسية بين الدول او داخل الدولة الواحدة التي وردت في الكتاب، من واقع حقيقي سُجل في مذكرات هؤلاء لمعرفة خطورة الجاسوس على أمن البلد، ونقل المعلومات للاعداء وحبائل المخابرات في اصطياد ضعاف النفوس..وهنا الحلقة التاسعة
35
يراهن محبو المال على الغالب والمنتصر، ويريدون أن يضربوا عصفورين بحجر، ويسعون ليكونوا في مأمن ويبرهنوا على التعاون مع هذا المنتصر، ليضمنوا كسب ثروةً طائلة، لذلك قد تجدهم يشُون بمن يتعرض لخسارة. وفي ذلك يقول الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين عن طريقة اعتقاله بعد اختبائه في أحد المزارع: "كَانَ صاحب الدار صديقا أثق به ثقة كبيرة وهو قيس النامق، وكنت آنذاك أكتفي باصطحابِ اثنين من أفراد عائلتي من المقربين لي كي لا أثقل عليه، ولـكي لا تكونَ الدار هدفا للقوات الأمريكية. كَانَتْ زوجة هذا الصديق تعِد لنا الطعامَ، وعندما حان وقت الصلاة، أطبقتُ المصحف واتجهتُ إلى مكان الصلاة، فاذا بصاحبي يأتي راكضا من خارج الدار صائحا: "لقد جاؤوا"، وكرر هذه العبارة عدة مرات.. فتساءلت عمن يكونون؟ فأجاب: الأمريكان. وعلى الفور نزلت إلى الملجأ وبعد دقائق اكتشف الأمريكان مكاني، فقبضوا علَّي من دون أي مقاومة مني.. قبل القبض علَّي تكونت لدي بعض الملاحظات على صديقي صاحب الدار.
قبل أسبوع من اعتقالي بدا لي شارد الذهن، وقد بدا وجهه يتغير وتصرفه غير طبيعي، ومن شدة ثقتي به لم يساورني أدنى شك في احتمال أن يغدر
بي. بدا لي في بعض اللحظات أنه خائف ومرتبك، ومع الأسف
فأنه ركب الهوى وتبع الشيطان وربما هي الغنيمة التي وعد بها الأمريكان. أما انا فلم أكن املك مبلغا كبيرا من المال. لاتحسب للخيانة مكانا، لذا عليكم أن تخبروا العراقيين أن قيس
النامق واخوانه هم الذين وشوا بي"
36
التجنيد لأجل المال أمر شائع فهو ليس حصرًا على فئة دون فئة ، رغم أنه استخدم كثيرا  ضد المسلمين والدول العربية، إلا أن الدول العربية أيضًا استخدمَتهُ ضد غيرها كحال مصر مع إسرائيل. ففي بداية الخمسينيات اكتشف، آل كسندر، وهو ضابط في جيش الدفاع الإسرائيلي عميل مزدوج. فكان نقيبًا في القوات الجوية الإسرائيلية، وتواصل مع السفارة المصرية في روما وعرض عليهم أمر المساعدة وتوصل معهم إلى اتفاق بأن يزودهم بالوثائق عن جيش الدفاع الإسرائيلي وعن القوات الجوية مقابل مبالغ مالية! ولكن حظ أل كسندر كَانَ عاثرًا إذ سُرعان ما كُشِفَ فاختفى عن الأنظار، واستعان الموساد بالحيلة للعثور عليه إلى أن وجدوه في باريس، فَخُطِفَ ووضع في سيارة تابعة للموسادِ ثم وضع في طائرة خاصة متجهة إلى إسرائيل، فحُقن بمادة ما كي يفقد الوعي، لكن تلك المادة بدلًا من أن تفقده الوعي قتلته، فا تخِذَ الموساد قرارُ التخلصِ من الجثةِ وذلك عبر رميها في البحر، والشاهدُ من هَذِهِ القصة أنه أحيانا ً حتى الدول المتقدمة عسكريًا وتقنيًا وتملك الأفضلية لا تُعدَمُ أن يوجدَ بينها خائن لأجل المال.
37
كون الثأر والانتقام دافعا ً من دوافع الَّتْجنِيد، خصوصا ً عندما يطغى حب الانتقام إلى درجة يفعل فيها الشخص أي شيء طالما فيه إشفاء لغليله.
الجاسوس أحمد عبد الواحد، يذكر دافع تجنيده فيقول: "بعد ما توفي أبي في وادِ الحوطة، تغيرت قلوبنا، وأصبحنا دائما في مجالسنا نذكر القاعدة بغضب، ونحمل أنصار الشريعة مسؤولية  مقتل أبي، ونعتبر أنهم هم من جلبوا المصيبة على البلاد".
وتعد قصة الجاسوسة، أمينة المفتي، من أهم الأمثلة الحية على عمليات التجنيد الجاسوسية انطلاقا ً من هذا الدافع، حَيْثُ عملت هَذِهِ المرأة لصالح الموساد انتقاما ً لعشيقها اليهودي "موشيه" الذي وقعت في حبه المحرم حتى الثمالة، فلم يستطع قلبها المفتون تقبَل صدمة موته بيد العرب خلال الحرب مع إسرائيل.
تتحدث أمينة عن نفسها واصفة شعورها بدافع الانتقام داخلها فتقول: "يوم 18سبتمبر 1978 ،وأنا في طريقي لإسرائيل، زرت شقتي بفيينا. كَانَ جسدي يرتعش وأنا أصعد الدرج، وفشلت مرات في معالجة الباب، وعندما أضأت الأنوار واجهتني صورة موشيه الـكبيرة باللباس العَسْكَرِي ، فمسحت زجاج الإطار وقبلته، وعلقت باقة من زهور البانسيه التي يحبها إلى جواره.. لقد خيل إلي أن ابتسامته الرائعة تفيض بالعتاب.. حاولت أن أستعيد ابتسامته فلم أنجح. لحظتها.. ركعت على ركبتي أمامه وأجهشت بالبكاء. رجوته بألا يلومني أو يغضب مني، فأنا أنتقم له.. وآخذ بثأره. ولن أهدأ حتى أشاهدَ بنفسي بحور الدِم المراقِ تعلوها الأشلاء الممزقة . وأرى ألف زوجة عربية تبكي زوجها، وألف أم فقدت ابنها، وألف شاب بلا أطراف. عندئذ فقط.. لمحت ابتسامته وقد ارتسمت من جديد،  وأحسست كما لو أن يديه كانتا تحيطان بي.."
وبسبب هَذِهِ المشاعر كَانَ من السهل على الموساد أن يجندها سنة 1972 ،ثم يرسلها الى لبنان تتجسس على جبهة التحرير الفلسطينية. كَانَ لها دور كبير في كشف العديد  من العمليات الفدائية وقصف مواقع المقاومة. تَّم كشفها واعتقالها سنة 1975 ،ثم تم تبادلها باثنين من الفدائيين بعد خمس سنوات من اعتقالها.
(امينة هي جاسوسة أردنية الأصل درست في فيينا، وهناك تعرفت على يهودي يدعى موشيه، فتعلقت به وعشقته عشقا جعلها تتهود وتتزوجه وتهاجر معه نحو إسرائيل. وفي 1972 جندها الموساد بعد موت عشيقها اليهودي وأرسلها إلى لبنان تتجسس على جبهة التحرير الفلسطينية. كَانَ لها دور كبير في كشف العديد من العمليات الفدائية وقصف مواقع المقاومة. تَم كشفها واعتقالها سنة 1975 ،ثُّم تمت مبادلتها باثنين من الفدائيين بعد خمس سنوات من اعتقالها. سكنت في الكيان الصهيوني بعد اطلاق سراحها ولم يعرف عنها أي شيء بعد ذلك).