DELMON POST LOGO

مصائد الجواسيس وحبائل المخابرات الدولية ( كتاب : التجنيد الاستخباراتي ) -2

-المخابرات المركزية طلبت من مراسل الجزيرة إجراء مقابلة مع القدافي

إن عالم َالاستخبارات عالم سري يتقبله الناس لأنهم لم يعرفوا واقعَ هَذِهِ الأجهزة ليقارنوا بين النظرة المثالية والواقع المر، وقد تسكت عن هذا الواقع أجهزة المخابرات إن رأت أن ذلك سوف يصب في مصلحتها لترسيخ الصورة والهالة حولها.
في هذه المقالات المقبلة سوف نتطرق إلى بعض القصص التجسسية بين الدول او داخل الدولة الواحدة من واقع حقيقي سجل في مذكرات هؤلاء لمعرفة خطورة الجاسوس على امن البلد ، ونقل المعلومات للاعداء وحبائل المخابرات في اصطياد ضعاف النفوس.
نواصل في الحلقة الثانية استعراض بعض القصص والمفاصل التي خيضت وكادت أن تؤدي إلى تفجر الوضع الامني والعسكري بين الكتلتين، الغربية بقيادة الولايات المتحدة، وبين االكتلة الشرقية بقيادة الاتحاد السوفيتي.
(3)
أحيانا، تمنع الاستخبارات الانزلاق إلى الحرب كَأن تدفع سوء الظن الذي قد يترتبُ عليه آثار وخيمة من نشوب حروب أو زيادة تصعيد أو مواجهة عَسكَرِية. يقول ضابط الاستخبارات البريطاني بيتر رايت موضحا دور أحد الجواسيس في منع التصعيد العَسْكَرِي بين الاتحاد السوفيتي وحلف الناتو: "فالعميل الشنازي توباز واسمه الحقيقي راينز راب كَانَ رجلَ ماركوس وولف داخل الناتو.
عندما حشد حلف الناتو قواته في العام 1983 لإجراء مناورة تدريبية لعموم الدول الأوروربية لإنذار نووي من أعلى مدتها عشرة أيام، واسمها الرمزي: آيل آرتشر، تخللها محاكاة المستويات، كَانَ أشخاص أمثالَ تباز من أقنعوا قيادة الـكرملين الثمانينية بأن كل تلك الاستعدادات لم تكن لتوجيه أول ضربة نووية.. انها المناورات فقط .. فتفادى العالم حرب نووية محتملة حينها".
(4)
ومن ذلك أيضًا ما صنعه الجاسُوس السوفيتي "ريتشارد سورج" في اليابان إذ كَانَ الهدف الَّرئِيسِي لشبكته "هو إبلاغ ستالين في منتصف عام 1941 بدليل محدد هو أن اليابانيين لم تكن لديهم في ذلك الوقت نية للقيام بأي عَمَلِية عسكرية ضد الاتحاد السوفيتي". ومن أجل هذا "ينبع دافع التجسس على دولة أخرى من القلق من نواياها؛ لأن الخوف  من الحرب حاضر دائما". التجسس قد يزيلُ التوجسَ من بعض تصرفات الدولة المعادية ويفسره ويصبح مفهوما ً فيزول التوتر. "يستطيع التجسس رفعَ مستوى التوتر في بعض الأوقات، ولـكنه يستطيع تخفيضَه أيضا. ويساعد في التعامل مع الشك والارتياب بشأن نوايا الطرف الآخر".
(5)
وللتجسس مزايا لمعرفة الآراء السيَاسَّية لرؤساء الدول وإستراتيجياته تجاه الدول الحليفة وإرسالها ِ لصناع السياسَةِ. "يمتلك القادة الأمريكيون شهية لا تشبع للمعرفة عن أندادهم الأجانب، إنهم يرغبون في معرفة سياساتهم وشخصياتهم، ويريدون إدراك طبائعهم. وتكرس وكالة الاستخبارات المَرْكَزية الـكثير من الوقت والجهد لخدمة هَذِهِ المتطلبات"، وترى ذلك في طلب الاستخبارات الأمريكية من المعتقل لديها في غوانتيناموا ومراسل قناة الجزيرة سامي الحاج أن يصبح عميلًا لها فيجري مقابلات مع الزعماء فيذكر كل شيء يمْكِنُ ملاحظته حولهم، ينقل سامي الحاج عن الاستخبارات طلبها: "عندما يطلب منك مثلا أن تجرِي مقابلة مع معمر القذافي، تصف لنا المكان والإجراءات الأمنِية وتحركات القذافي، وتصرفاته،  وطريقة كلامه بعيونه، وعلمه، والملاحظات التي تراها، فهذا يفيدنا في عملنا".
(6)
الاستخبارات لا تستثني الصديق أو العدو، رئيس دولة أو أي عامل فيها، فقد تكلم ضابط الاستخبارات الأمريكي هنري كرامبتون عن محاولة تجسس على زعيم أجنبي تمت في أحد الفنادق بعد أن أخبرهم أحد المجندين العاملين هُناكَ بقدوم هذا الزعيم من خلال جهاز التحكم (الريموت) بوضع جهاز تحكم تَّم تعديله خصيصا ً وصمم لالتقاط الصوت، يقول كرامبتون: "أوجز زعيم أجنبي إستراتيجيته حيال دولة مجاورة، هي حليف وثيق للولايات المتحدة، وحولنا التقرير إلى مركز القيادة وإلى محطة وكالة الاستخبارات المَرْكَزِية في البلدين للاطلاع والتعليق، وسلمنا الاستخبارات إلى صانعي السياسَة في الولايات المتحدة وإلى الجهاز  الحليف في البلد المجاور، وزودنا حليفنا بدوره بمزيد من المعلومات عن البلد المعني،  فالعمل  الاستخباراتي يوصفُ دائما ً بأنه خادم السياسَةِ «.
(7)
إعاقة التقدم المهني للأشخاص المشتبه بهم أو تغييرهم من وظائفهم الحساسة أو إقالتهم منها. يقول رئيس وكالة الاستخبارات المَرْكَزية  الأسبق ألين دالاس "إن أي دولة إذا أرادت أن تحمي نفسها من اختراق العدو فلابد أن تقوم ببعض الخطوات ومن بينها التأكدُ من ولاء موظفيها الذين يَشْغَلُونَ وظائفَ حساسةً.
وتطبيق ذلك تَّم في الحرب الباردة، فقد كَانَتْ الدولة تستخدم تلك المعلومات المجمعة سرا إعاقة التقدم المهني للألمان الشرقيين الذين يكتشف ان لديهم اتصالات لتقوم بتدابير استباقية أيضا". وفي الغرب كَانَ الأشخاص الذين يشتبه بأن لديهم  ميول شيوعية يمنعون سرا من شغل وظائفَ معينة".
وعندما حامت الشكوك وكثرت ً حول مشتبه به اسمه "واتسون" والذي بعد البحث في ماضيه تبين أنه كَانَ منظرا ماركسيا في شبابه، وله علاقة قوية مع أعضاء شبكة كامبريدج الخماسية التابعين للاتحاد السوفيتي، وتملك زوجته وابنته عضوية في الحزب الشيوعي، وهو يعمل في موقع حساس تَّم نقله من من عمله، وذلك بناء على إصرار المخابرات البريطانية الداخلية، حيث جرى نقل واتسون فورا من  الطبيعة السِرِّية إلى معهد دراسة المحيطات، حَيْث ظل يعمل هناكَ حتى تقاعده
.ورغم أن هدف الجاسوسية المضادة هو هدف دفاعي إلا أن وسائلَه ُ وسائل هجومية؛ هدفها الأمثل "هو كشف خطط العدو في مراحلها الأولى أكثر من كشفها بعد أن تبدأ التخريب"؛ ولذلك ترى الجماعات أو المنظمات أن ضبط الأمن في داخلها يقي من الخسائر.
..يتبع