DELMON POST LOGO

مصائد الجواسيس وحبائل المخابرات الدولية ( كتاب : التجنيد الاستخباراتي ) -1

أن عالم َ الاستخبارات عالم سري يتقبلها الناس لأنهم لم يعرفوا واقعَ هَذِهِ الأجهزة ليقارنوا بين النظرة المثالية والواقع المر، وقد تسكت عن هذا الواقع أجهزة المخابرات إن رأت أن ذلك سوف يصب في مصلحتها لترسيخ الصورة والهالة حولها.
في هذه المقالات المقبلة سوف نتطرق الى بعض القصص التجسسية بين الدول او داخل الدولة الواحدة من واقع حقيقي سجل في مذكرات هؤلاء لمعرفة خطورة الجاسوس على امن البلد ، ونقل المعلومات للاعداء وحبائل المخابرات في اصطياد ضعاف النفوس.
                                               (1)
وبالعودة إلى تاريخ الحضارات القديمة، نجد أن السجلات التاريخية تخبرُنا بالكثير عن الَّتجنِيد الاِسْتِخْبارِي ، بل نجد أن بعض المصادر التاريخية تسميه فنا ً . في تاريخ منطقة ما بين النهرين مثلا ً؛ نجد أن مملكة »ماري« -وهي واحدة من الممالك البابلية في سوريا القديمة نشأت على ضفاف الفرات في حوالي 1815 قبل الميلاد- قد كَانَتْ تعتمد على الَّتجنِيد الاِسْتِخْبارِي في حروبها بِشَك ل كبير. ففي عام 1757 قبل الميلاد، كَانَ "زيمري ليم" ملكًا على »ماري«، وكان قد استطاعَ استعادةَ حدودها وتأمينها بعد صراعات إقليمية وحدودية.
من خلال الاستعانة بالجواسيس من سكان الممالك المجاورة؛ لنقل أخبار جيوشهم وتحركاتها نحوه . لكن مملكة »ماري« سقطت على يد المحارب البابلي الشهير حمورابي في العام نفسه 1757 قبل الميلاد؛ بعدما علم بخطط جواسيس زيمري ليم، فاستغَّل الجواسيسَ بالطريقة ذاتها للهجوم على المملكة والسيطرة عليها، بعد مكاتبات عديدة بينه وبين جواسيسه. كذلك استطاع قادة جيش حمورابي ابتكار فكرة الأسرار الزائفة وتسريبها إلى رجال زيمري ليم وتضليلهم، ومن ثم ُتم الانتصار على خططه، واحتلال المملكة. وتجدر الإشارة إلى أن حمورابي لم يكن واحدًا من أبرع من استخدم الَّتجنِيد الاِسْتِخْبارِي والجاَسوسَّية في التاريخ القديم فحسب، بل كَانَ أيضًا أول من أنشأ مكتبةً لحفظ الوثائق السِرية، ورسائل جواسيسه،  وجواسيس الأعداء.  
                                           (2)
وكذلك تحقيق التفوق التقني بناء على  سرقة الأسرار العَسكَرِيةَّ والتقنية، وهو ما يساهم في توفير مال التجارب عبر الحصول على المخططات الأصلية واستنساخها. مثلا ؛ نجحت الاستخبارات المَرْكَزِية  الأمريكية في سرقة عدة أسرار تقنية سوفيتية عبر جاسوسها أدولف تولكاتشيف، وهو عالم طيران روسي وجاسوس للمخابرات المَرْكَزية الأمريكية بين عامي 1977-1985 ،وقد تمكن من الوصول إلى مخططات رادارات المقاتلات السوفيتية،وبالتالي ساعد الولايات المتحدة الأمريكية في التفوق عليها،وعلق جايمس بافيت -نائب مدير العمليات السابق في الوكالات المَرْكَزِية  الأمريكية- قائلًا: »وَّفرَ تجسس تولكاتشيف المليارات على الولايات المتحدة، وضمن لنا تفوقا جويا في الحرب الباردة«  في منعطف حرج في الحرب الباردة .  
كما ساهمت المعلومات الاستخبارية التي يتِم الحصول عليها عبر الَّتجنِيد في الحفاظ على حياة الجنود زمن الحرب »ففي الحرب العالمَّية الثانية؛ أي عميل يهبط بالمظلة خلف خطوط العدو سيواجه احتمالا كبيرا جدا أن يقع في قبضة العدو أو يموت أو كليهما. لـكن عندما تكون الاستخبارات جيدة فهي قادرة على حفظ مئات الأرواح، مثلما حصل مثل ا في عمليات   إنزال النورماندي« .
وفي النصف الثاني من سنة 1942 وصلتنا الأنباء بأن قرار غزو  قد اتخِذَ مبدئيا . وقررَ أن تكون مهمتنا تزويد هيئات أركان الجيوش المهاجمة أفريقيا الشمالية بالمعلومات. هَذِهِ المعلومات كَانَتْ تدور بِشَكل خاص حول نشاطات الاستخبارات الألمانية  والإيطالية شمال إفريقيا، كذلك حول مؤيديها من جماعة نظام فيشي« ..
(يتبع .. )