DELMON POST LOGO

مصائد الجواسيس وحبائل المخابرات الدوليةعرض كتاب "التجنيد الاستخباراتي" (5)

- تمادى العميل في الجلوس مع جاسوسة نظام الاسد فوقع في غرامها وجندته

-الاستخبارات الأمريكية تجند عملائها عبر النساء، تصورهم َبصور فاضحة ثم تهددهم وتبتزهم بهذه الصور

إن عالم َ الاستخبارات عالم سري يتقبله الناس لأنهم لم يعرفوا واقعَ هَذِهِ الأجهزة ليقارنوا بين النظرة المثالية والواقع المر، وقد تسكت عن هذا الواقع أجهزة المخابرات إن رأت أن ذلك سوف يصب في مصلحتها لترسيخ الصورة والهالة حولها.
في هذه الحلقات سوف نعرض بعض القصص التجسسية بين الدول او داخل الدولة الواحدة التي وردت في الكتاب، من واقع حقيقي سُجل في مذكرات هؤلاء لمعرفة خطورة الجاسوس على أمن البلد، ونقل المعلومات للاعداء وحبائل المخابرات في اصطياد ضعاف النفوس..هنا الحلقة الخامسة
17
أحيانا ً يحصلُ الاختراق المضاد بسبب العلاقات العاطفية أيضًا، كما حصل في أحد قصص الَّثورَة السورية، يقول الراوي: "من بعض القصص التي عايشناها عيانا ً خلال الَّثورَة السورية في ريف درعا، قصة رجل كَانَ يعمل مع جهاز الأمن الَّثوري في مراقبة امرأة أربعينية كَانَتْ تعملُ مجندةً لصالح نظام الأسد، وتتمثل مهمتها في جمع المعلومات عن الثوَار وتجنيد المخبرين داخل المناطق المحررة.
ورغم التوجيهات الصارمة من المشغِل بعدم الاختلاط مع هَذِهِ المرأة أو الانفراد بها، كَانَ عميلنا هذا يتمادى في الجلوس مع جاسوسة النظام ويكثر من مكالمتها، مما جعلَه ُ بعد ذلك يقع في شباك غرامها، ويصبح أحد الرجال المخلصين لها في  تجنيدِ الشباب لصالح مليشيات النظام، وقد ضُبط العميل بعد ذلك وعرض على المحاكمة".
فوقوعه في غرام هَذِهِ المرأة جعله ينقلبُ على أصحابه وبدلًا من أن يضبط عمليات الَّتْجنِيد لصالح النظام أصبح هو نفسه من يجندُ لصالح النظام!.
18
أحيانا ً على العكس ما يجعل الشخص يكفر بنظامه السياسي ويهرب من نظامه البوليسي هو وجود علاقة مع امرأة، ، وهذا يحصل مع عتاة المجرمين أمثال ستاشنسكي عميل الاتحاد السوفيتي الذي قام باغتيال اثنين من قادة حركة المهاجرين الأوكرانيين سنتي 1957-1959؛ فقد اعتقد انهما ماتا في ظروف غامضة ولم تعرف ظروف وفاتهما إلا بعد أن هرب ستاشنسكي وسلم نفسه إلى البوليس الألماني سنة 1961 واعترف أنه قتلهما برذاذ الساينيد الذي يقتل في الحال، وكان سبب انشقاقه "أنه وقع في حب فتاة ألمانية ودخل في صراع مع قادة جهاز الأمن الداخلي الروسي بسبب هَذِهِ العلاقة، وكان هذا هو السبب الَّرئِيسِي لـكفره بالمخابرات الروسية وهروبه".
19
وهذا النوع (الابتزاز عبر الجنس)  قد برع فيه البعض مثل »ماركوس وولف« رئيس الاستخبارات الخاَرِجَّية في المانيا الشرقية بجواسيسه الجنسيين الذين يغرون خصومهم ويجعلونهم في أوضاع مخلة،  وقد تسبب هذا المدخلُ للتجنيد في سقوط العديد من قادة الجماعات الإسلَامِّية ذات البعد الَّثورِي.
يقول المسؤول الأمني لتنظيم القاعدة عبد الله العدم "أكثر الجواسيِس العربِ الذين استطاع جهاز استخبارات القاعدة أن يلقي القبض عليهم كَانَتْ نقطة الضعف عندهم دائما النساء". وكالة الاستخبارات المَرْكَزَّية الأمريكية كَانَتْ تجندهم عن طريق النساء، تصورهم َبصور فاضحة مع النساء ثم تهددهم وتبتزهم بهذه الصور؛ "إما أن تعمل معنا وتتعاون وإما أن ننشر هَذِهِ الصور على الملأ".
ومن أكبر الضربات التي تعرض لها تنظيم القاعدة بقتل الرجل الثاني فيها وهو أمير تنظيم القاعدة في جزيرة العرب أبو بصير ناصر الوحيشي؛ كَانَتْ عن طريق الجَاسُوس رشاد قرشي عثمان الذي جُند من خلال الابتزاز الجنسي. يقول الجَاسُوس رشاد قرشي عثمان حاكيا ً قصة تجنيده: "الاستدراج كَانَ عن طريق الحرام، وحصل تصوير، كَانَ بدون علمي، يعني خلسة وفي الآخر كَانَ لابد أن أتنازل، أنا مخطئ وعندهم علي ما يثبت، فتنازلت. وبدأت من هَذِهِ الخطوة بالسقوط".
20
ولكن ليس دائما ً يأتي هذا الأسلوب بنتائج إيجابية، بل أحيانا ً يرفض المبتز ولو كلفه ذلك حياته أو سمعته أو تقوم الجهة المسؤولة عنه بإجراء يجعله عديم القيمة لمن حاول ابتزازه.
ولا أدل على ذلك من قصة الضابط في الاستخبارات السوفيتية "سيرغي غريغورفين"، فقد رصدته الاستخبارات البريطانية وهو في علاقة مع امرأة في لندن، ولكن لم تطل العلاقة طويلًا حتى انتهت، فطلب من إحدى النساء أن تعرفه على امرأة أخرى، فتنبهت الاستخبارات البريطانية لذلك الطلب. يقول الضابط الاستخباراتي بيتر رايت حاكيا ً تتمة القصة: "عرضت الخطة على رئيس الجهاز فيرنيفال جونز الذي وافق عليها فورا وقد جرى البحث عن المرأة المناسبة لهذا العمل، حيث كَانَ لديهم عدد من فتيات الطبقة العليا، وتم انتقاء الفتاة وقُدمت لغريغورفين الذي سرعان ما ارتبط مع الفتاة".
ولكن انتبهت الاستخبارات البريطانية أن الضابط السوفيتي غريغورفين يولي اهتماما ً بجانب الجنس أكثر من إقامة العلاقة العاطفية؛ فوجدت أن تجنيده قبل علاقة الحب لن يجدي بل لابد من إيقاعه بوضع مخل وتصويره وابتزازه، فأعدوا لذلك خطة. ويكمل بيتر رايت  قائلًا: "استأجرنا غرفة ووضعنا فيها مرآة خاصة وأجهزة تصوير، ووصل غريغورفين والفتاة إلى الشقة، وبعد أن صورنا لهما فيلما لمدة 10 دقائق وهما في السرير، قام اثنين من رجال أمن جهاز الاستخبارات الداخلي بفتح الباب وقالا: إنها إحدى عميلاتنا، فيما أسرعت الفتاة بالخروج، وأشار الضابط إلى المرآة، ونظر غريغورفين الى الكاميرا لدقائق ثّم استوعب الوضع فقال: أنا دبلوماسي، أطلب أن أتحدث إلى السفارة، لدي جواز سفري. وقال أحد رجال الاستخبارات البريطانية: لنواجه الأمر، لقد انتهيت يا غوريغورفين سيعيدونك إلى موسكو إذا اكتشفوا الأمر، يبدو أن الحياة في الغرب تناسبك أكثر. فنحن نعرف كل شيء، أمضيت أربع سنوات في أمريكا وثلاثا في الدنمارك والآن في لندن، لماذا لا تبقى هنَا؟ سنعتني بك وسندفع لك مبلغا مناسبا وستكون بأمان. رفض الروسي العرض بإشارة من يده وطلب ثانية التحدث إلى سفارته. كَانَ غوريغورفين جنديا صلبا مما جعلنا نتأكد أنه لن يتخلى عن معتقداته ولن يصبح عميلا لنا. لذا أعدنا إليه ملابسه وأنزلناه في مكان قريب من حدائق كينغستون بارك. وهكذا ضاع  جهد شهر من التخطيط وسنين من الصبر والانتظار!".
أحيانا ً تقوم الجهة المسؤولة بالتعامل مع الابتزاز بإفقاد المستهدف المكانة التي كَانَ عليها فلا يكون نافعا ً للعدو"، وأول ضابط في وكالة الاستخبارات المَرْكَزية أرسل في 1953 في الاستخبارات السوفيتية، إلى موسكو، تعرض للإغراء على يد مدبرة منزله وكانت عقيدا  وتم تصويره بالجرم المشهود وابتزازه فطردته الوكالة لعدم تحفظه.