DELMON POST LOGO

مصائد الجواسيس وحبائل المخابرات الدولية عرض كتاب "التجنيد الاستخباراتي" -6

-استخدم الامريكان إحدى الساقطات للإيقاع بسيد قطب ظهر الباخرة وعندما فشلوا ارسلوا أجمل منها الى غرفته

- يأتي الجواسيس الفجائيين من تلقاء أنفسهم إلى السفارات الأمريكية لتقديم معلومات استخباراتية من أجل المال أو من أجل تأشيرة دخول..أو للنصب

إن عالم َ الاستخبارات عالم سري يتقبله الناس لأنهم لم يعرفوا واقعَ هَذِهِ الأجهزة ليقارنوا بين النظرة المثالية والواقع المر، وقد تسكت عن هذا الواقع أجهزة المخابرات إن رأت أن ذلك سوف يصب في مصلحتها لترسيخ الصورة والهالة حولها.

في هذه الحلقات سوف نعرض بعض القصص التجسسية بين الدول او داخل الدولة الواحدة التي وردت في الكتاب، من واقع حقيقي سُجل في مذكرات هؤلاء لمعرفة خطورة الجاسوس على أمن البلد، ونقل المعلومات للاعداء وحبائل المخابرات في اصطياد ضعاف النفوس..وهنا الحلقة السادسة

21

الشخص الذي يظهر أنه مفيد لأجهزة الاستخبارات، سوف تستميت هذه الاجهزة لتجنيده، ودونك قصة سيد قطب رحمه الله، فقد حُكِيَ أن الأمريكيين  استخدموا "إحدى الساقطات لإغرائه وإغوائه وهو على ظهر الباخرة"، ولما لم تنجح ووصل إلى أمريكا بدأت المحاولات من جديد، أولها بعدما دخل غرفته في الفندق. يقول سيد قطب: "كَانَ الباب يقرع ففتحت فإذا أنا بفتاة هيفاء جميلة فارعة الطول شبه عارية يبدو من مفاتن جسمها كل ما يغري. وبدأتني بالإنجليزية: هل يسمح لي سيدي بأن أكون ضيفة عليه هَذِهِ الليلة؟ فاعتذرت بأن الغرفة معدة لسرير واحد، وكذا السرير لشخص واحد! فقالت: وكثيرا ما يتسع السرير الواحد لاثنين!! واضطررت أمام وقاحتها ومحاولة الدخول عنوة لأن أدفعُّ الباب في وجهها لتصبح خارج الغرفة وسمعت ارتطامها بالأرض الخشبية في الممر"، وأضاف " الحمد لله هذا أول ابتلاء وشعرت بإعتزاز ونشوة، إذ انتصرت على نفسي"!.

ولكن هل توقفَ الأمريكان عن المحاولة؟ الجواب: لا "لم تنقطع المحاولات الأمريكية لإغرائه وإغوائه. مثل تلك الفتاة التي قامت بجهد كبير لغوايته. ولاحقته من جامعة إلى أخرى، وتلك الفتاة التي ناقشته في معهد المعلمين في مدينة جريلي في كولورادو في مسائل جنسية مكشوفة، وعامل الفندق الذي عرض عليه تلبية ما يريد من نزوات جنسية طبيعية أو شاذة، والممرضة التي كَانَتْ تغريه وهو في المستشفى بإسماعه مواصفاتها التي تطلبها في الشخص ليكون عشيقا لها، والفتاة الجامعية التي تريد أن تمحو من فكره النفور من الرذيلة الجنسية وتزعم أنها عَمَلِّية بيولوجية جسدية لا داعي لإقحامها في المعاني الأخلاقية وغير ذلك".

22

الاهتمام بالمال قد يكون لعدة اعتبارات، أولها أن الشخص مفتون بالمال ويحبه حبا ً جما ً، أو لا يكون كذلك وإنما يمر بظروف تجعله في حاجة إلى المال، كما هي قصة أشهر الجواسيس الأمريكيين على الإطلاق "ريك إيمز". إن أنواع العملاء الذين تفضلهم وكالة الاستخبارات الأمريكية للتجنيد هم "المسؤولون الذين يحيون حياة مسرفة ولا يستطيعون الاستمرار فيها إلا أن وكالة الاستخبارات المَرْكَزِية  رُبَمَا لم تعلم أن هذا النوع هو المفضل أيضًا لدى خصمها التقليدي جهاز الاستخبارات السوفيتية   ( KGB)، فمن خلال هذا المدخل تَّم تجنيد "ريك إيمز" لصالح السوفييت ضد بلده أمريكا. كَانَ هذا الجَاسُوس متزوجا ً من امرأة أسمها "نانسي سيجبارث" ثم ساءت أحواله معها، وتعرف على امرأة أخرى وقد كَانَتْ تعمل بمنصب الملحق الثقافي في السفارة الكولومبية وهي "ماريا ديل روزاريو". ومن أجل إقامة تسوية لطلاق المرأة الأولى والزواج من الثانية، ثم إن نمط حياة الزوجة الجديدة "روزاريو" المفرط في التبذير جعله يحتاج ماليأ ومصروفات أكثر وتكاليف أكبر، وقد كَانَ يعمل كرئيس فرع مكافحة التجسس الخاص بالعمليات السوفيتية داخل وكالة الاستخبارات المَرْكَزِية، وعَلم أن السوفييت قد عرضوا على أحد الجواسيس الأمريكيين مبلغ خمسين ألف دولار مقابل أن يعمل لصالحهم، ومع سوء الأحوال المعيشية وكثرة إنفاق الزوجة الجديدة التي أراد أن يتمسك بها بقوة مهما كَانَ الثمن، تقدم هو للعمل مع السوفييت؛ ولأنه يعمل في مكافحة التجسس فقد كَانَ يعرِفُ أسماء الجواسيس الذين يعملون لصالح الولايات المتحدة في الاتحاد السوفيتي، فوشى بهم بِشَكل تدريجي حتى جففَ مصادرهم إلى الحد الأقصى، وفي ذلك تقول ساندي غرايمر اختصاصية في مكافحة التجسس في وكالة الاستخبارات المَرْكَزية للدلالة على أثر ريك المدمر داخل وكالة الاستخبارات المَرْكَزِية  في سنة 1985: "لم يعد لنا شيء، أصبحنا بلا عمل فقد أعدِمَ عشرة من الجواسيس بسبب خيانة إيمز".

23

وهذا لا يعني أن أمريكا لم تستغل ذات السبب من أجل الَّتْجنِيد. يحكي "هنري كرامبتون" أنه التقى أحد الأشخاص لتجنيدهم وكان هذا الشخص يشتكي في معظم الأحيان من "مرتبه الحكومي الضئيل" فكان فرصة ممتازة للتجنيد. يضيف كرامبتون: "هو طماع بِشَكل سافر. أرادَ المالَ مقابل نسخة من الإنجاز الشخصي". قال هذا الشخص لهنري في أحد اللقاءات هكذا ببساطة" ولأنه طماع فقد عرض مبلغ ألف دولار كمرتب ، فخفضه هنري إلى ثلاثمئة دولار فقط فوافق على مضض، وبعد  تجنيده والعمل معه كَانَ تقييمهم له "أنه أنتج معلومات تافهة".

24

يحكي هنري كرامبتون أيضًا عن الجواسيس الفجائيين الذين يأتون من تلقاء أنفسهم إلى السفارات الأمريكية لإعطاء معلومات استخباراتية من أجل المال أو من أجل تأشيرة الدخول إلى الولايات المتحدة: "سبق أن قمت في فترة وجيزة من حياتي المهنية باستخلاص معلومات من عشرات يأتون من تلقاء أنفسهم، وهم في معظمهم من النصابين والأوغاد وبعضهم مثير للشفقة، وقلة منهم متطوعون صادقون يريدون المساهمة في فتات بعضهم من المعلومات لقاء أموال نقدية أو تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة". ولكن فقط قلة قليلة منهم الذين استمر معهم العمل".