DELMON POST LOGO

ردا على مقال عبد النبي الشعلة: جمعية التجديد شعلة تنوير لا داعية تكفير

المقال معاكس لخطاب جلالة الملك وللدستور ولجهود تثبيت وتعزيز سمعة البحرين كواحة للتنوع والتآلف والتعددية والتسامح الديني
مع تصريح قيادة المملكة الموقرة متمثلة في جلالة الملك المعظم بأنّ البحرين (تجدّد دعوتها لتجريم خطاب الكراهية الدينية والطائفية والتطرف والإرهاب) ومع مطالعتنا عناوين صحف مملكتنا بنسائم الخير بأنّ بحريننا هي (بلد المحبة والتسامح وملتقى التآلف والتعايش)، ومع دعوات العالم العاقل والمتطور للحوار كأسلوب قرآني وحضاري وإنساني، وقبول التنوع وحرية الفكر ودسترة الحقوق والوعي بها، كأصل ربّاني، لاسيما الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 18 من العهد الدولي بالحق في حرية المعتقد الديني لجميع المواطنين، والمادة 27 على ضرورة كفالة الحق لجميع أفراد الأقليات الدينية، بأن يجاهروا بدينهم ويقيموا شعائره.
ويضيف نص البيان الصادرعن مجلس إدارة جمعية التجديد الثقافية الاجتماعية ، (طبقا لحرية حق الرد تنشر " دلمون بوست " نصه كاملا) ، تطالعنا صحيفة البلاد امس (12 مارس) بمقال شاذ محتقن معاكس لخطاب جلالة ملك البلاد المعظم ولدستور المملكة الحبيبة، ولجهود تثبيت البحرين وتعزيز سمعة بلدنا الكريم كواحة (للتنوع والتآلف والتعددية والتسامح الديني). طالعتنا بأحد مقالاتها لوزير سابق ورئيس مجلس إدارة الصحيفة بمقال شنيع بعنوان (الجماعة... بين التجديد والتجديف وحرية الرأي والتعبير)، حيث تضمن المقال سيل مهول من الإدانات والتجريمات والشتائم والتحريض وترديد الأكاذيب والتشهير مستبقا حكم القاضي للتأثير على القضاء وحكمه في القضية الكيدية المرفوعة علينا زورًا وعدواناً في ساحة المحكمة الجنائية.
فأين الرقابة على دور النشر؟ أين تجريم خطاب الكراهية والعنف؟ أين العدالة من مثل هذا التحريض الصريح على أمن وكرامات مواطنين؟ كيف سمحت صحيفة محلية لنفسها القيام بدور المدّعي والقاضي والجلاّد؟ كيف سمحت لنفسها بالتكلم باسم الشعب كلّه والشعب تنوّع فسيفسائي لهم حقوقهم وكرامتهم جميعا؟ هل يدرك أن الشعب ليس لطائفة وليس لفرقة في طائفة ناهيك لبعض المتطرفين المغالين فيها؟ فهل هذا ما يريده التطرّف المذهبي المقيت بمواجهة الفكر المختلف معه بالإرهاب والتنمر والتحريض وتسميم القلوب بخطاب الكراهية والتشويه على الملأ في صحيفة مجازة رسميا وتقع تحت طائلة قانون الصحافة والنشر ومساءلة القانون؟
ألا يخالف كلُّ هذا القانون؟ بل أليست هي قضية تكدير أمن وترويع لمواطنين بوصف جمعية كاملة مرموقة ورائدة بجميع أعضائها وأبنائهم وعوائلهم بأنهم مفسدون كما جاء في المقال؟ أليس تغيير اسم الجمعية من (التجديد) إلى (التجديف) جريمة في حد ذاته؟! أليس استدعاء لغة عصور الظلام ومحاكم التفتيش، له قانون يُحاسب على هذا التكفير العلني بتسميتنا (كافرين، منافقين، مجدفين، مارقين، عابثين، مهرطقين، مهلوسين، متمادين في الغيّ)؟
ولسنا بحاجة لشاهد على نفس التكفير والتحريض من غير كلمات المقال، فهذه هي عبارات المقال، نضعها بين يدي الدولة، وغيارى الوطن، وكل متابع لنا في داخل البلاد وخارجها:
(عدم التهاون وعدم القعود عن مواجهة العابثين والمجدّفين) (إنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا) (إنقاذ حرية التعبير والفكر والمعتقد في المجتمع من أيدي العابثين والمارقين) (الجماعة التي تمادت في غيّها) (طالت بالإساءة والتشكيك والاستهزاء والتجريح صلب معتقدات المسلمين جميعًا) (جارحة لمشاعر الناس ومعتقداتهم) (حملوا أفكارًا شاذة غريبة منبثقة من خرافة تواصل واتصال مؤسسها بالإمام المهدي)!
من أين صحّ له هذا الهراء والكذب الفجّ الذي يشيعه الخصوم الحاقدون الإرهابيّون؟ هل قرأه في مئات من أدبياتنا ومرئيّاتنا طوال 30 سنة؟ هل رأى ولو كلمة واحدة تدلّ عليه؟! فلنواصل استعراض تحريضه العلني:
(ظلوا يعملون في السر والخفاء) (افتقار مؤسّسيها للخبرة والمكانة وللتحصيل العلمي والأكاديمي والفقهي) (شذوذ وخطورة طروحاتهم) لا ندري كيف يجيز إنسان عادي لنفسه أن يكون حاكمًا على عقائد مفكّرين ومستوياتهم العقلية والأكاديمية والعلمية والإيمانية؟ ما هذا الجبروت والطغيان والعدوان؟
(تتحدى مشاعر المجتمع وتنتهك الأنظمة والقوانين) (قامت ثلة من شبابهم المتحمس بالسطو على أفكار عدد من المفكرين الحداثيين العرب والمستشرقين واستنساخها بشكل هجين مرتجل وفي صورة هلوسات فكرية ضحلة وهرطقات وزخرفات لغوية مبهمة)! هلاّ سمّيت لنا مصادر السطو أيها المحترم؟ وأين هي الهلوسات؟
ويورد كاتب المقال مواصلا التحريض: (تشويه منظومة المعتقدات المستقرة في ضمائر الناس بمختلف أطيافهم) (أطروحات هذه الجماعة وتجلياتها كالسهام المسمومة التي وجهت إلى أفئدة ووجدان المؤمنين وإلى رموزهم الدينية ومعتقداتهم الروحية)، أين براهين كلّ هذا الزعم؟
ثم يأتي كاتب المقال المُغرض بسيل الاتهامات للتأثير في القضاء وتأليب الدولة: (فلا يجوز للدولة أن تحرم المجتمع من ممارسة حقه الدستوري والاستنجاد بالسلطة القضائية لحمايتهم وحماية معتقداتهم مما يتعرضون له من تعدي وسخرية وتحقير واستهزاء) (من حق كل مجتمع أن يعتز بقيمه ومعتقداته وأن يحميها من الإساءة والتشكيك والاعتداء والتحقير)، فأين رأى كلّ ذلك؟ وما دليله اليقيني القصدي الجنائي؟ ثم أليس هذا شأن القضاء العادل وهو بالفعل ينظر في القضية فلماذا التحريض؟ هل تخافون إنصافنا من قبل القضاء بعد أنْ أنصفنا كلّ عاقل حيادي مطّلع؟ أم أنتم قلقون من قوة بياننا وحجتنا التي أخرست تلك القلّة المتسلطة المنتسبة للعلم من أشباه المتعلمين الذين لا يجيدون سوى البهت والكذب والقطيعة والوقيعة بين الناس بالصراخ من على المنابر؟  
أهذا ما تريد الغلواء المذهبية الظلامية أخذ البلد المتسامح إليه؟ أكان هذا الأستاذ لسانها وأداة بيانها؟ بتلويث سمعة الوطن المعروف بالتسامح به، وشغل الناس فيه بالفتن المصطنعة لغرض ضيق خاص، ولتتذابح باختلاف قضايا الدين والفكر بدل أن تتعاون على البر والتقوى لتقيم أوطانها بدل إيقاد أضغانها؟!..
هل انتصرت كنيسة عصر الظلمات حين أسكتت المفكّرين كجاليلو، أم اندحرت؟ هل بحربها على أفكار التنوير والتطوير جعلت عنوةً الأرضَ مسطحة أم العقول؟ هل أوقفت دوران الأرض أو أوقفت دورانها هي مع الحق أينما دار؟
إننا نجازف بجعل سلامة الوطن وسلامة مالنا ودمنا وعرضنا في رقبة مشايخ العنف والإرهاب وفي ذمّة كُتّاب مثل هذه المقالات المنفلتة اللامسئولة التي لا تبتغي صلاح وطن ولا تقصد حماية دين، وهل يفعل ذوو الألباب هذا؟ كيف نأمنهم على الوطن وسمعته وتقدمه ووحدة صفه وقد خالفوا بديهيات قول نبينا (ص) "كل المسلم على المسلم حرام، ماله ودمه وعرضه"، و"مَن كفر مسلمًا فقد كفر"، و"أيما مسلم قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما"، فكيف بمن قال: يا مجدف، كافر، منافق، مارق، عابث، مهرطق، وحرّض عليه كلّ بشر وحجر؟ أهذا ما أمر به الله تعالى وأوصى به نبيُّ الرحمة والأمّة (ص)؟ أهذه لغة رجل دولة كان له سابق عهد بثقة قيادة دولة تسعى لموضعة نفسها كبيئة للتعددية ورائدة للفكر وفي وقت تستضيف فيه فعاليات عالمية لنشر ثقافة التسامح والسلام والاحترام والتعدّد، ونبذ كلّ أشكال العنف وخطاب الكراهية؟  
يأتي هذا الخطاب ونحن مقبلون على شهر الرحمة والسلام والتقوى والإلفة، ولكن بعض الجهات المتشنجة لا تطمع إلا للسطو والتمكن، ولا تدخر جهدا للتمكن من توجيه عدالة البلاد ونزاهة قضائها لإفساد البلاد وقلوب العباد لإشاعة الفوضى، أما غرض الغرض فهو الظفر بالسلطان وكما تصرّح دائما، فهي دائمة السعي لبسط يدها بالشرّ لكل مختلف معها، وهي لا تملك اليوم إلا بسط لسانها به، فماذا لو بسطت يدها؟
تأملوا خطابها فهو في خلاف وتضاد مع وصايا نبيها الكريم (ص)، (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)، هل تهب منه نسائم سلام أو يفوح منه عطر محبة، أو يدعو لسيادة قيم إنسانية؟ لن تجدوا لأنه خطاب كراهية وبغض وعدوان يُعزفُ على أوتار قيثارة الشيطان ليكون أبناء الوطن (مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ [الروم: 32]
اللهم إنا نُشهدك ونُشهد جميع خلقك أنا لم نَسلم من لسانهم ويدهم، لم نسلم من مكائدهم وعدوانهم وطغيانهم، أولئك الذين نضبت ضمائرهم من الرحمة، وقطّعوا أواصر القربى، ولا تريد لجموع الناس البريئة ولا للوطن الغالي الرحمة والسلام، تبغض التنوع، ولا تسمح للآخر بأن يعتقد بخلافها، أو يفكّر خارج صندوقها، بل أن يعبدها دون الله تعالى، ويسجد لها ويخافها دون خالقه. ونحن نقول لا إله إلا الله وحده، محمد رسول الله وعبده، حسبنا الله ونعم الوكيل، وحمى الله بلدنا وأهله، من دعاة الفتن والتحريض، وهداهم الله وهدانا.