DELMON POST LOGO

" رحلة الوفاء للبصرة "

بقلم سيد شرف محسن الموسوي

 بينما كنت انا وفريق العمل جالسين في أحد مقاهي البحرين نتباحث من أجل اعادة اللحمة ولم الشمل لخريجي جامعة البصرة في السبعينات وبداية الثمانينات أتاني احد زملاء العمل وقال لي بالحرف الواحد "غريب أمركم انتم خريجي الجامعات العراقيه تحنون الى ماضي لم تكونوا تعيشون فيه برفاهية كما انتم الان"، نظرت اليه متحيرا ماذا أقول له حتى استذكرت احدى المقولات العربية التي تقول "بعض الناس اذا وجد من أسعده اليوم نسي من أسعده بالامس" ثم استرسلت معه بالكلام قلت له هل تعرف ان بعض استشاريي مستشفيات البحرين في التسعينات والألفية الأولى هم خريجي العراق وبالأخص جامعة البصرة وكذلك جزء كبير ممن استلموا مناصب كبيرة في الدولة والشركات الكبرى في البحرين هم خريجي العراق وجامعة البصرة بالأخص وكان هؤلاء واكثريتهم المطلقة يدرسون ويسكنون ويأكلون على حساب الحكومة العراقية ومن اللؤم ان تنسى اليد التي امتدت لك وكل هذا الفضل وهذا الجميل في الوقت الذي كنا نحتاج فيه الى الدعم المادي والمعنوي للدراسة ولم تكن بعد توجد جامعات في البحرين.

وسأبدأ لكم من حيث انتهينا.

 قام احد زملانا مشكورا وهو الدكتور سعيد العلوي بالتواصل مع ادارة الجامعة من أجل امكانية الزيارة والاطلاع على انجازاتها واستذكار ما مضى ولم نكن نتوقع هذا الترحيب والتشجيع من قبل ادارة الجامعة وفي الحال استلمنا دعوة الزيارة من رئاسة الجامعة ومن رئيس الجامعة شخصيا الدكتور سعد شاهين حمادي، إلا إن الظروف الأمنيه وصعوبة إستصدار التأشيرة في بداية الأمر حال دون تنفيذها في وقتها حتى أتى الفرج بأفتتاح كأس الخليج والسماح للخليجيين بالدخول بدون تأشيرة.

 كنا 23  شخص طالب وطالبة هم من استطاعوا ان يلبوا النداء ويلتحقوا بالفريق ولكن كان الكثير من زملائنا الاخرين يتمنون الالتحاق إلا إن ظروف العمل والأرتباطات العائلية حالة دون ذلك. طبعا قبل ان استرسل في سرد تفاصيل هذه الرحلة لابد ان استذكر انجازات فريق العمل.

 عمل الفريق بجد ومثابرة وعلى رأسهم الاخ العزيز علي النشابة منذ بداية 2018 بمحاولة لم الشمل وعقد لقاء لكل الطلبة والطالبات حتى نجح مشكورا بعقد هذا اللقاء في رمضان 2018 وكان لقاء حميميا بمعنى الكلمة استذكرنا فيه تلك المرحلة الجميلة من حياتنا وأصر الجميع على أستمرار هذا اللقاء بشكل سنوي إلا إن الكرونا جمدت كل الانشطة والفعاليات لمدة حوالي سنتين، السنة الماضية وبعد أنتهاء الكرونا جددت اللجنة انشطتها وعقد لقاء أخر وكان الحضور كبير جداً لم نكن نتوقعه ومن هنا تحمس الجميع واتت فكرة الزيارة للبصرة.

 بتاريخ 5/1/2023  شددنا الرحال للبصرة عن طريق الكويت ثم الى سفوان وهناك على الحدود استقبلنا فريق الجامعة بحفاوة وتكريم، ما أن وطأت أرجلنا أرض البصرة حتى جالت بخواطرنا تلك الايام الخوالي التي رغم بساطتها الا انها من أجمل ايام حياتنا وهنا استذكر مقولة لأخي العزيز وزميل دراسة وعضو الفريق الزائر الأخ سلمان الصائغ يقول:

(هذه السفرة تعتبر نبش للذاكرة بكل مقاييسها حيث تخيل نفسك وانت جالس في مكتبك تتصفح ملفاتك القديمة واذا بك تنظر الى فيلم قديم تأكلت اطرافه يحكي عن فترة رغم عنائها الا انك تتمنا من كل قلبك ان تعود) كما يقول في مقال أخر (غريب هو حال الذكريات تبكينا اجملها وتضحكنا أقساها) ويقول (أن هذه الزيارة لا يمكن تسجيلها كباقي الزيارات ففيها تناغمت موسيقى الروح وفلتان الفكر واهات القلب تذكرنا في هذه الزيارة كيف كان الشعب العراقي يتعاملونا معنا كانوا يفضلوننا على انفسهم تحت شعار

" أنتم طلبة عرب مغتربين فلكم الافضلية")

ويقول (هذه الزيارة ذكرتنا بأن الشعب العراقي لا زال كما فارقناه شعب طيب وبسيط وكرمه تجاوز الحدود وخصوصا البصراويين منهم الشيئ الوحيد المختلف الان هو حرية التفكير وحرية العقيدة).

 في اليوم الأول لنا في البصرة 6 يناير وفي بادرة من جامعة البصرة قمنا بزيارة إلى اليخت الرئاسي الذي بناه صدام حسين ولم يتمكن من استخدامة بسبب الحرب في العام 2003 وما تلاه من أحداث إلى حين استعاد العراق هذا اليخت باعتباره املاك دولة في العام 2014 وتم تكليف جامعة البصرة بإدارته ولاستخدامه في الابحاث العلمية، وحاليا يستخدم كاحد المناطق السياحية حيث سمح للعراقيين والضيوف بالتجوال في بعض قاعاته وردهاته.

 كنا في هذا اليوم نخطط لحضور أفتتاح خليجي 25 ولكن لم يحالفنا الحض لاسباب عدة، استمتعنا بمشاهدة الافتتاح في بهو الفندق وهناك عقدنا جلسة بحرينية قدمنا فيها للضيوف من الحضور الحلوى والسمبوسة والمتاي البحريني كما شاهدنا مباراة الفريقين العراقي والعماني.

 في اليوم الثاني 7 يناير توج حضورنا بلقاء رئيس الجامعة الدكتور سعد شاهين حمادي وعمداء بعض الكليات ( عميد جامعة الزهراء الطبية وعميد كلية الصيدلة في جامعة البصرة ومدير العلاقات الثقافية في جامعة البصرة) حيث استقبلنا في مكتبه وتبودلت الكلمات الجميلة والهدايا واخذ الصور التذكارية. حيث كلفني زملائي بألقاء كلمة الشكر نيابة عنهم والتي جاء فيها.

معالي الدكتور سعد شاهين حمادي الموقر

رئيس جامعة البصرة

السيد عميد كلية طب جامعة الزهراء وعميد كلية الصيدلة جامعة البصرة مدير العلاقات الثقافية المحترمين

السلام عليكم ورحمة الله وبرركاته،،،

نحن مجموعة من طلبة البحرين خريجو جامعة البصرة، الذين تجاوز عددهم (400 ) طالب وطالبة، تخرج معظمهم من هذه الجامعة العريقة التي سخرت أمكانياتها ومقاعدها الدراسية للطلبة العرب ومن ضمنهم الطلبة البحرينيين.

هذا الشرف الذي حضينا به سيظل في أعماقنا ديناً وتاريخاً لا يمكن نسيانه.

لقد تبوأ الكثير من خريجي الجامعة مواقع متقدمة سواء في المنظومة الحكومية لمملكة البحرين أم في   مجال قطاع الأعمال، ويفخر جميع هؤلاء بدور جامعة البصرة العريقة.

نيابة عن كل هؤلاء، أتقدم لكم شخصيا وإلى جميع أعضاء الهيئات الإدارية والتعليمية والأكاديمية القدامى منهم والحديثين بجزيل الشكر والأمتنان والى طلبة الجامعة كل التوفيق والنجاح. وأمتناناً نحن المجموعة نتقدم لكم ومن خلالكم إلى جمهوية العراق الشقيق حكومة وشعباً بكل التقدير والعرفان، ونأمل أن نتمكن من تنظيم مثل هذه الزيارة في المستقبل، وأن نراكم ضيوفا أعزاء في بلدكم الثاني مملكة البحرين.

وتقبلوا سعادتكم خالص الشكر والتقدير ،،،،

والسلام عليكم ورعمة الله وبركاته.

 وبعد الظهر ذهبنا مبكرين للأستاذ الرياضي (في منطقة المعقل) المزمع فيه اقامة المباراة بين منتخبنا ومنتخب دولة الامارات الشقيق، حيث تمكن زميلنا الأستاذ عبد الله الدرازي من التواصل مع الاتحاد البحريني لكرة القدم وتم توفير 25 تذكرة لدخول المباراة، ولضمان الحضور والحصول على موقع مناسب حيث كنا على يسار المنصة الرئيسية. وكان لموقعنا دور كبير في اضفاء أجواء جميلة لتشجيع فريق المنتخب حيث انتهت المباراة بفوز البحرين 2/1 وكان الحماس في التشجيع كبيراً بعد أن اكتملت المقاعد المخصصة للمشجعين البحرينيين وقد شاركنا أحد اعمدة التشجيع " نواف حيات" بلإضافة الى بعض الأخوة العراقيين الذي ساهموا في التشجيع. شكراً لكل هؤلاء الذين أضفوا نكهة خاصة لتشجيع الفريق والذي اعادني شخصياً 45 عاما لأيام الشباب.

 في اليوم الثالث 8 يناير الموافق يوم الاحد تم التنسيق لقيام اعضاء الفريق بزيارات الى الكليات المختلفة كلاً حسب كليته التي تخرج منها، حيث تم التنسيق مع عمداء الكليات لزيارة المقار القديمة للكليات وكذلك الكليات الجديدة للاطلاع على الاوضاع ومعايشة الاجواء المختلفة في المواقع في الكليات الجميلة والجديدة والألتقاء مع الطلبة والطالبات، كما قام الزملاء بزيارة الى الاقسام الداخلية التي كنا نسكن فيها.

 بعد الزيارة الرسمية قام بعض اعضاء الفريق بزيارة إلى مواقع كلية العلوم وكلية الهندسة وسكن الطالبات القديمة في منطقة التنومة التي أزيلت بسبب الحرب العراقية الايرانية حيث حولت منطقة الجامعة الى سكن لأبناء المنطقة وتم نقل الكليات الى داخل منطقة البصرة. مما لابد من القيام به هو زيارة تمثال الشاعر البصراوي بدر شاكر السياب الذي لازال في موقعه السابق، أحضر بعض الزملاء صوره القديمة لنفس الموقع ليلتقط صور حديثة للمقارنة بين الماض والحاضر بعد مرور 43 سنة. ولم يفوتنا اعادة ذكريات ركوب الماطور للتجول برحلة في شط العرب، وكان الماطور هو وسيلة المواصلات المتاحة آنداك، بالإضافة الى الطبقة، للوصول الى التنومة، الآن توفرت جسور معلقة حديثة سواء للمشاة أو السيارات.

 في اليوم الأخير 9يناير، غادرنا أرض البصرة متجيهين الى دولة الكويت الشقيقة تمهيدا لعودتنا الى البحرين ظهر يوم 10 يناير. وبذلك أنهينا أحد رحلاتنا التاريخية التي كنا منذ زمن نحلم يتحقيقها، بعد مرور 43 عاما لم يكن من السهل تحقيق هذا الحلم لو لم تكن هناك رغية حقيقية من الزملاء والزميلات الذين صمموا على الوصول الى الجامعة التي كانت سبباً رئيسيا في الحصول على الشهادة العلمية التي يحملها خريجي جامعة البصرة والتي تبوأ الكثير منهم مناصباً قيادية، كما أصبح العديد منهم من أمهر الأطباء المعروفين على المستوى المحلي والعربي.

 إن ما كنا نسمع عنه ونشاهده على محطات التلفزة لمن حضر خليجي 25 من كرم الضيافة عشناه فعليا خلال الأربعة أيام التي أقمنا فيها في البصرة، حيث استقبلنا اخوتنا العراقين بطيبة اخلاقهم وحسن كرمهم الاصبل بمقولة يقصدونها وأين ما ذهبنا "جفن فراش وجفن إلحاف" لقد دعُينا عشرات المرات لنكون ضيوفاً على اخواننا العراقيين في بيوتهم، للسكن والأكل والمواصلات.

 

 قبل ان أختم كلامي هذا لابد من قول الحقيقة وهي ان البصرة كانت جميلة وبسيطة الا انها الان اجمل واحلى بعشرات المرات عما كانت عليه سابقا وشعبها لازال كما هو طيب ومضياف وهي تتلهف للزوار العرب وتتمنى لقائهم ومن يقول انها غير آمنة فهو مجافي للحقيقة والواقع، كل شيء متوفر من أرقى انواع المطاعم إلى المجمعات التسويقية (المولات)، وشط العرب الجميل جدا والكورنيش الذي يحفه من الجانبين وهو يعتبر بحق وحقيقة من الكورنيشات الحيوية التي رئيتها، أتمنى من كل العرب زيارة البصرة فهي تستحق العناء والسفر لها.

 كما لا يفوتني في نهاية هذا الموضوع إلا أن أتقدم بجزيل الشكر والامتنان لأخوتنا في جامعة البصرة وعلى راسهم رئيس الجامعة الدكتور سعد شاهين حمادي على كل ما قدموه لنا من تسهيلات وخدمات وأتقدم بخالص شكري لزملائي في لجنة التنظيم الذين نسقوا وسهلوا للجميع تلك الزيارة التاريخية وهم د سعيد العلوي وعبدالاله السعيد وعلي النشابة والشكر موصول للأخ الصديق علي العطار الذي كان دينمو المجموعة وصاحب المواقف الرحبة.

في الملعب لدعم فرق البحرين
بالجامعة